23 سبتمبر 2025

تسجيل

أرض الكنانة.. ما بين التاريخ والوضع الحالي

07 مايو 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ما بين الواقع وما يقال فجوة. كما هي ما بين الحقيقة والزيف. لم أكن أتوقع خلال زيارتي لمصر أرض الحضارة والنيل أن أستشعر وأنا أتجول بين أحيائها وشوارعها ومدنها وأسواقها هذا الأمان والاطمئنان. وهذا الترحيب. والاستقبال وتلك الطيبة والكرم الذي يميز شعبها بالرغم من البساطة المعيشية التي يتمتع بها أغلب أبنائها، خلالها انصهرت في داخلي كل عوامل الخوف والقلق، خاصة أنني قادمة من دولة استحوذت اهتمام بعض القنوات الفضائية المصرية الخاصة بألفاظ وكلمات لا تخلو من السخرية والمغالطة ولا تليق بالرسالة الإعلامية ومبادئها، أدركت خلالها بأن صفة التعميم للحالات الاستثنائية الفردية والإعلامية الشاذة خطأ في حق الشعوب والدول، وأن الحقيقة لم يعرفها إلا من يعيشها، وأن الحالات الفردية الشاذة في مضايقة الآخرين تحدث في مختلف دول العالم في مطاراتها وأسواقها وشوارعها نتيجة الاضطرابات السياسية، الحالية. - إن مصر الآن لم تكن كما كانت تغيرت ملامحها بجسورها ومولاتها ومبانيها الممتدة ونظافتها و و. ولكن يبقى الوجه الجميل الآخر للقاهرة هو المسيطر على اهتمام السياح والزائرين كالحسين والسيدة زينب وجامع محمد علي والمقطم والأهرامات وغيرها من الموروثات التاريخية التي تشتهر بها قاهرة المعز وقاهرة الفاطميين. - إلا أن الأزمة الاقتصادية والتضخم الاقتصادي، والغلاء الفاحش المعيشي نخر جيوب أبنائها، وأرهق فكرهم، وأقض مضاجعهم، وشد وطأته على الفقراء وزاد معاناتهم نتيجة تعويم الحكومة للجنيه، ورفع الدعم عن بعض السلع الاستهلاكية، ورفع الدعم عن البنزين مما أدى إلى زيادة الوقود، فهناك من يشتكي من الفقر حتى رغيف الخبز لم يأمن الحصول عليه، وهناك من يشتكي من البطالة، وهناك من يشغل فكره عدم الزواج لعدم توفر السكن والوظيفة وغيرها من الأحوال المؤلمة التي تطوق الشارع المصري وأصبحت الحديث اليومي لأبنائه، فلم يعد يشغله إلا الغلاء المعيشي، الفاحش وكيف يمكن التغلب عليه لتسيير عجلته الحياتية اليومية بأمان وستر. - ولا تختلف دول العالم بكل أقطابها العربية والإسلامية والغربية على مكانة مصر الحضارية والتاريخية والثقافية والدينية، هي أم الدنيا كما ينسب لها وكما ننطقها منذ صغرنا، وهي أرض الكنانة بلد الأنبياء والمرسلين والصحابة وبيت العلم ومسكن العلماء، وموطن المجاهدين، وكرمها الله بذكرها في أكثر من موضع في كتابه الكريم بقوله "وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته" وقوله: "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" وفيها خزائن الأرض التي وكلها الله ليوسف عليه السلام لحفظها، وفيها ولد خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبدالعزيز وغيرها من المكانة الدينية التي تميز بلد النيل عن غيرها، ولا ننسى الأزهر الشريف ومكانته العلمية والدينية في نشر المفاهيم والفكر والفقه، والمدافع عن الشريعة في مواجهة الأدعياء والمغرضين، وهو حامي العقيدة من الفكر المنحرف والضال والذي يمتد تاريخه إلى أكثر من ألف سنة، وأثمر خلالها الكثير من العلماء والفقهاء والمقرئين انتشروا في كل مكان في مدارس وجامعات العالم، ولهم الفضل الكبير في نشر الثقافة الدينية والعلم والفقه. فهل حافظ الأزهر على هذا الدور. وتلك المكانة، كما كان عليه في السابق، إذن في ظل ما نسمع وما نقرأ، أين دوره الآن في مواجهة العبث بأحكام الدين الإسلامي والفتاوى المضللة، والتصريحات التي يدلي بها أصحابها مجاهرة من أفكار باطلة ومغالطات. هادفة لتشويه المفاهيم الإسلامية ومسايرة مع الوضع السياسي الحالي، ولو أنها استثنائية. لأفكار فردية انحرافية إلا أنها محسوبة في أجندة المثقفين والعلماء والمفكرين والسياسيين في أرض الكنانة. فهناك من يريد تعديل أحكام الطلاق وهناك من يطالب بنزع الحجاب، وهناك من يطعن في شهر رمضان ويسخر من الأذان ويقول إن رفع الأذان قلة ذوق، وهناك من طعن في ماء زمزم، وهناك من يبيح الدعارة والشذوذ، وهناك من قال إن الرسول غير معصوم من الخطأ، وكلامه وسنته لم تكن من وحي السماء والأئمة الأربعة لم يفهموا شيئاً، وهناك من يطالب بإلغاء الأزهر لمدة عشر سنوات، وإلغاء مادة الشريعة وغيرها من التصريحات المنحرفة التي تجاوزت كل المفاهيم والقيم الإسلامية وانتشرت وتجرأ أصحابها بالتفوه بها بعد الانقلاب العسكري، ولا يمكن وصفها إلا بأنها حرب على الإسلام ومفاهيمه ومحاولة لتحويل مصر إلى دولة علمانية، كما يريدها أعداء الدين ومحاربوه، فإذا لم يوضع من تفوه بها في ميزان العقاب والمحاسبة، وإذا لم يقم الأزهر بدوره في المواجهة والصد لهذه الفئة وتصريحاتها لمثل هذه الأفكار، فلابد من قادة الدول الإسلامية، ومنظمة التعاون الإسلامي من عقد مؤتمر للتصدي لهذه الهجمة على الدين الإسلامي قبل امتدادها، ولذلك فإن مصر تحتاج الآن إلى من يحافظ على ثوابتها ويعيدها إلى مكانتها الطبيعية لتبقى مصر قائدة للأمة العربية على المستوى السياسي والعسكري كما عهدناها، وتبقى مصر هي التاريخ. والحضارة والوجهة لكل شعوب الدول، فكفانا ما حدث للعراق واليمن وبلاد الشام دول التاريخ والحضارة الإسلامية.