12 سبتمبر 2025
تسجيلالكتاب هو المصباح الذي يُنير طريق الإنسانية للوصول إلى قمم النجاح والإبداع والبناء والعطاء والخير والسعادة، وهو من أبرز أدوات القوة للدولة والإنسان. ويُساهم الكتاب مساهمة كبيرة في تنمية عموم الحياة ليس في الجوانب الفكرية للإنسان فحسب بل يُطور الجوانب السياسية والصحية والنفسية والمهنية والإبداعية والرياضية والاستهلاكية، ولهذا فالكتاب هو الحياة، ولا يمكن تصور تطور أي مجتمع وفي ذات الوقت تسعى كيانات معينة فيه للتقليل من قيمة القراءة والكتاب. ولهذا نجد الدول الحكيمة تعتني بالمكتبات العامة حتى في أصغر الأحياء السكنية، وتوفر الكتب في مكتبات ثابتة ومتنقلة وبأسعار شبه مجانية، وتنظم الفعاليات المشجعة على القراءة لبناء الإنسان، وحينما يُبنى الإنسان فكريا وعقليا ستعود ثماره على المجتمع عبر العمل الإيجابي، والالتزام بالأنظمة والقوانين وغيرها من السلوكيات الإيجابية المليئة بالتحضر والوعي. واقعياً هنالك إحصائيات مُحْبِطة تتعلق بمعدلات قراءة الفرد العربي، حيث تؤكد تقارير «التنمية الثقافية العربية» أنها ست دقائق فقط، وكذلك هنالك تقارير تؤكد أن العربي يقرأ أكثر من 35 ساعة سنويا، وهذه النسبة معقولة، وترد على مَن يَدّعون بأن متوسط معدل قراءة العربي لا يتعدى رُبع صفحة سنويا!. وبعيدا عن هذه الإحصائيات يفترض بنا الاهتمام بالقراءة ودعمها، لأن العالم اليوم يُصارع بعضه بالعلوم المتنوعة، والأمة المتميزة هي التي تَجني ثمار تلك العلوم قبل غيرها. والاهتمام بالقراءة لا يعني شراء المكتبات المنزلية الفخمة، وحشوها بآلاف الكتب المغلفة بعناية مذهلة ضمن ظاهرة الترف والتباهي الفارغ، وإنما المقصود كيف نشتري الكتب ونقرأها، ونستخرج منها أهم الثمار تماما مثل الصائغ الماهر الذي يعرف كيف يَخْتَبر سبائك الذهب ويَتفنن بصنعها ليستخرج منها أروع الحُلي. وتقوم القراءة المثمرة على التخطيط النوعي والزمني، وقد يكون معدل قراءة 70 صفحة يوميا من المعدلات الجيدة التي يمكن السيطرة عليها والوفاء بها في غالبية الظروف المحيطة بالإنسان، وبالذات في عصرنا المليء بالمشاغل وتراجع الرغبة في القراءة الطويلة والعلمية والتخصصية، وبالمحصلة نحصل على قراءة منظمة وليست عشوائية. ويمكن الاعتماد حاليا على المكتبات الإلكترونية المتوافرة بالشبكة العنكبوتية (الإنترنت) لتحميل الكتب بسهولة، وهي مجانية، وتضم غالبية الكتب الحديثة والقديمة. إن ذكر القراءة من ضمن الهوايات من المآسي الإنسانية للمجتمعات لأن القراءة ليست هواية، بل القراءة الصحيحة والعلمية والمنظمة هي السبيل الآمن للنجاح وتطوير الذات وبناء الدولة والمجتمع. ومن المؤلم حقا أننا صرنا أمام أجيال غالبيتهم لا ينتمون إلى الكتاب، وربما، جُلّ اهتمامهم هو إنهاء المرحلة الجامعية بالطرق العلمية وغير العلمية، وبعدها ينشغلون بحياة الترف والأهواء بعيدا عن البرامج الهادفة لبناء الفكر الإنساني، وتنمية وتطوير الذات وصولا لمرحلة الإنتاج، والخدمة الحقيقية للوطن. إن الميزان بين الدول التي تهتم بالعمران ولا تهتم ببناء الإنسان تماما مثل الدول التي تشتري أرقى الأجهزة الطبية لمستشفياتها ولكنها لا تمتلك أطباء وخبراء يمكنهم استخدام تلك الأجهزة ونفع الناس بها!. ويمكن القول إنه إن كانت رياضتا المشي والسباحة وغيرهما من الهوايات مفيدة لصحة جسم الإنسان فإن القراءة هي رياضة العقل والفكر، وتساهم في زراعة الثقة بالنفس وعلاج التوتر العصبي وغيره من ضغوطات الحياة المادية المعاصرة وفقا لعدة دراسات علمية في هذا المضمار. ولا ننسى دور الدولة (المدرسة) والأسرة في تنمية فكرة حُبّ القراءة لدى الأطفال حتى تنمو معهم هذه العادة الإيجابية المنتجة. لنركب سفينة الحضارة بالقراءة، والاهتمام بالكتاب والمكتبات الثابتة والمتنقلة والكتب الشعبية الرخيصة، من أجل حاضر مزدهر، وغد أجمل لنهتم بالكتاب والقراءة.