14 سبتمبر 2025

تسجيل

بالونات الإدارة الأمريكية!

07 مايو 2018

أعلن وزير الخارجية الأمريكي (مايك بومبيو) ضرورة وقف حصار دولة قطر وإنهاء الأزمة الخليجية، وذلك يوم 29/4/2018، عشية زيارته إلى المملكة العربية السعودية، خلال مؤتمر صحفي له مع وزير الخارجية السعودية (عادل الجبير) في الرياض؛ في خطوة غير مُتوقعة من الإدارة الأمريكية، بعد أن عوّلت دول الحصار على هذا الرجل الذي جاء بعد إقالة الوزير السابق (ريكس تيلرسون)، بأن تأخذ الإدارة الأمريكية خطواتٍ أكثر ميلاً لدول الحصار. هل كانت هذه التصريحات "بالونات اختبار" من الإدارة الأمريكية؟ أم أنها رسالة واضحة سوف تترتب عليها خطوات قادمة تحسم قضية حصار دولة قطر، وتُنهي التوتر الحاصل بين أعضاء دول مجلس التعاون؟ ولعلنا نتذكر تصريحات الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) قبل شهور عندما قال: لابد من حل الأزمة الخليجية، ولسوف نُحضر القادة هنا – واشنطن – ونحل الأزمة!.  معلوم أن القمة الأمريكية الخليجية تم تأجيلها إلى سبتمبر القادم، نظراً لاختلاف وجهات النظر بين الفرقاء الخليجيين وتصريح الرئيس الأمريكي حينها: "لا قمة في (كامب ديفيد) قبل حل الأزمة الخليجية"! فهل تصريح وزير الخارجية الأمريكي في الرياض يُنبى عن "جدية" الولايات المتحدة في إيجاد مخرَج للأزمة الخليجية؟ أم أنه تعبير دبلوماسي لـ "مطِّ" أمدِ الأزمة بعد اقترابها من عامها الثاني؟ وكان وزير الخارجية الأمريكي السابق (ريكس تيلرسون) قد صرّح قبلاً "إن الحصار الذي تفرضه دول خليجية على قطر غير مقبول، نعتقد أنه من المهم بقاء مجلس التعاون الخليجي موحداً". وكان الرئيس الأمريكي (ترامب) قد ألمح خلال لقائه قادة دول مجلس التعاون في الرياض العام الماضي، إلى تأييدٍ مبطّن للإجراءات التي اتخذتها دول الحصار، وذلك بربط القضية في محاصرة الإرهاب ووقف تمويله، في الوقت الذي وقعّت دولة قطر على مذكرة التفاهم مع الولايات المتحدة حول تمويل عمليات مكافحة الإرهاب في يوليو 2017، وهنالك من يفترض أن تفرض الإدارة الأمريكية ذات المذكرة على بقية دول مجلس التعاون ضمن حزمة الحلول التي تنوي مناقشتها مع دول المنطقة. فيما أعلن (ترامب) خلال لقائه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في نيويورك أن علاقات الولايات المتحدة بقطر تشكل "صداقة طويلة".. مؤكداً أنه يحاول حلَّ الأزمة الخليجية.. وأن لديه "شعورا قويا بأنها ستجد طريقها إلى الحل سريعاً جداً". كان ذلك في شهر سبتمبر من العام الماضي!  هذه التصريحات والتلميحات تُضيف إلى "ضبابية" الموقف الأمريكي، وتدعم الشكوك في وضوح رؤية الولايات المتحدة للأزمة الخليجية. ويربط بعض المُحللين قضية إقالة (تيلرسون) بمحاولته تعطيل صفقة الأسلحة لدول خليجية بعشرات المليارات من الدولارات، منها عشرة مليارات إلى المملكة العربية السعودية! اعتماداً على رؤية (تيلرسون) أن ذلك سوف يُسهم في الضغط على أطراف الأزمة الخليجية في محاولة لحلها، في الوقت الذي أعلن فيه مسؤولون أمريكيون – لصحيفة الواشنطن بوست-  أن تعطيل (تيلرسون) لتلك الصفقات لن يكون فعالاً للضغط على المملكة العربية السعودية. (www.ultralswat.com) كما أعلن مسؤولون أمريكيون أنه لا يوجد أي تضارب في موقف الإدارة الأمريكية من أزمة حصار دولة قطر! هذه الضبابية تجعل المواطن الخليجي في حيرة من أمره، خصوصاً مع اقتراب دخول الأزمة عامها الثاني، وتجمّد المبادرات نحو حل الأزمة.  كما يرى محللون أن مصلحة الولايات المتحدة مع دولة قطر تحتم سرعة إنهاء الأزمة، خصوصاً وأن قطر تستضيف أكبر قاعدة للقوات الجوية الأمريكية / القيادة الوسطى، ومركز العمليات الجوية المشترك، وقد تتضرر هذه الامتيازات في حال استمرار حالة التصعيد في الأزمة من دول الحصار، وعدم "دقة" التصريحات الأمريكية الخاصة بالأزمة!. بصراحة، لا يعرف المواطن الخليجي اتجاه بوصلة الإدارة الأمريكية، وسط التصريحات والتصريحات المضادة، واستخدام القفازات الدبلوماسية في التعامل مع أزمة حقيقية تكاد أن تصل عامها الثاني دون أن تلوح في الأفق "جدية" لدى الولايات المتحدة لحلها. بالطبع توجد لدى الولايات المتحدة "حسابات مُعقَّدة" في التعامل مع دول مجلس التعاون، شأنها في ذلك التعامل مع إيران وكوريا الشمالية وروسيا!. ويتساءلُ بعض الأبرياء من أبناء الخليج : " ألا يستطيع الرئيس الأمريكي – بمكالمة واحدة – حلّ الأزمة الخليجية؟ وهل توجد جبهة رفض في المنطقة يمكن أن ترفع صوتها في وجه الرجل؟ أم أن الصورة ليست كذلك، خصوصاً بعد نشر تصريحات من بعض  دول الحصار بأن حلّ الأزمة الخليجية يجب أن يكون في "البيت الخليجي"!؟ وهو قول مردود عليه، خصوصاً بعد محاولات سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة، وتحمّله مشاق السفر منذ رمضان الماضي، وحتى زيارته الأخيرة لدولة قطر ولقاءه أخاه حضرة صاحب السمو الأمير المفدى، كما أن آليات الحل ليست موجودة في ظل الوضع "السيانفسي" الذي حلّ بالمنطقة، في تجاهل تام للتاريخ والجغرافيا والديموغرافيا التي تجمع شعوب دول التعاون، وبدون وجود أية مبررات لفرض الحصار الجائر على دولة قطر. من حق المواطن الخليجي أن يتساءل وبكل براءة عن حقيقة الدور الأمريكي، وحقيقة نَصب "الفزاعات" في المنطقة، وهل فعلاً يوجد من يحاول جرَّ المنطقة إلى مزيد من التأزيم، وبالتالي دخولها في صراعات قد لا تبتعد عنها الاحتمالات العسكرية!؟ خصوصاً وأن حصار دولة قطر لم يُؤتِ أُكلهُ بالنسبة لدول الحصار، بل زاد في ثبات الموقف القطري دبلوماسياً واقتصادياً واجتماعياً، وعزز حبّ الشعب القطري لقيادته رغم كل المحاولات الفاشلة التي قامت بها دول الحصار لزعزعة الأمن في دولة قطر.