19 سبتمبر 2025

تسجيل

احترام الآخرين من احترام الذات

07 نوفمبر 2019

خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يعتبر ويعد خطابا سنويا يكرس ويعزز مفاهيم وقيما مهمة لا تقف على ركائز مادية معينة، وإنما تمتد لتشمل قيما ومبادئ غير مرئية يؤكد عليها سموه في خطابة الشامل. فالعنصر الرئيسي لخطاب سموه الإنسان، وهو ما يؤكد عليه سموه دائما في بناء الدولة من حيث الاهتمام بالإنسان وتعليمه وصحته وأمنه وسلامته، فالدولة المتقدمة تدرك أن العنصر البشري «الإنسان» أساس نهضتها وتميزها، «لا يمكننا إنجاز النهضة وإيصال وطننا إلى مصاف الدول المتقدمة إذا لم نولِ الإنسان جل اهتمامنا، فهو عماد أية نهضة». من المهم الانطلاق لتعزيز المعاني العميقة لخطاب سموه والتي يجب أن يضعها كل مواطن نصب عينيه وأن يعمل وفق وظيفته لا ان يعمل وفق مصلحته وما يظن أنه استحقاق له ولأسرته وأصحابه وعشيرته، تأتي أهمية العمل بإخلاص وإتقان كل في موقعه، فكل موقع مهم ومنتج متى سادت العدالة الوظيفية وهو أساس نهضة الدولة أن تجعل الشخص المناسب في المكان المناسب، دون اعتبارات غير تلك التي تكون في مصلحة الوطن والعطاء له. «فمن لا يعطي لا يقدر قيمة ما يتلقى. المواطنة تشمل حقوقا وليس استحقاقات»، معنى التعالي والأخلاق ومعنى الحقوق والمنة. معان متأصلة في معنى الأخلاق الذي دعا له ديننا وهو المعنى الحقيقي للتربية من الأسرة، فكم من أطفال يتعالون على غيرهم وكم من مشاهدات كبر وغطرسة على الضعفاء من العمال والخدم وكم من سلوكيات مرفوضة يسعى البعض للأسف بممارستها تبدأ من التحية والسلام وتنتهي بسلوك الحفاظ على نظافة البيئة والمكان لتنطلق إلى احترام بني الإنسان أيا كانت جنسيته ومستواه الاجتماعي. اهتمام وتقدير سمو الأمير للمقيم، ويستحقون ذلك من يعيشون بيننا سنوات طويلة قد تصل لعدد كبير، إنهم لم يعرفوا وطنا لهم سوى قطر، وانتماؤهم لهذه الأرض ولوجودهم وحياتهم وعملهم وتكوين الأسرة عليها وولادة أبنائهم على أرضها، فكل ذلك مقدر ومثمن ووفاء لهم من أهل الوفاء لدورهم المخلص، إلا إن المقيم مهما كان دوره وأهميته إلى أن يأتي اليوم الذي يغادر البلد لوطنه وإن منهم من يصل للتقاعد دون أن يجد ما يضمن له المعيشة إن كانت ظروفه تحول دون حصوله على مصدر رزق آخر أو السفر لوطنه، ولا إمكانية للاستفادة من خبرته ومهامه حتى وإن كان بأقل من راتبه الأول. والهوية الوطنية تمنح المواطن الحق بمعنى الانتماء لأرض الوطن ومعنى العمل له، والدفاع عنه ومعنى التعب والسهر ومعنى العمل على رفعة شأنه. هنا تبرز حقيقة الهوية الوطنية كما أشار سمو الأمير في خطابه حيث ذكر سموه: «الحقوق ليست امتيازات أو شعوراً بالتفوق ناجماً عن الهوية»، وللأسف تجد بعض من يظنون أنهم الاحق بالاستحقاقات والأحق بالمنصب والأحق بالامتيازات ويعلنها البعض تعاليًا بأن الآخرين من مقيمين من جنسيات عربية او أجنبية يعملون عنده! وبالتعالي غير المبرر على الآخرين كما ذكر سموه في خطابه، وأي مواطن شريف ومحب لوطنه يسعى للعمل بصدق وأمانة دون استغلال نفوذ ومصلحة ودون تحقيق مكاسب تحت عبارة هل من مزيد!. ولا ننسى أن ابن البلد من يحمل هم بلده، فكما هناك سلبيات على بعض المواطنين هناك سلبيات واستغلال وظائف على بعض المقيمين للأسف من يستغلون وظائفهم لمصالحهم أو مصالح دولهم. فلست في مجال تصيد الأخطاء وإيقاع الضرر بالغير وإنما من باب اعتبار أن من جاء ليعمل وفق عقد سيأتي له اليوم ويغادر، وواجبه الإنساني والمهني أن ينقل خبرته للمواطنين ولا أن يأتي للاسف من يستغل وظيفته بتشويه سمعة الموظف القطري بأنه لا يعمل بل يسعى بعضهم بكل قوة لمحاربه المواطن والكيد له! هي حقيقة موجودة بالفعل لمن جاء ليستفيد من المنصب لمآربه واحباط الخريجين الشباب من تخصصات علمية كالهندسة والطب، واحترام الآخرين من احترام الذات، عبارة عميقة المعنى بتطبيق هذا الاحترام بمعيار أخلاقي إيماني. ومسؤوليات المواطنة تتطلب أيضا تقدير من كدّ في بناء هذا الوطن، بمن في ذلك إخواننا المقيمون. وإخواننا المقيمون معنا في قطر ليسوا هنا بمنة، بل بفضل عملهم الذي لا يمكننا الاستغناء عنه، ومساهمتهم المقدرة في بناء هذا البلد. ◄ آخر جرة قلم خطاب سموه يحمل في مضمونه عمقا وما سكت عنه بين السطور معان كبيرة، يحتاج المواطن والمقيم للعمل للوطن بأمانة واخلاص واخلاق تجعل الآخر مطمئنا سواء مواطن مع مواطن لا يضره ولا يمارس عليه حروبا نفسية وتدميرا وإحباطا وتعاليا واستغلالا وخاصة ما يمارس على الخريجين الجدد بتخصصات مهمة ومطلوبة كالهندسة بكافة أنواعها التي هي أساس بناء الوطن وأساس البنية التحتية ومشاريعه المهمة وتخصصات أخرى كل في مجاله ووظيفته. والمقيم أن يقدر أهمية وجوده المقدر من أعلى سلطة ونقل خبرته وإسهامه في المشاركة بجهده في بناء الوطن، ولا يسعى لممارسة نوع من النفوذ في إخفاء المعلومة أو استغلالها أو ممارسة نوع من التطفيش للمواطن من البعض للأسف. الأخلاق هي أساس الإنسان وتعامله مواطنًا ومقيمًا لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فسموه حريص على الوطن ومكوناته البشرية والمادية التي لا تكون الا بحسن الاستثمار بهما. [email protected]