11 سبتمبر 2025
تسجيلفي مقال بعنوان "السعودية المارد الذي لا يشبع" (انظر الشرق 17/12/2017)، ذكرت أن أسرة عبدالرحمن بن فيصل آل سعود (ومعهم ابنه عبدالعزيز مؤسس الدولة السعودية الثالثة)، لجأوا إلى قطر، واستقروا فيها فترة من الزمن، وبعد ذلك انتقلوا إلى الكويت. ولقد استفاد آل سعود من إقامتهم بالكويت، وبدأت تحركاتهم لاستعادة حكمهم الذي فقدوه. وفي 1901، وبمساعدة من أمير الكويت، تم لعبدالعزيز آل سعود (ابن سعود) استرداد الرياض من آل الرشيد. وفي مقال بعنوان "السعودية والغدر بأهل الفزعة" (انظر الشرق 24/12/2017)، كتبت أن ابن سعود، بعد أن دانت له منطقة الإحساء، قام يطالب، في 1913، بضم قطر إلى مملكته باعتبارها جزءاً من إقليم الإحساء، ولكن الإنجليز رفضوا ذلك، ولكنهم أعطوه كل الأراضي التي تقع خارج شبه الجزيرة القطرية (تعادل حوالي ضعفي مساحة قطر الحالية). ولكن من خبثه، وخبث من أتى من بعده، لازال ابن سعود يطمع بضم قطر ككل. وقام ابن سعود، بعد هزيمته من الرشيد في معركة بئر "جراب"، بشن هجوم على قبيلة العجمان بالإحساء، والتقى الجمعان عند جبل "كنزان"، وتلقى ابن سعود هزيمة كبرى في هذه المعركة، فقام يطلب النجدة من أمير الكويت، ومن والده بالرياض. ومع هذه الإمدادات استطاع ابن سعود أن يتغلب على قبيلة العجمان التي اضطرت لطلب الحماية من أمير الكويت. وبضغط من الإنجليز، الداعم الأكبر لابن سعود، على مبارك آل صباح ليتخلى عنهم، اضطر العجمان لموالاة ابن سعود. وبعد التضحيات الكبيرة من الكويت في مساعدة ابن سعود لاسترجاع حكمه، ونجدته في معركته مع قبيلة العجمان، إلا أن ابن سعود، الذي يسري الخبث والخديعة في دمه، قام، في 1918، بإبلاغ الإنجليز بأن الكويت ترسل أسلحة لدعم الدولة العثمانية. كان هدف ابن سعود هو أن تسمح له بريطانيا بضم الكويت لحكمه، إلا أن الانجليز لم يسمحوا له بذلك، ولكنهم قاموا بفرض حصار قاس على الكويت، انتهى هذا الحصار بسقوط الدولة العثمانية. وفي 1920 هجمت قوات آل سعود على الكويت ووصل جيشهم إلى الجهراء واحتلها، ولكن الجيش الكويتي، الذي لجأ إلى القصر الأحمر وتحصن فيه، صمد وتصدى لجميع محاولات جيش ابن سعود (قوات "إخوان من طاع الله" بقيادة فيصل الدويش). وانتهى الحصار بالصلح على أن تنسحب القوات السعودية من الجهراء. وفي 2/12/1922 تم توقيع معاهدة العقير بين ابن سعود من جهة والعراق والكويت من جهة أخرى لترسيم الحدود بين هذه الدول فقام صديق ابن سعود السير برسي كوكس يعاونه المايجور مور، اللذان من المفروض أنهما يمثلان الكويت في مباحثات ترسيم الحدود، بالتنازل، بدون الرجوع لأمير الكويت، عن ثلثي الأراضي الكويتية لابن سعود (انظر الشرق 11/2/2018). ولكن الجشع ونكران الجميل، والطمع في ضم مساحات من الكويت، وعدم احترام المواثيق والعهود، جعلوا ابن سعود يقوم، في 1923، بفرض حصار اقتصادي على الكويت. استمر هذا الحصار حتى 1937. ولكن أهل الكويت صمدوا ولم يثمر الحصار أي نتيجة. وفي فجر 2/8/1990 قام العراق، بمباركة أمريكية، بغزو الكويت. وانتظر الجميع تحرك الجيش السعودي لردع الجيش العراقي وتحرير الكويت ولكن هذا لم يحدث، واستبان للجميع أن جيش السعودية والذي كان يصرف عليه بالمليارات من الدولارات هو في الحقيقة جيش على الورق فقط. وتفاجأ الجميع أكثر بأن السعودية لم تأمر قوات درع الجزيرة الخليجي بالتحرك (كانت القوات متمركزة قريباً من الحدود الكويتية). وفي اليوم الثاني وجدنا الملك فهد بن عبدالعزيز يوجه دعوة لصدام للدخول في مفاوضات حول الكويت. أما في اليوم الثالث، ومع تمركز القوات العراقية على الحدود السعودية، وجدنا الملك فهد يصرح "بأنه تلقى اتصالاً من الرئيس الأمريكي طالباً منه السماح بإنزال القوات الأمريكية والبريطانية في السعودية لشن هجوم على العراق بهدف تحرير الكويت"، ويضيف الملك فهد قائلاً "لقد صدمني طلب الرئيس الأمريكي، وجلست مدة غير يسيرة على الهاتف لم أستطع الكلام فيها، وكان الرئيس الأمريكي على الخط يحثني على إعطائه الموافقة". يعني، بالعربي الفصيح، أن قرار تحرير الكويت لم يأت من السعودية بل من أمريكا وبريطانيا. حتى في التحرك لتحرير الكويت كانت جيوش قوات التحالف ومنها قطر في الأمام والجيشين السعودي والمصري في الخلف. وللأسف أن الكثير من الجهلة، وبخاصة من السعوديين، يعتقدون أن تحركات السعودية هي التي حررت الكويت، والمشكلة الأكبر أن السعوديين يمنون على الكويتيين هذا التحرير. ومع تحرك قوات التحالف للأمام تحركت الأطماع السعودية في الأراضي الكويتية. فمع التحرير قامت السعودية بالاستيلاء على المنطقة المحايدة التي تنازلت عنها الكويت مرغمة مع الاحتفاظ باتفاقية مناصفة ما تنتجه الحقول النفطية في حقول الخفجي بينها وبين السعودية. وبمجرد تسجيل المنطقة المحايدة باسم السعودية، وتوثيقها بالأمم المتحدة، قامت السعودية التي تمتلك الأرض بالتحكم في إنتاج وتصدير النفط من تلك الحقول لدرجة أنها وقعت عقود إدارة الحقول والإنتاج مع شركة شيفرون بدون الرجوع لدولة الكويت. وقامت الشركة، بتوجيه من السعودية، بتصدير النفط عن طريق ميناء الزور، الواقع في الأراضي الكويتية، أملاً في ضم المنطقة للسعودية. وفي أوائل أكتوبر 2014، وعلى ما أعتقد أنه نكاية في الكويت لأنها لم تجاري دول الحصار في سحب سفيرها من قطر في 2014، ولرغبتها في تقليص الإنتاج بسبب هبوط أسعار النفط، قامت السعودية، من جانب واحد، بإغلاق حقل الخفجي البحري المشترك معللة ذلك لأسباب بيئية، تبعه إغلاق حقل الدرة وحقل الوفرة. وتسبب هذا الأمر بخسائر فادحة للكويت لدرجة أن الكويت خططت لرفع الأمر إلى محكمة العدل الدولية (الحقول تنتج 500 ألف برميل في اليوم). وفي الزيارة العلاجية لسمو أمير الكويت بأمريكا، طلب الرئيس الأمريكي مقابلته، وفي المقابلة حثه على زيادة الإنتاج النفطي بهدف خفض أسعار النفط. فذكر له سمو أمير الكويت بأنه لا يمكن ذلك إلا من خلال حقول الخفجي. فأبلغ الرئيس الأمريكي ابن سلمان أن عليه الذهاب للكويت لحل مشكلة الحقول المشتركة وعودتها للإنتاج. تقرر موعد الزيارة ليكون 29/9/2018 ولكن ابن سلمان، المغصوب على هذه الزيارة، أجلها يوماً واحداً. حاول سمو أمير الكويت استغلال الزيارة لحل الأزمة الخليجية الناتجة عن حصار قطر، وقضية الحقول النفطية المشتركة، وبعض الملفات العالقة بين الطرفين، إلا أن ابن سلمان أرسل وزير خارجية بلاده إلى الكويت قبل أن يصلها ليحدد محاور الحديث مع القيادة الكويتية. ووصل ابن سلمان إلى الكويت يوم 30/9/2018 واختلى مع أميرها لمدة لا تزيد على ربع الساعة، ولكنه لم يناقش معه أي من الملفات المقرر مناقشتها، توجها بعد ذلك لمأدبة العشاء، وفي أقل من ساعتين (الزيارة كان مقرراً لها يوماً واحداً) غادر ابن سلمان الكويت، مع ترك الكثير من الغموض حول هذه الزيارة، مما شجع الكثيرين بالوصول إلى استنتاجات قد تكون صحيحة، أو قد تكون خاطئة. ولكننا نعلم أن الكويت في 3/10/2018 قد أحالت عدداً من المغردين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى النيابة العامة بسبب إساءاتهم إلى السعودية. والسؤال: هل كان ذلك جانب من المباحثات التي تمت؟ وفي الختام نقول إن العربي الأصيل لا تمتد يده بالإساءة لمن أحسن إليه، ولولا الدعم الكويتي لمؤسس الدولة السعودية الثالثة، ونجدته في الحروب التي انهزم فيها، لما استطاع تكوين دولته. وأعتقد جازماً أن الأطماع السعودية في الأراضي الكويتية، وما تحويه من نفط وغاز، هو أمر لا يزال يشغل القيادة السعودية وتفكيرها، ولا نعرف ما ستسفر عنه الأيام من خطط خبيثة لتحقيق هذا الحلم السعودي، ولكننا، في الجانب الآخر، على ثقة تامة بقدرة أهل الكويت وجيشها على صد أي محاولة عبثية تريد أن تتطاول على الكويت وأراضيها. حفظ الله الكويت وأهلها. والله من وراء القصد ،، [email protected]