17 سبتمبر 2025

تسجيل

أثر التقنية في مساندة المريض

07 أكتوبر 2011

أحسست في أحد الأيام بألم أسفل البطن وأنا وهذا الألم شيل وحط فتارة يهدأ ويمنحني فرصة في الحياة السعيدة وتارة ينقض كالصقر بمسكة مخلبية وهذه بالمناسبة من مصطلحات المصارعة الحرة، وعلى ذكر المصارعة أذكر طرفة بهذا الصدد وقديماً أيام التلفزيون الأسود والأبيض وفي إحدى الحلقات وإذا بأحد المصارعين ممسكاً بتلابيب الآخر بمسكة منومة ولم ينم فالتفت أحد كبار السن والذي كان يعشق مشاهدة المصارعة على أبنائه قائلاً (يمكن أنه نايم عقب الظهر) عموماً خرجت من المكتب وأنا أطمئن نفسي قائلاً يمكن برد وكان كذلك رأي زملائي في العمل وهذا أسلوب تطميني خلاق لكي يهونوا الأمر وهو التصور الذي يمكن تسميته التشخيص الاستباقي الوقائي لاسيَّما وأن الجو عندنا بارد مشمس حار غبار صيفا وشتاءً أي جو كوكتيل، ذهبت إلى المنزل ودهنت جسمي بالفكس وتكمكمت وتلملمت وكنت أشبه برائد فضاء يستعد للوصول إلى عالم غريب، الألم استمر على هذا المنوال يعطيني فسحة ويعود وأنا أعلل النفس بالآمال أرقبها، وفي الصباح اتجهت إلى العمل الحالة المعنوية توحي بزوال الألم والواقع خلاف ذلك وكنت أعبر الممرات كالسهم وألقي السلام على الزملاء على عجل لكي لا أدخلهم في دوامة الفكس العالمية ومن حسن الحظ أني لم أقابل المدير العام في ذلك اليوم، استمر الألم على نفس الوتيرة ذهابا وإيابا، والأمر المحزن أنه شدد من قبضته وفي نهاية الأمر حسمت وضعي واتجهت إلى الطبيب المختص بالباطنة وبحكم خبرته وبعد الكشف المبدئي شخص الحالة وطلب مني عمل تحليل وأعطاني وصفة العلاج والحمد لله على كل حال خفف الدواء من مسكات الألم الموجعة، وفي هذا السياق بودي أن أشير إلى نقطة حيال التعامل مع الطبيب وهي أن تكون الشفافية والوضوح أساس التعامل إذ كيف سيشخص الطبيب حالة المريض على نحو دقيق والمريض يخفي بعض الأمور وقد تكون رئيسة إما خجلاً أو حياء أو نسياناً وهذا وارد بنسبة كبيرة لاسيَّما وأن المريض يكون مشوش الذهن والتركيز نظرا لحالة الألم التي لا ترحم فعامل الشفافية يجب أن يكون الضوء الذي تسير عليه المنظومة العلاجية، فمن غير المعقول أن يخفي المريض علاجا معينا يتعاطاه عن الطبيب، وإذا حدث تعارض بين الدواءين نلقي باللائمة على الجهة الصحية، فالمريض يجب أن يضع نصب عينيه الصراحة متى ما أراد استخدام العلاج المناسب حرصا عليه وعلى صحته وأن يساعد نفسه بمساندة الدكتور بالمعلومات، والسؤال الذي يتبادر إلى ذهني دائماً هو كيف يتسنى للطبيب أن يعلم بالأدوية التي يتعاطاها مريضة لاسيَّما وأن المريض في هذه الحالة يكون قلقا ومشوشا ذهنياً وبالتالي لا تكون الأدوية حاضرة في ذهنه أثناء مقابلته للطبيب؟ الجواب في تقديري يكمن في الاستفادة من التقنية بهذا المجال لاسيَّما في مجال الأدوية وبالتالي فإن المريض الفطن وبمستواه الفكري العالي يستطيع أن يحفظها في أي جهاز محمول ويخزنها في الذاكرة طالما أن ذاكرته لن تسعفه ليستعين بها في هذه الحالات الحرجة وهذا بلا ريب سيسهل كثيرا على الطبيب في تتبع المرحلة العلاجية عطفاً على معرفته للأدوية التي تعاطاها المريض وبالتالي فإن صرف الدواء سيتم على نحو دقيق، وعندما خرجت من الطبيب وأثناء عودتي إلى المنزل امتطيت صهوة مركبتي وفي الطريق وفجأة وبدون مقدمات وإذا بي أمام تل جبل صخرة العرب تسميه مطب صناعي العقال طار في جهة والغترة في الجهة المقابلة وجهاز الراديو يصدح (الحياة حلوة) والألم هو الأخر وجدها فرصة ليكمل ما تبقى من هذه الملحمة العلاجية البهلوانية غير المستحبة. الجميع يحبون النظام والهدوء قليل من الرحمة بنا وبنفسياتنا ومركباتنا، لا تزيلوا هذه المطبات فهي جيدة وتحث السائقين على عدم السرعة، خصوصاً داخل الأحياء وعند المدارس والمستشفيات والمرافق الأخرى، كل ما نريد هو وضع إشارة تبين أنك أمام مطب، دعونا نراها لكي نتعامل معها بحكمة وتتعامل معنا برأفة، خصوصاً أن اختلال توازن المركبة يكلف الكثير ويُحدث من الأعطال فيها ما يسيل له لعاب الميكانيكيين والكهربائيين المستعدون لاستقبالك في الحل والترحال.