14 سبتمبر 2025

تسجيل

مكتبة قطر الوطنية وهموم الكُتّاب

07 نوفمبر 2018

نظمت مكتبة قطر الوطنية يوم الثلاثاء 23/10/2018، الملتقى الأول للكُتّاب القطريين، وأدارت اللقاء الكاتبة أمل عبدالملك، وشارك في اللقاء كلٌّ من: د. موزة المالكي، عيسى عبدالله، ميّ النصف، والمُستجيرُ بالله من غوائل الدهر.. أنا. ولقد هدَفَ اللقاء إلى التعرُّفِ على أنماط الكتابة واختلافاتها ومعاناتها، ما بين جيل المُخضرمين – الذين مثّلناهم أنا ود. موزة المالكي، وبين جيل الشباب، الذين مثّلهم عيسى عبدالله وميّ النصف، وقام كلُّ مُشارك بتقديم موجز عن تجربته في الكتابة. وكان رأيي أن القراءة هي أساس الكتابة، وبدون القراءة لا يستطيع الكاتب أن يحتفظ بالثروة اللغوية، وأنماط الخيال، وأشكال البديع والبيان. كما أن القراءة تُشكّل معينًا لإخصاب تجربة الكاتب، بفنون الكتابة الأخرى، خصوصًا المُترجمة منها، والتي تنقل تجاربَ لثقافات أخرى، تثري ثقافة الكاتب. ومن شأن القراءة أن تُعمّقَ الثقافة العامة للكاتب. الموضوع الآخر الذي تناولته هو تسرُّعُ بعض الكُتّاب في نشر إنتاجهم الأدبي، وهو لم ينضج بعد، حيث لاحظتُ أن بعض الأعمال القصصية والروائية، تحتاج إلى خبراتٍ وسنٍّ معينة، حتى يُتقن الكاتب الشابّ فن الكتابة. فهنالك من الكُتّاب العالميين، لم يبدأ الكتابة إلّا بعد سن الخمسين، ومنهم مَن كتب نصًّا روائيًا، وظَّل النصُّ في دُرج مكتبهِ 35 عامًا، لأن الكاتب لم يكُن مُقتنعًا بجودة النصّ، والذي يجب أن يتوازى مع جودة إنتاج الكاتب واسمه. ونحن من سن الثانوية، كتبنا نصوصًا، لم نُخرجها حتى بعد التخرّج من الجامعة، لشعورنا بأن تلك الكتابات ما زالت طفلة!. وبرأيي إن تواجد بعض الشباب على منصّات التواصل الاجتماعي، واستخدامه الدعاية، للترويج لبعض المحاولات، ليس ظاهرة صحية، بل على الكاتب أن يستمع إلى آراء مَن سبقوه في الكتابة، وإلى آراء أساتذته. وأن يجلس يكتشف أخطاءه، وما يستوجب عليه عمله في النصّ التالي؛ لأن تراكُمَ الأخطاء، والترويج لإنتاج «خديج»، لا يصنع كاتبًا يرنو لأن يكون مشهورًا، أو حُجَّةً في الأدب. ولقد أوضحتُ لجمهور الحضور، أنني، وبعد الانتهاء من 33 كتابًا، ما زلت أعرضُ كتاباتي على مُصحِّحين لغويين، ولا عيب في ذلك، رغم أنني أتعاملُ مع اللغة العربية منذ عام 1968، ورغم أنني تخرَّجتُ من قسم اللغة العربية بكلية الآداب/ جامعة الإسكندرية، وأُمارسُ الكتابة الصحافية منذ أكثر من 48 عامًا! كما أنني أُراجعُ التصحيحات والاقتراحات التي يقوم بها المُصحح، كي أتفاداها في النص القادم. فكيف لنا بشابٍّ أو شابّة، لم يتجاوز عُمر أيّ منهما 18 عامًا؟! من هنا يجب أن نؤكد على المراكز والملتقيات، أن تضعا هذه الحقائق في الاعتبار، عند تنظيم دورات أو مسابقات، يشارك فيها – مُحاضِرًا- بعضُ مَن لم يصل السنّ المؤهلة لذلك. الموضوع الآخر الذي تطرقت إليه، هو الفرق بين التأليف والتقرير، أو التعليق على مواضيعَ بعينها. ذلك أن التأليف هو الإبداع والخلق، (بديع السموات والأرض)، كما جاء في القرآن الكريم. أي خالق السموات والأرض في أحسن صورة، وهو الذي أوجدَهما من العَدم. لذا، فإن الإبداع هو إيجاد الشيء من عدمه، وعدم نقله أو نسْخه. ويقول (مُختار الصحاح): «أبدعَ الشيءَ، اخترعَه، لأعلى مثال»، «والله بديع السموات والأرض»، أي مُبدعهما!. لذا، نحن نؤكد أفضلية الإبداع وجودة النصّ، على النقل أو التعليق على مواضيع سبق طرحها أو نشرها. ومن هنا، فإنه من الخطأ أن يضع الكاتب اسمه كـ (مؤلف) على كتابٍ فيه تعليق، أو جمعُ حقائق، أو رأي في موضوع أو مواضيع سبق أن طرحها شخصٌ آخر، بل يجب أن يكون اسم الكاتب – في هذه الحالة – مسبوقًا بكلمة (إعداد) أو (تعليق)! ويَستتبع هذا، أن يُثبِتَ الكاتبُ الهوامشَ، وثبتَ المَراجع في نهاية الكتاب. ولقد ورد في كتاب لإحدى الكاتبات الخليجيات، نقلٌ عن حوادث لجرائمَ من (اليوتيوب)، ولم تُشر الكاتبة إلى ذلك النقل، وهذا يُعتبر تعَدّيًا على حقوق الآخرين، ونسْبَ أقوالٍ ومشاهدَ للكاتب دونَ وجهِ حق. الموضوع الآخر تعلّق بدور النشر، ولقد شرحتُ للحضور تعاملي مع دور النشر العربية، خلال الثلاثة عشر عامًا، وكيف أن معظم، إن لم يكن كلُّ دور النشر، يبحث عن الربح، فكنت قد تعاملت مع دار نشر عربية طبعت لي خمسة كتب، لم أستلم منها أي دولار، ولا ليرة!؟ كما تعاملت مع دار نشر أخرى في بلد عربي، وأيضًا طبعت لي كتابين، ولم تدفع لي أي دولار، ولا جنيه!. ولم أبحث هذا الموضوع مع أي دار، لأنني لا أتكسَّب من وراء أفكاري. وأن التجربة علّمتني ألّا أدفع للدار مقابل نشر إنتاجي، مثلما تفعل بعضُ دور النشر العربية مع بعض الكُتّاب «الأثرياء»! والذين يسطَعون لأيام قلائل، ثم تبهُت صورتهم. أنا أعتقد، كما قلت، بأن النصّ الجيد، هو الذي تبحث عنه دور النشر، وليس العكس، أما عن دور النشر القطرية، والتي نتمنى لها النجاح والتوفيق، في نشر الجيد والمفيد من الإنتاج الأدبي، فهي ما زالت قصيرة العُمر، وقليلة التجربة. وقلت في هذا الخصوص، إنه لا بد لأي دار نشر من أن توظف مُصحِحًا لغويًا محترفًا، وليس مدرسَ لغة عربية، كما لا بد وأن يكون هنالك مُحرر(Editor)، مُحترف، يُعيد قراءة النصّ، ويُوضّح الفكرة، إن كانت غامضة، وإزالة «شوائب النصّ»، أو «حوشي» الكلام، خصوصًا بعض الكلمات العاميّة التي تمرُّ في السرد، في حال الرواية أو القصة القصيرة. وأرى أن المُحرر صمامُ أمانٍ للدار وللكاتب، وعليه تقع مسؤولية كبيرة، في اختيار النصّ، وفي الدفع به نحو المطبعة. وبعد أن تحدّث الزملاء عن تجاربهم في الكتابة، دار نقاشٌ بين الحضور والمنصّة، تخللته أفكارٌ جيدة حول الارتقاء بالكتاب القطري، وضرورة إطِّلاع الشباب من الكُتاب على الطرق السليمة للكتابة الناحجة، وعدم الاعتماد على ردود أفعال المُتابعين على وسائل التواصل، بل يجب أن يُعبّر الكاتب عن رأيه، ويدافع عن إنتاجه في الندوات والملتقيات الأدبية، لا أن يتوارى خلف الحُجب، بعد أن يدفع بالكتاب نحو الجمهور، خوفًا من نقد أو مساءلة أدبية ! ولقد أثبتت التجارب أن أغلب الكُتّاب «يأنفون» من حضور الملتقيات والورش المتخصِّصة، وهم من أشدّ الناس حاجة إليها. ولقد أشدنا بحضور بعض الكُتّاب الشباب في الملتقى هذه المرّة، لأنهم حتمًا سوف يستفيدون من هكذا ملتقيات. وأخيرًا، طرحنا على القائمات على أمرِ الملتقى، أن يتم تشكيل لجنةٍ تنفيذية، أو هيئةٍ استشارية، في مكتبة قطر الوطنية، تتكون من الكُتّاب المؤَهلين، بحيث تضع تصوراتِ المستقبل ومشاريعه، حتى نضمنَ استمرارية الملتقى، ونجاعةَ مشاريعهِ في خدمة الوطن والإنسان، وجذبِ الشباب من المبدعين إلى تلك المشاريع. كما أشرنا إلى أن الموظفين الرسميين ليسوا بالضرورة يدركون كُنه العمل الثقافي الإبداعي، خصوصًا إن كانت تجربتهم السنيّة والعملية ما زالت بِكرًا .