29 أكتوبر 2025

تسجيل

بين ثقافة معلقة وصحافة مؤجلة

07 أغسطس 2023

لا أعرف كيف يمكننا الحديث عن الثقافة ونحن لا نمتلك سوى ناد أدبي واحد تقاصر دوره حتى أصبح هزيلا لا يكاد يُرى؟ لا أعرف كيف يمكننا الحديث عن تطوير الصحافة في قطر ونحن لا نرى برنامجا تلفزيونيا واحدا يقدمه صحفيون او أنهم ضيوف عليه لتداول قضايا المجتمع؟. يوجد في المملكة العربية السعودية أكثر من أربعة عشر ناديا أدبيا متناثرة على رقعتها الجغرافية الكبيرة، من هذه الاندية يخرج الصحفيون والادباء ومقدمو البرامج والمذيعون، قنوات التلفزة السعودية لديها اكثر من برنامج عن الصحافة يقدمه صحفي محترف كداود الشريان وادريس الادريس والعليان والمديفر وغيرهم. لا يوجد في مناطق دولتنا المختلفة نواد أدبية تستقطب المواهب والطاقات الادبية وبدون نواد ثقافية تبقى الثقافة نخبوية في الادارات الحكومية والمكاتب الرسمية. فكرة النوادي الشبابية مختلفة تماماً عما أقصده حتى هذه لم تعد واضحة كما كانت، النادي الأدبي أكثر شمولية، يستضيف المفكرين والادباء وله كيانه المستقل على الأقل ثقافيا. مناطق قطر تحتاج الى مثل هذه النوادي الثقافية. أذكر مشروع إقامة مكتبات في انحاء الدولة حيث إنني كنت اذهب الى مكتبة الريان مقابل نادي الريان سابقا لأجدها فارغة تماما وكأنها بيت مهجور الى أن أقفلت. على جانب آخر فإذا كانت الثقافة في اعتقادي أصبحت نخبوية، فإن الصحافة ادارياً نخبوية ولكن ممارسة ووجوداً وحضوراً تراجعت فيها الحياة وملامسة المجتمع ليس بفعل التقنية وانما بفعل بعدها عن رسالتها الثقافية الحقيقية كسلطة رابعة كما يقال. أعتقد أن مهمة وزارة الثقافة ومركز الصحافة اليوم إعادة تنشيط الذهنية الثقافية لدى أفراد المجتمع، التي ترى في الثقافة القدرة على التفكير الحر. والغريب أن قدرة المجتمع على ممارسة دوره ثقافيا في السابق كانت أكبر منها اليوم، والدليل الازدهار الذي عاشه نادي الجسرة الثقافي في الثمانينيات وما حولها، إطلاق هذه الذهنية هي مسؤولية كبرى علينا القيام بها، ما نقوم به حاليا، ليس إطلاقها وإنما توجيهها وهنا الخلل، لدينا ذهنيات تراثية، لكن لا نمتلك ذهنيات ثقافية ناقدة «النقد هنا بمعنى محاولة الفهم» وصحيفة تملك النظرة الفاحصة والمبادرة وحرية التفكير والرأي يراودني تساؤل باستمرار عن أقلام الثمانينيات وعن نقاشات التسعينيات، اذكر نقاشاً للراحل الشيخ القرضاوي مع احدى الكاتبات العربيات المبدعات، لا أذكر اسمها، حول موضوع التكفير استمر اسابيع في صحافتنا، وكذلك اكثر من سجال بين الدكتور عبد الحميد الانصاري ومن يعارض فكره وتوجهه، أقلام جميلة في حب الوطن والغيرة عليه والتهافت على خدمته ثقافياً وعلمياً. كان من الممكن أن يترجم مثل ذلك بعد ضمور الصحافة الورقية اعلاميا من خلال برامج صحفية أو صحف إعلامية لو أن الاشكالية مجرد انتقال أو تحول ولكن يبدو ان الاشكالية وجودية وتتحمل حفراً وليس رسماً على ورق.