02 نوفمبر 2025
تسجيلمنذ أكثر من عام تقريباً، طرحت على صفحات جريدة الشرق الغراء فكرة إنشاء قاعدة بيانات للمتقاعدين الذين ما زالوا في أوج عطائهم والراغبين في مواصلة خدمة وطنهم ومجتمعهم، وكان عنوان المقال التوطين الوظيفي باستخدام قاعدة بيانات المتقاعدين. وقد لاقت هذه الفكرة الاستحسان والتأييد من قبل الكثير من القراء والمتابعين وخصوصاً المتقاعدين منهم، بل إن عدداً من المرشحين لانتخابات مجلس الشورى تبنوا الفكرة، وأضافوها إلى جداولهم الانتخابية أثناء انتخابات مجلس الشورى إيماناً منهم بأهمية الاستفادة من هذه الخبرات والكفاءات في مجالات العمل المختلفة، وبالرغم من جدوى الفكرة أو المقترح المطروح، والذي سيفيد ويستفيد منه كل من المتقاعدين والقطاعين الحكومي والخاص، فإنه حتى كتابة هذا المقال لم تقم أي من الجهات المعنية أو التي لها القدرة على تفعيل هذا المقترح بالعمل على مناقشته على أقل تقدير محاولة بحثه وتطويره. ولعلنا نتفاءل خيراً بعد صدور القرار الأميري رقم (58) لسنة 2021 في شهر أكتوبر الماضي، والذي قضى بإنشاء ديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي كهيئة تابعة لمعالي رئيس مجلس الوزراء ذات شخصية معنوية وموازنة ملحقة بموازنة مجلس الوزراء، الأمر الذي يعطي ديوان الخدمة المدنية استقلالية ونفوذاً وموارد أكثر من ذي قبل. ولقد ألزمت المادة التاسعة من القرار الأميري جميع الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى والهيئات، والمؤسسات العامة بالتعاون مع الديوان في أداء مهامه واختصاصاته، وموافاته بما يطلبه من معلومات وبيانات لازمة لأداء عمله، كما تلتزم تلك الجهات بتنفيذ السياسات والقرارات والتعاميم التي يصدرها الديوان في مجال اختصاصه، مما يعني إعطاء ديوان الخدمة المدنية والتطوير الحكومي اليد العليا في التوطين الوظيفي وتطوير الأداء. وبالرغم من صدور القرار الذي منح صلاحيات أكبر لديوان الخدمة المدنية، فإنه حتى الآن ما زالت منصة كوادر وهي المنصة الوطنية المختصة والمسؤولة عن توفير فرص العمل للباحثين عنه من المواطنين، أقول ما زالت تنأى بنفسها بعيداً عن خدمة أو محاولة مساعدة فئة المتقاعدين الباحثين عن العمل، فما زالت المنصة لا تقبل طلباتهم منذ افتتاحها للباحثين عن العمل في شهر أغسطس من عام 2020م، وقد تواصلت شخصياً مع مركز الاتصال التابع لمنصة كوادر للاستعلام عن مدى إمكانية المتقاعد التسجيل بمنصة كوادر فكان جوابهم بأنه حتى الآن لا يمكن للمتقاعدين الاستفادة من هذه الخدمة الوطنية، والتي ينبغي أن تكون متاحة لجميع الفئات دون تمييز، وأنهم لا يزالون في انتظار التعليمات، بمعنى أن المنصة مهيأة للبدء في تقبل طلبات المتقاعدين إن جاءت الأوامر بذلك. ولا شك أن فئة المتقاعدين تفاءلت خيراً السنة الماضية عندما تم الإعلان عن إطلاق منصة (كوادر)، التي يتمحور دورها في خدمة المواطنين القطريين، وذلك من خلال التنسيق مع الجهات الحكومية والخاصة لتوفير وطرح الفرص الوظيفية للباحثين عن عمل، ومتابعة عمليات التسجيل وإنشاء السيرة الذاتية، بالإضافة إلى التوجيه والإرشاد للباحثين عن عمل، والمتابعة والتنسيق مع جهات التوظيف بشأن المقابلات والتعيين، ولعل منصة كوادر قامت بهذا الدور ولكن ليس لجميع فئات المجتمع فما زالت فئة المتقاعدين لا تقدم الاهتمام والدعم اللازمين لفتح آفاق مجالات العمل للراغبين منهم في استمرار العطاء. ومن هذا المنبر الإعلامي الحر أكرر تقديم مقترح قاعدة بيانات المتقاعدين كمشروع وطني بهدف الاستفادة القصوى من الطاقات الوطنية في الموارد البشرية المحلية من خلال الاستفادة بالخبرات والمعارف والمهارات التي يمتلكها مجموعة ليست بالقليلة من فئة المتقاعدين، وذلك من خلال دراسة وتحليل القدرات العملية والعلمية للفئة المستهدفة من أجل تصنيف وتحليل وتقييم القدرات والخبرات المتاحة ووضعها في قوائم ومصفوفات تسهل في عملية البحث والاختيار مستقبلاً على الشركات والجهات الحكومية والخاصة. إن إنشاء قاعدة للبيانات سيساهم في توفير المعلومات الوافية عن المؤهلات والخبرات والمهارات التي يتمتع بها من يرغب من المتقاعدين في مواصلة العمل والعطاء، ولن تكون هادفة وفعالة لمن شملهم قرار مجلس الوزراء الموقر لرفع نسبة القطريين في الشركات المملوكة للدولة فحسب وإنما سوف تصبح منصة مفيدة لكل جهة حكومية أو خاصة أو تطوعية للاستفادة منها عند تشكيل المجالس واللجان الاستشارية التي تتطلب في عضويتها من لديهم الخبرة والمعرفة في المجال المطلوب. كما أتمنى من الجهة المسؤولة عن المتقاعدين في الدولة القيام بإنشاء موقع إلكتروني خاص بالمتقاعدين القطريين يكون بمثابة منصة تواصل فيما بينهم، حيث تطرح فيه برامج وأنشطة تدريبية واجتماعية مختلفة يمكن أن يستفيد منها المتقاعد. وختاماً أقول: يُنسب للشاعر عمرو بن معد يكرب بن ربيعة الزبيدي هذه الأبيات الشعرية الجميلة والتي لا أدري لماذا جالت في خاطري وأنا اكتب هذا المقال. يقول الشاعر: لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي ولو نار نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رمادِ