12 سبتمبر 2025

تسجيل

ماذا يفعل التلفزيون بأطفالنا؟

07 سبتمبر 2015

رغم أهمية التلفزيون في عملية التنشئة الاجتماعية فمازالت الآراء منقسمة ومتعارضة حول أهمية التلفزيون في تكوين الشخصية، فالمعارضون له يركزون على الصدمة التي يتلقاها المشاهد أثناء العروض التلفزيونية المختلفة بما يعرضه من صور الجريمة والعنف في صور جذابة. وتزداد تساؤلات المختصين في التربية والمهتمين بها حول طبيعة العلاقة بين برامج العنف التلفزيوني والسلوك العدواني لدى المشاهد وما يترتب على مشاهدة التلفزيون من آثار اجتماعية وتربوية. الأمر الذي قد يشوه الدور التربوي المتوقع من التلفزيون، ويستلزم من رجال التربية وقفة حاسمة لمزيد من التدخل لوقف هذه التأثيرات أو الحد منها. وما لا يمكن أن ينكره أحد أن الأطفال يتأثرون بالعنف على شاشة التلفزيون، وتعتمد درجة تأثرهم على عدة عوامل تتمثل في: 1. العمر أو السن: هناك علاقة مؤكدة علميا بين العنف المقدم على شاشة التلفزيون وبين السلوك العدواني، وتظهر هذه العلاقة في مرحلة الطفولة المتأخرة (المرحلة الابتدائية)، حيث وجد التربويون من خلال بحوث مسحية ميدانية عدة أن هناك فترات حرجة أو حساسة بين سني 8، 12 سنة حيث يكون الأطفال أكثر قابلية للتأثر بالعنف المقدم على شاشة التلفزيون. 2. عدد الساعات التي يقضيها الأطفال في مشاهدة التلفزيون: يرتبط السلوك العدواني لدى الأطفال بكم البرامج، وعدد الساعات التي يقضونها في مشاهدة التلفزيون، فالبرامج العنيفة أو المفزعة تعمل على خلق مستوى عال من الإثارة لدى الأطفال. 3. تقليد الشخصيات التلفزيونية: إن تقمص الأطفال للشخصيات التلفزيونية – وبخاصة العنيفة - يمكن أن يزيد من سلوكياتهم العدوانية الضارة، فالطفل أثناء تقمصه للشخصية التلفزيونية إنما يتقمص جميع أنماط السلوك العدواني العنيف للبطل الذي يحب مشاهدته ويتخذ منه مثالاً يقلده. 4. الاعتقاد بأن العنف المقدم في التلفزيون حقيقي أو خيالي: فهناك مسألة على قدر كبير من الأهمية تتمثل في اعتقاد الأطفال بأن العنف المقدم على شاشة التلفزيون حقيقي أو موجود في الواقع، ومن ثم توجد علاقة بين سلوكهم العدواني وبين العنف الذي يشاهده هؤلاء الأطفال في التلفزيون، فالتربويون يرون أن مشاهدة حادث عنيف يقدم في نشرة أخبار واقعية، له تأثير عنيف أكثر من مشاهدة نفس المشهد نفسه مقدما في فيلم خيالي، كما أن مشاهدة الأطفال لأفلام الخيال العلمي تشبع لديهم الحاجة إلى الهروب من الواقع المعيش، كما أنها تحدث آثاراً ضارة غير مرغوب فيها تتمثل في زيادة سلبية الطفل، وإتاحة الفرصة لظهور الاتجاهات الهروبية، والهبوط بمستوى الذوق العام. وقد توصلت بعض الدراسات إلى أن العنف الحقيقي يمكن أن يكون له تأثير كامن أكثر من العنف الخيالي على الأطفال خصوصا أطفال المرحلة الابتدائية حيث أشارت بعض البحوث إلى أن أطفال المرحلة الابتدائية يلعبون ألعابهم بطريقة أكثر عنفاً بعد مشاهدة فيلم يعرض عنفاً واقعياً مثل: حرب عصابات أو مشاهدة غزو للجنود من فيلم للحرب العالمية الثانية، وذلك بالمقارنة بأطفال شاهدوا عنفاً خيالياً مثل احتراق ساحرة في أفلام العصور الوسطى. ويتضح مما سبق أن العنف الحقيقي له التأثير الأكبر في جمهور المشاهدين من الأطفال حيث يتأثر هؤلاء الأطفال بالعنف الخيالي ويرجع ذلك إلى معرفة الأطفال بأن هذا العنف حقيقي وذاك خيالي فالحقيقي يبرز لهم طبيعة الحياة الإنسانية وما فيها من شرور وعمليات قتل وتعذيب للأفراد، وأشلاء وحوادث حقيقية يمكن أن يتعرض لها الطفل ويكون في موقف الضحية، أما الخيالي فالطفل يعرف بأن ذلك العنف إنما من قالب الخيال ولا يتعدى إلى الحقيقة فلا يمكن أن يموت الشخص أو يلقى بنفسه من النافذة ويتم تصوير ذلك بكل دقة. 5. المستوى العقلي والمعرفي: وقد توصل عديد من الدراسات إلى أن الأطفال ذوي المستوى العقلي والمعرفي المنخفض أكثر من غيرهم تأثراً بالعنف المقدم على شاشة التلفزيون إذ تبيَّن أن هؤلاء الأطفال: أ- يشاهدون التلفزيون أكثر من غيرهم. ب- يشاهدون كميات أكبر من العنف التلفزيوني. ج- يعتقدون بأن العنف التلفزيوني يصور الحياة الواقعية بالضبط أو يعكسها. د- يتميزون بأنهم أكثر عنفاً في حياتهم نحو الآخرين. 6. انتماء الطفل لطبقة اجتماعية بعينها: إن أطفال الطبقة الاجتماعية الفقيرة الذين تنقصهم الموارد والإمكانات ولا يتمتعون بقدرات كبيرة على الخيال، يقبلون على مشاهدة برامج التلفزيون بكثرة لتعويض ما لم يحققوه في الحياة الواقعية. والخلاصة أن تأثير العنف التلفزيوني في الأطفال- تحت أي ظرف – تأثير خطير ومؤكد، مما يجعل من الضروري أن تهتم الأسر بمشاهدة التلفزيون بجانب الأطفال لتصحيح المفاهيم لديهم بخصوص ما يشاهدونه.