15 سبتمبر 2025
تسجيلإن الإيمان المجرد ينبت شعوراً بالخضوع لله عز وجل، خضوع تمتزج فيه الرغبة والرهبة، ونتيجة لذلك فإن عمل الخير والدعوة إلى الخير لابد أن يكون سمات هذه الأمة الظاهرة وملكاتها الباطنة ووظيفتها الدائمة وشهرتها التي تملأ الآفاق وإجابتها عندما تسأل عن منهجها وغايتها (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيراً...) وما ينتظر من أمة تحمل رسالة السماء وتتبنى الدعوة الحق إلا أن تكون حارسة للشرف مترفعة على الدنايا متواصية بالمرحمة منظوراً إليها في هذه الدنيا بأنها سند المظلوم وجار المستضعف، وقد بين الله أن الأنبياء وأتباعهم ليسوا تجار كلام ولا أدعياء فضل ولا شهود زور بل هم كما وصفهم الله عز وجل في كتابه (وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين.. ) فهل كانت أمتنا مؤهلة لهذا المنصب فقهاً وسلوكاً أم أنها انصرفت عما ألزمت به وطلب منها إلى ما تكفل الله به للخلق أجمع. إننا هبطنا دون المستوى المنشود بل دون مستوى غيرنا من لم يتشرفوا بوحي السماء ويكلفوا بحمل رسالة. إن كل استرخاء أو تخاذل سيستغله شياطين الإنس والجن للنيل من الحق وتركه في المؤخرة والانفراد دونه بالصدارة. لقد أمسك بزمام الحضارة من ينكرون الألوهية أو من يتخيلونها عائلة دمها مقدس. أو أصلها نبيل، علماً بأنهم لم يعوقونا من الانطلاق في أغلب مراحل تخلفنا بل نحن الذين فرطنا وتكاسلنا. إن معالم الخير والمعروف - وهي معالم رسالتنا - التي لم تساندها حقائق قائمة تترجم ما في هذا الخير والمعروف الموروث في هذه الرسالة هذا الذي نعيشه اليوم. إننا في مؤخرة ركب الأمم مع موروثنا العظيم، على حين أمسك بزمام الحضارة من يتنكرون لكثير من الخير لأنهم ينكرون مصدر الخير- وهو الله عز وجل. لأجل هذا ظن الكثير أن المسلمين طلاب شهوات ورافعو شعارات وأنهم يوم يملكون القوة وأسبابها يسخرونها لمآربهم، والمسؤول عن هذا الظن السيئ الأثيم إما أصدقاء جهلة أو مسلمون فسقة عجزة، كما يحمل المسؤولية عن هذا الظن أعداء مرجفون في المدينة مريبون. إننا لم نحسن نقل وحي ربنا المعصوم ولم نستطع أن نُعطي الصورة النيرة لوحي الله ورسالة رسوله الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، ولم نبين للناس أهداف هذا القرآن الكريم والتي رسمها (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر...). إن رسالتنا هي تحقيق الخير والمعروف في الدنيا وتحويل الأرض إلى ساحات عبادة لله تزخر بالتراحم "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء فمن لا يرحم لا يُرحم". والتوادد والتعاطف بين البشر المؤمنين به "وكونوا عباد الله إخواناً". والعلاج للعرج والعور الذي نحن عليه هو أن نعرف من نحن (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس) وما رسالتنا، وما هي أفضل السبل لتأديتها وكيف التخلص من أخطائنا؟ وكيف نستفيد من تجارب الأمم، وكيف يمكن أن نأخذ الدروس من أحداث النصر وأيام الهزائم، لماذا انتصروا ولماذا هزمنا؟. إن الخير مركوز في فطرة البشر (إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد...) ويضبط هذا الخير. الوحي الإلهي، ويزيل ما يشوبه من غبش، وهذا هو معنى المعروف، ولا بد من تعريف الناس بهذه المهمة حتى يعرف الناس أجمع، ما هي وجهة هذه الأمة وما هي شرعتها؟ إن مزاعمنا ومزاعم غيرنا لا وزن لها عند الله الذي يقول ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجزيه ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً...). إن ديننا يزن الأعمال بميزان الذرة ولا يقبل الفوضى الهائلة والادعاءات الزائفة التي تقع بين الناس سواء كانوا مسلمين أم كانوا هوداً أو نصارى (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) فعلى من يهمه شأن هذا الدين الاتجاه إلى عامة الناس لغرس ما لا خلاف فيه بين المسلمين من العقائد وتزكية الأخلاق والتمسك بالتقاليد الشريفة والحظ عليها وتحصين الأمة ضد الانحلال والانحراف الذي يسوقه أناس (يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا). إن علينا أن نصدق النوايا مع الله ونحسن الأفعال والأقوال لندخل مجاهل نفوس الناس دون توان لنعيد بناء أمتنا التي توشك أن تتحول إلى أنقاض، حيث جهل الجاهلين وقلة صدق العاملين، إن كل عمل مقرون بالجهل بأبجديات هذا الدين أو الغلو والتعصب، يصيب هذا الدين – الإسلام- في مقتل، ويجعل صاحبه – أراد أو لم يرد- عوناً لخصوم هذا الدين. أخي الصادق وطن نفسك على طول الطريق وأن أمامك عقبات كؤود لا يجتازها إلا المجدون (أقم الصلاة واؤمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور).. إنها رسالة الأنبياء (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله...). وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين