27 أكتوبر 2025

تسجيل

أوقفوا نزيف السودان

07 مايو 2023

وكنا نظن أنه يمكننا أن نطوي صفحة السودان العزيز على قلوبنا جميعا بعد أن تشكل المجلس الانتقالي الذي أعقب الانقلاب على الرئيس السابق عمر البشير القابع اليوم في سجن خاص بتهم تتعلق بالفساد وسوء إدارة السلطة ولكن يأبى كل انقلاب إلا أن يأتي بانقلاب آخر في سلسلة لا يبدو أن هذا البلد سيخرج منها دون خسائر رغم الوساطات التي تقودها الأمم المتحدة ودول أفريقية حاليا للملمة الفوضى التي حدثت بعد انقلاب قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان على رئاسة الحكومة الانتقالية ورئيس وزرائها عبدالله حمدوك في 25 أكتوبر من عام 2021 حيث انتقل الأخير بعده قيد الإقامة الجبرية في منزله تحت دعوى الحفاظ على سلامته رغم ترشيحه فعلا لرئاسة أي حكومة انتقالية جديدة يضعها الجيش كما قال البرهان في مقابلة متلفزة مع وكالة ( سبونتيك ) الروسية بأنه شخصيا لم يستسغ كلمة انقلابه على السلطة بهذا المسمى وإنما وصفه بتصحيح مسار المجلس السيادي الذي وصفه بأنه لم يحقق شيئا من المتفق عليه وكان فيه خلل كبير حيث عجزت الأحزاب المكونة للائتلاف في التوافق على أي من موضوعات الساعة وفشلت في التوافق حتى على احتواء القوى السياسية وعلى قيام المجلس التشريعي وقيام حكام الولايات وأنه توقع جيدا أن يقوم الإعلام الذي وصفه بأنه غير دقيق وغير أمين وغير الصادق باعتبار ما قام به من خطوة تصحيحية لمسار الخطة السياسية للبلد هو انقلاب واستيلاء شخصي على السلطة مما أثار ردود أفعال دولية غاضبة على خطوته التي قادها بمساعدة الجيش وهو أكبر سلطة تملك القوة والنفوذ لبسط أي سياسة جديدة سواء على الشعب أو حتى الحكومة مثمنا في الوقت نفسه موقف روسيا المساند لخطواته التي اتخذها وأنه على اتصال مستمر مع السفير الروسي في بلاده حول إنشاء قاعدة بحرية روسية وأنه ملتزم باسم السودان على تنفيذ كافة الاتفاقيات الدولية أو حتى الثنائية حتى النهاية. وأنا هنا لست لتذكر ذاك الخلاف الذي حصل بين البرهان وحمدوك آنذاك وهما اللذان قادا الانقلاب الأكبر في الإطاحة بعصا البشير الرئاسية التي لطالما كان يلوح بها في الأفق إبان المظاهرات التي كانت تخرج على شكل مجموعات شعبية منظمة والمطالبة بإسقاط نظامه الممتد منذ أكثر من ثلاثين عاما ونجحت أخيرا في انتزاعه من سدة الحكم بقوة الجيش الذي اصطف يوما بجانب رغبة الشعب فهما في الأخير كانا يبدوان شريكين جيدين في ترؤس البلاد وتبدو مصالحهما واحدة وإن افترقت وتفرعت طرقهما عند ذاك الحد لكني بصدد ما يجري اليوم من أحداث دامية جعلت شعب العاصمة ( الخرطوم ) ما بين مشتت هارب للولايات الخارجية التي لا تزال آمنة نوعا ما أو لاجئ للدول المجاورة لا سيما إلى مصر وأثيوبيا رغم إعلان الأولى أنها لن تستطيع أن تؤوي المزيد من اللاجئين السودانيين وذلك بسبب رئيس الجيش النظامي الحكومي السوداني عبدالفتاح البرهان وبين قائد الدعم السريع حميدتي الذي يبدو أن سعيه الواضح لتولي مقاليد حكم البلاد محفوفا بدماء المدنيين الأبرياء الذين كانوا يحلمون بحكومة مدنية كما وعد البرهان بعد أقل من ثلاث سنوات من خلع البشير عن سدة الحكم ومع هذا فالأمور الحاصلة في هذا البلد الشقيق يجعلنا اليوم نتأمل بكل تفاؤل بمباحثات جدة بين المتناحرين السودانيين لعل هذه المباحثات تفضي بإعادة اللاجئين إلى بلادهم ووقف الشتات وصوت الرصاص الذي طغى على صوت العقل والحوار بين هؤلاء الذين يعيدون تاريخا لا طائل منه للسودان ونأمل حقيقة أن ينعم شعبه بالاستقرار والأمان بعد أن وصل الرصاص حتى داخل بيوتهم التي من المفترض أن تكون المأوى الذي يمنع تسلل الموت المفتعل والمتعمد من هذه القوات إلى الشعب فحمى الله السودان وأهله.. اللهم آمين.