15 سبتمبر 2025

تسجيل

رحيل لوحة

07 أكتوبر 2012

 قبل أيام غيب الموت الناقد الفني حسن حسين، فكان حزننا عليه كبيرا، ولم نفق من تلك الصدمة حتى صدمنا برحيل الفنان التشكيلي الرائد جاسم محمد الزيني الأسبوع الماضي، حيث حل الخبر علينا نحن ممن عاصرنا الفنان الكبير جاسم زيني نعرف جيدا أنه وبرحيله تنتهي حقبة تشكيلية مهمة جدا في الساحة التشكيلية على اعتبار أن الفنان الراحل صاحب مدرسة متفردة في المشهد التشكيلي القطري وأنه صاحب تاريخ حافل بالمنجزات الإدارية. وقد عاصرناه منذ عودته من بغداد خريجا تشكيليا إلى جانب تعيينه مديرا لإدارة المتاحف والآثار وكيف أسهم في تقديم العديد من الرؤى والأفكار للاهتمام بالمتاحف والآثار واستطاع بفكره الفني والثقافي أن يخلق نشاطا واهتماما بالمتاحف التي كانت موجودة في المناطق إلى جانب متحف قطر الوطني، ولكن ما يسجل لجاسم زيني تجربته الفنية المميزة في الساحة التشكيلية القطرية ولن نتحدث عن المناصب التي تبوأها في الجمعية القطرية ولكن دوره في رقي الفن التشكيلي القطري بوجود فنان بحجمه فيه، فقد كان يرسم المجتمع القطري بجميع فئاته وسجل الكثير من القيم الاجتماعية والتراث الشفاهي في قطر عبر تلك المفردات التي جسدت في أعماله الفنية ولعل تواجد التراث في أعماله كونه ابن الجسرة وقربها من سوق واقف وحياته في جوانب من التراث الثقافي الحي، حيث لم يتغير أي شيء في تلك البيئة الاجتماعية بجميع أشكالها ولم تكن هناك كاميرا تصور حياة أفراد المجتمع حتى يقوم بعمل لوحاته ولكنه كان يختزل تلك الحياة في عقله لكي يقوم بعد ذلك بتفريغ تلك الشحنة في اللوحة، حيث كنا ننتظره ليأتي بلوحته في مقر الجمعية القطرية للفنون التشكيلية، حيث كان الجميع يقوم بتقديم أعماله لها لكي تعرض في معارضها التشكيلية التي كانت حدثا فريدا. وكان جاسم زيني هو المتسيد للحفل والبارز فيه كونه يجدد في تجربته الفنية في كل معرض من المعارض التي تقام وظل هكذا معطاء حتى كانت آخر تجاربه التي عرضت في معرض " مال أول ". هكذا لم يتوقف ولم يدخل في تلك الصراعات الفنية، بل سخر يده ولونه للعمل الفني، كان مشجعا لجميع الفنانين وداعما لهم، ولم يحمل في قلبه طوال معرفتنا به سوى الحب، هذه حالة نادرة في الإنسان البشري، وبالتالي لم أستغرب هذا العدد الكبير الذي حضر دفنه في مقبرة أبو هامور وتقديم واجب العزاء لأسرته في مكان العزاء بمنطقة الغرافة.  إن تلك السيرة العطرة له جعلتنا نتحسر على رحيله، وفقدنا له ولأعماله الفنية المميزة أمر صعب علينا جميعا لاشك فيه، ولكن عزاءنا الوحيد أن ذلك التاريخ لن يمحى وسيظل شاهدا على تلك الشخصية التي أثرت مشهدنا التشكيلي ورحلت في هدوء، فكان الحزن كبيرا عليه، لأن شخصية مثله لن تتكرر، رحمك الله يا بو محمد وإلى جنة الخلد إن شاء الله.