13 سبتمبر 2025
تسجيللا شك أن الإعلام ووسائل الإتصالات الحديثة أصبحت هى الأكثر تأثيرا على القيم والمعتقدات .. بل والتوجهات والممارسات فى مختلف مناحى الحياة الثقافية والإجتماعية والإقتصادية .. ولأننا نعيش الآن فى عصر سيادة الإعلام و ثورة الإتصالات .. وفى قول آخر " عصر الغزو الرقمى " وهو ما يحتاج إلى أن يكون لدى كل فرد منا مهارة التعامل مع الإعلام وفى نفس الوقت الإستفادة من هذه التقنية الحديثة . ولعل هذا ما جعل منظمة اليونسكو توصى بضرورة إدخال التربية الإعلامية ضمن المناهج التربوية فى هذا العصر الذى يتسم بتدفق المعلومات وحتى يمكن تدريب التلاميذ فى سن مبكرة على معرفة أثر وسائل الإعلام – خاصة التلفزيون – وخطورتها .. ولقد أثبتت كافة الدراسات التى أجريت فى هذا المضمار أن القدرة على الإختيار والنقد تؤدى إلى نمو متكامل فى كافة جوانب الشخصية .. وبهذا فإن إعطاء الطلاب – أو التلاميذ منذ صغرهم – قدرا من المعارف والمفاهيم والمهارات الخاصة بالتعامل مع الإعلام وكيفية الإستفادة من المعارف المتوفرة فيه سواء كانت تحليلا نقديا أو إنتاجا إبداعيا يمنحهم القدرة على القيام بذلك بنجاح .. وفى نفس الوقت فإن منظمة اليونسكو باتت تنادى فى السنوات الأخيرة بأن الوعى الإعلامى الناتج عن تربية إعلامية سليمة هى أحد الحقوق الأساسية لكل شخص فى مختلف بلاد العالم .. وبذلك أصبحت اليونسكو أكبر داعم للكثير من الأنشطة والفعاليات التى تنادى بالتربية الإعلامية . وعن تأثير الإعلام على الأطفال نقول بأنه بدأ فى السنوات الأخيرة ما يؤكد – وفق دراسات إجتماعية فى مراكز متخصصة وجامعات مختلفة – بأن مصطلح " براءة الأطفال " الذى كان الناس يستخدمونه لسنوات طويلة للتدليل على الطهر والنقاء لم يعد صالحا للإستخدام فى هذا الزمن الذى إغتال فيه الإعلام تلك البراءة بالسماح بإستغلال الأطفال بطريقة مبتذلة من خلال ظهورهم فى الإعلانات أو الدراما التليفزيونية .. وباسم هذه الإعلانات أو الدراما أصبحنا نحن الكبار نصاب بالدهشة والذهول ونشعر بالخجل لما نسمعه ونشاهده .. ولكن تلك قضية تحتاج إلى مناقشات طويلة وهو ما سنتطرق إليه فى مقالات قادمة .. ولكننا الآن نؤكد فقط على خطورة ما يُبث عبر وسائل الإعلام ليس على الصغار فقط بل وعلى الكبار أيضا . وحيث أن المستهدف من التربية الإعلامية هو الجمهور .. وحيث أن وسائل الإعلام أصبحت من التعدد والتطور والتأثير على حياته – كما أسلفنا – فإنه يحتاج إلى أن يتعلم أسرارها حتى يستفيد من إيجابياتها ويتلافى سلبياتها فإن التربية الإعلامية تهدف إلى إعداد أفراد الجمهور لفهم الثقافة الإعلامية التى تحيط بهم وحسن الإنتقاء والإختيار منها .. ليس هذا فحسب ولكن إعداده أيضا لتعلم كيفية التعامل معها والمشاركة فيها بصورة فعالة ومؤثرة .. أو بمعنى آخر تحصين الجمهور فى مواجهة الإنفلات الإعلامى وتعريفه بالأسلوب الأمثل للتعامل مع مختلف وسائل الإعلام . ونخلص من كل ما سبق إلى أن الوعى الإعلامى الناتج عن تربية إعلامية صحيحة لا يقتصر على جانب التلقى والنقد .. بل يتعدى ذلك إلى المشاركة الواعية والهادفة لتصحيح المحتوى الإعلامى والقدرة على تحليل ذلك المحتوى وتقويمه . وإلى موضوع جديد ولقاء متجدد فى مقالاتنا القادمة بحول الله