11 سبتمبر 2025

تسجيل

الناس للناس ما دام الوفاء بهم

07 سبتمبر 2022

الشعور بالآخرين دون أن يتحدثوا نعمة عظيمة وفي الغالب لن يشعر بك إلا من مرّ بظروف تشبه ظروفك وإلا ستجد في كثير من الأحيان من لم يعان مثلك فلن يقدّر وضعك ولن يبالي بحالك، ولن يضع نفسه مكانك، ربما يكون نشأ وترعرع في وضع اقتصادي أفضل من وضعك وأخذه الغرور وينسى أنه بشر مثلك مثله ويتعالى على خلق الله، وإن أقبلت عليك نعمة بعد شدّة نقم عليك وتمنى زوالها عنك، كفانا الله وإياكم شرّ الحاسدين والحاقدين. استدعى أحد الخلفاء بعضا من شعراء مصر وأثناء ذهابهم للقصر صادفهم رجل فقير بيده جرّة فارغة كان ذاهبا إلى البحر ليملأها ماء فرافقهم إلى أن وصلوا إلى دار الخلافة، مدحوا الخليفة وبالغ في إكرامهم، ولمّا رأى الرجل الفقير ونظر إلى هيئته وفقر حاله قال له: من أنت وما حاجتك؟ فأنشد الرجل قائلاً: ولمّا رأيت القوم شدّوا رحالهم .. إلى بحرك الطَّامي أتيتُ بِجرتي فقال الخليفة: املأوا له الجرّة ذهباً وفضة. فحسده بعض الحاضرين والشعراء وقالوا للخليفة: هذا فقير مجنون لا يعرف قيمة المال وربما أتلفه وضيّعه. فقال الخليفة: هو ماله يفعل به ما يشاء، فمُلئت جرّته ذهباً وخرج من باب القصر ففرّق المال للفقراء والمحتاجين. بلغ ذلك الفعل الخليفة، فاستدعاه وسأله عن ذلك؟ فقال الرجل: يجود علينا الخيّرون بمالهم .. ونحنُ بمال الخيّرين نجود فأعجب الخليفة بحسن جوابه وأمر أن تُملأ جرّته عشر مرات وقال: الحسنة بعشر أمثالها. فأنشد الفقير قائلاً: الناس للناس ما دام الوفاء بهم .. والعسر واليسر أوقات وساعات وأكرم الناس ما بين الورى رجل .. تقضى على يده للناس حاجات لا تقطعن يد المعروف عن أحد .. مادمت تقدر والأيام تارات وأذكر فضيلة صنع الله إذ جعلت .. إليك لا لك عند الناس حاجات قد مات قوم وما ماتت مكارمهم .. وعاش قوم وهم في الناس أموات.. العبرة من القصة أن الفقير غالبا سيشعر بالفقراء لأنه عانى مثل ماعانوا وعاش في ظروف قاسية مثلهم تماماً وعندما أقبلت عليه نعمة المال لم ينس من كان بالأمس واحداً منهم فلا الغنى أنساه حاله الماضي ولا الفقر جعله يتخلّى عن كرمه وأصالته وقيل: ليس العطاءُ من الفضولِ سماح .. حتى تجودَ وما لديكَ قليلُ