11 سبتمبر 2025
تسجيلأدى انخفاض أسعار النفط عالمياً بنسبة تصل إلى 60%بالمقارنة بسعره في شهر يونيو 2014 حين بلغ سعر برميل خام برنت إلى نحو 118 دولارا، ويعزو الخبراء والمحللون هذا الانخفاض الكبير إلى وفرة المعروض من النفط الصخري الأمريكي في ذات الوقت الذي انخفض فيه الطلب من جانب دول صناعية كبرى كالصين ودول الأسواق الناشئة، ومن ثم انخفاض إيرادات العديد من الدول المصدرة للنفط وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي تعد أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم وما ترتب على ذلك من عجز بموازنتها في العام الجاري، ورغم ذلك فقد أكدت الحكومة السعودية على الحفاظ على خطط وبرامج الإنفاق الحكومي دون أي تخفيض بهدف تنشيط الاقتصاد وتجنب حالة الركود بالأسواق.وهو الأمر الذي دفع السلطات السعودية إلى اللجوء إلى سوق رأس المال وسوق السندات للاقتراض منهما، وأصدر البنك المركزي السعودي بالفعل في شهر أغسطس الماضي الدفعة الأولى من برنامج السندات المحلية الشهرية بقيمة عشرين مليار ريال سعودي أي ما يعادل حوالي 5.3 مليار دولار أمريكي بفترات تتراوح بين خمس وعشر سنوات وذلك حتى نهاية العام الحالي، والذي يعد بمثابة أول إصدار للسندات السيادية في السعودية منذ عام 2007.. وإن توقع العديد من الخبراء والمصرفيين أن يمتد برنامج إصدار السندات إلى عام 2016 بالنظر للتوقعات المتزايدة باستمرار انخفاض أسعار النفط خلال العام القادم.ويرجع الكثير من الخبراء والمحللين تسارع انخفاض أسعار النفط منذ نوفمبر 2014 وحتى الآن إلى رفض دول منظمة أوبك خفض إنتاجها خاصة المملكة العربية السعودية التي أعلنت أن هذا القرار هو محاولة منها للدفاع عن حصتها السوقية في مواجهة منافسيها وفي المقدمة منهم الولايات المتحدة الأمريكية المنتج الرئيسي للنفط الصخري، بالإضافة إلى محاولة الضغط على إيرادات كل من روسيا وإيران الداعمتين الرئيسيتين للنظام السوري، وهو القرار الذي أدى إلى خفض احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي إلى 672 مليار دولار نزولاً من 737 مليارا في أغسطس 2014.ومع خفض إيرادات المملكة العربية السعودية من جراء خفض أسعار النفط، وما ترتب على ذلك من عجز بموازنة البلاد بنحو 400 مليار ريال وهو العجز الذي يعد الأعلى بالمملكة منذ عام 1987، وفي ذات الوقت عدم رغبة المسؤولين في الجور على الاحتياطي النقدي للبلاد بالعملات الأجنبية الذي بدأ بالفعل في الانخفاض، فقد اضطرت السلطات النقدية السعودية في ظل هذه المعطيات إلى اللجوء لسوق السندات بهدف المحافظة على إنفاقها الحكومي.ولقد أدركت السلطات السعودية في ذات الوقت أن هذه السندات المطروحة شهرياً لن تغطي سوى جزء محدود من عجز الموازنة نتيجة لاستمرار انخفاض إيرادات البلاد من النفط وزيادة الإنفاق على مشروعات البنية التحتية وأجور القطاع الحكومي الضخمة مع استمرار الحرب في اليمن ونفقاتها الباهظة، وهو الأمر الذي دفع الحكومة السعودية إلى فتح أبواب بورصتها في شهر يونيو الماضي أمام المستثمرين الأجانب، في محاولة منها لتنفيذ خططها الرامية إلى تنويع مصادر دخلها واقتصادها دون الاعتماد كلياً على النفط. ويشبه سيناريو عجز الموازنة الراهن واللجوء إلى طرح السندات إلى حد كبير ما حدث في السعودية في تسعينات القرن الماضي عندما طرحت الرياض سندات تنمية حكومية بلغت 100% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، ولم تتمكن الحكومة من سدادها إلا عندما بدأت أسعار النفط في الارتفاع الكبير في بداية الألفية الراهنة، وهو ما دفع بعض الخبراء والمتخصصين العالميين إلى مطالبة الحكومة السعودية بمزيد من الشفافية بشأن كم الأموال التي تعتزم اقتراضها والوسيلة المثلى التي تحقق لها ذلك.وفي ظل هذه الظروف أكد وزير النفط السعودي عدم تحفظ حكومة بلاده في الاستفادة من سوق الدين المحلي كبديل جيد للحفاظ على الاحتياطيات بالعملات الأجنبية، وذلك في ظل ترحيب البنوك المحلية وإقبالها على شراء كل السندات التي طرحتها وستطرحها الحكومة خلال العام الحالي.. وإن أبدى البعض الآخر تخوفه من تغطية البنوك المحلية لهذه السندات خشية تخلي الحكومة السعودية عن إجراء الإصلاحات الاقتصادية الواجبة والتي قد تكون رغم أهميتها تبدو مؤلمة للمواطنين السعوديين ومن بينها إلغاء الدعم وتوجيه العاملين للعمل بالقطاع الخاص بعيداً عن الوظائف الحكومية.