16 سبتمبر 2025
تسجيلبالأمس، احتُفل بيوم المعلم، هذا الإنسان الذي كرّس حياته وقدراته لتعليم الأجيال ويقضي جُلّ وقته في تقديم المعلومة المفيدة وغرس القيم والأخلاق والمبادئ في نفوس الطلبة. وإن من يختار هذه المهنة، فإنه يدرك ما سوف يكون عليه من مسؤولية وعبء يحمله حتى يبلغ الطلاب مرادهم من العلم، المعلم قال عنه الشاعر: قف للمعلم وفِّه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولا إن المعلم الذي يقف من الصباح الباكر في طابور المدرسة، ومن ثم في الصف ليؤدي واجبه، كنا في الماضي لا نعتبره من البشر لكثرة احترامه وتقديره. إن مهمة التدريس هي أمُّ المهن كلها، إذ تخرج من عباءتها كل المهن، والمعلم يؤدي عمله في هذه المهنة وهو في قمة سعادته لأنه سيرى نتيجة عمله وجهده في نهاية العام عندما يتخرج الأبناء ويتذكرون ذاك المعلم وقد يجتمعون معه في أحد الأماكن، فيقفون له بكل احترام وحب (كما أخبرتني إحدى المدرسات)، كما أنها مهنة قديمة قام بها الأنبياء والعلماء ولا يمكن الاستغناء عنها. إن تكريم المعلم لا يجب أن يكون في يوم معين فقط، بل في كل الأوقات، وخاصة من سخّروا أنفسهم بكل حب لهذه المهنة وأفنوا جل أعمارهم فيها، وفي هذا اليوم لا يمكن أن ننسى أول معلمة قطرية أدخلت مهنة التدريس في بيتها وحاولت أن تدرس الفتيات اللاتي كان من المحرم تعليمهن، ولكنها بكل إصرار وصبر استطاعت إقناع ولاة الأمر في البلاد، ومن ثم الأهل بتعليم البنات، وكان بيتها أول مدرسة وتذكرت الوالدة أيامها مع هذه المعلمة التي علمتها مع العديد من الفتيات القراءة وقراءة القرآن والحساب ونفعتهن في حياتهن العائلية، إنها السيدة (آمنة محمد الجيدة)، التي لا يمكن لرجال وسيدات قطر نسيانها. وما زلت أتذكر وقفتها بعد انتهاء اليوم المدرسي، وهي تتأكد من ركوب جميع الطالبات "الباص" المدرسي وخلو الأماكن في المدرسة من وجود أي طالبة، وتأتي لها الأم وتقول لها: هذه بنتي لكم اللحم ولنا العظم)، أي أدبوها وعلموها، رحم الله هذه السيدة الفاضلة وجعل مثواها الجنة. ونتذكر رواد التعليم في قطر من السيدات عائشة فخرو وموزة فخرو ولطيفة السويلم وزليخة النعمة وفاطمة النعمة وهيا الدهيمي وناهدة القلا وغيرهن، ممن أثرين هذه المهنة وأعطينها كل حياتهن. ولا ننسى الرواد أيضا من الرجال الذين شاركن النساء أداء هذه المهنة القيّمة، وعلى رأسهم الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني وزير التربية والتعليم السابق رحمه الله. وكذلك كل من عمل وبذل جهده في الوزارة لإنتاج الكتب والمناهج والتوجيه، وحتى من كان يحمل البريد من مدرسة أخرى ومن الوزارة إلى المدارس، هؤلاء يستحقون أن تخلّد أسماؤهم في أماكن التعليم والمدارس؛ ليظلوا نبراسا لكل من يدخل هذا المجال، وستظل مهنة التعليم هي أم المهن وأساس كل مهنة، ومنها يتخرج الآخرون وقادة الرأي في المجتمع، فتحيةُ لكل معلم ومعلمة يؤدي عمله في ميدان التعليم، سواء التعليم الأساسي أو الجامعي، وجعل عمله في ميزان حسناته، وتكريمه وسام على كل صدر.