12 سبتمبر 2025
تسجيلالجهود الدولية المتسارعة التي أعلنتها الأمم المتحدة بشأن تسريع إجراءات الحد من التلوث والاحتباس الحراري ، وتقليل الانبعاثات الكربونية في الأجواء، أخذت مساحة كبيرة وأولوية قصوى في اجتماعات خبراء البيئة والمناخ ، وذلك لشدة تلك التأثيرات على الاقتصاد والتنمية .فقد نبهت الأمم المتحدة في تقريرها مؤخراً إلى أنّ الوقت ينفد أمام القوى العالمية ، إزاء التأثيرات المتفاقمة للانبعاثات الكربونية واشتداد الحرارة وسخونة باطن الأرض ، وطلبت من المعنيين الإبقاء على أجواء الأرض كما هي، بل والعمل على الحد من تفاقم السلبيات .وقدمت تقريراً أممياً حول ضرورة التحول إلى مصادر الطاقة منخفضة الكربون ما بين 62% من إنتاج العالم بحلول 2050 ، وأنه يتعين على الدول أن تقلص بشكل كبير انبعاثاتها التي لا تزال مرتفعة من جراء الغازات المسببة للاحتباس الحراري ، مما يؤثر على إمدادات الغذاء والمياه ونوعية الاقتصاد التي تعمل به الدول.وأشارت دراسة الأمم المتحدة إلى أنّ مصادر الطاقة منخفضة الكربون مثلت 17% من الإمدادات الإجمالية للطاقة العالمية في 2010 ، وأنه من المتوقع زيادة تلك النسبة إلى 51% بحلول 2050.وفي الاجتماع الأممي الذي عقد مؤخراً بأبو ظبي وناقش تغير المناخ ، عكف على البحث عن حلول ، والبدء في إيجاد بروتوكول دولي للحد من مظاهر التلوث والاحتباس الحراري .فقد تعهدت الدول قبل 20 عاماً بتقليل الارتفاع في الانبعاثات الحرارية من جراء الأنشطة الصناعية ، ولكنها لم تف ِ بعهودها ، فيما حذر الخبراء من تفاقم تلك التأثيرات على الاقتصاد ، وهذا هو السبب في تعرض الأرض للعديد من الأعاصير والفيضانات والكوارث الطبيعية والجفاف .وبرزت إلى السطح الخلافات في المفاوضات حول كيفية الحد من تلك التأثيرات ، خاصة ً الهوة بين الدول الصناعية والدول البيئية والزراعية ، ومدى تأثير تلك المشكلات على التنمية العالمية .وللآن فإنّ التقرير الأممي لم يقدم حلولاً على المستوى الدولي ، فيما يتعلق بالاحتباس الحراري والجفاف والانبعاث الكربوني ، ومدى تأثيره على المنافع والأراضي الزراعية والسهول والمياه وغيرها من أوجه الحياة .كما برزت مشكلات بيئية ملحة ، أبرزها ذوبان الجليد في غرينلاند ، والجفاف الذي بدأ يضرب الكثير من الأراضي الزراعية ، والفيضانات التي أتلفت المزروعات والسهول ، واشتداد الحرارة لدرجات قصوى .فيما ينحو خبراء الاقتصاد إلى الحل عن طريق الابتكار وتعزيز الصناعة النظيفة وتعزيز الطاقة البديلة كحلول تنموية ، بهدف الحد من مخاطر التلوث والجفاف والتصحر .من الجانب الاقتصادي فإنّ التأثيرات المناخية المقلقة تسببت في تراجع الإنتاج الزراعي والمحاصيل في الكثير من الدول بسبب العواصف والفيضانات والانجراف الرملي ، كما عملت على تلويث التربة والأراضي الصالحة للزراعة ، وباتت في حاجة إلى موازنات كبيرة جداً للنهوض بالإنتاج الغذائي .ومن الأثر السلبي على الاقتصاد أيضاً ، تأثير الاحتباس الحراري على الزراعة ، والمياه ، وقلة سقوط الأمطار ، والجفاف والتصحر ، والانبعاث الكربوني المضر لصحة البيئة والإنسان معاً.على المستوى الخليجي .. فإنّ دول التعاون تعقد الآمال على الطاقة البديلة ، التي تزخر بها مثل الطاقة الشمسية والمياه والأمواج والحرارة والصحراء الغنية بالمقدرات الكونية التي يمكن أن تكون بديلاً عن الصناعات النفطية والوقود، حيث يتطلع العالم اليوم إلى الطاقة المتجددة ، لكونها الأقل كلفة ً ، والأكثر فائدة ، والأفضل من حيث نسب التلوث .وبدأت دول المنطقة تنحو البحث عن أوجه استثمارات متعددة في الطاقة المتجددة، لتكون بديلاً عن الطاقة التقليدية ، وبتنا نرى الكثير من المصانع والمراكز البحثية الواعدة في الدوحة وأبوظبي ودبي والرياض ، وكلها تنتهج البيئة النظيفة الخالية من تلوث الوقود أساساً لعملها.تركزت الاستثمارات على ترسيخ قيمة ثقافة الطاقة كمفهوم استراتيجي مستقبلي ، ومحاولة إيجاد منافذ جديدة للطاقة منها الشمسية والرياح والحرارة والأمواج والكهرباء ، وتنويع مصادر الدخل ، والاعتماد على مجالات داعمة للطاقة مثل البتروكيماويات والخدمات والتقنية، على أن تكون صديقة للبيئة .فقد بحث الخبراء سبل الاستفادة من الطاقة البديلة في تنفيذ مشاريع تنموية في ظل الاهتمام الدولي المتزايد عليها خاصة ً مع ارتفاع حدة التأثيرات الطبيعية في آسيا والشرق الأوسط.هذا يدفعنا إلى البحث عن الاستثمار في الطاقة البديلة وعدم الاعتماد على النفط والغاز كمورد رئيسي فقط ، وأنّ العالم مطالب بصياغة استراتيجيات عملية لتعزيز الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة وتوظيف رؤوس الأموال لخدمتها، وتفعيل الحلول من أجل إنقاذ البيئة والاستفادة من الموارد المهدرة في ظل الصراعات .الفرص الاستثمارية في منطقة الشرق الأوسط تتيح للمستثمرين توظيف رؤوس الأموال في تنقية البيئة من التلوث، والاستفادة من المخلفات في مشاريع التدوير وإعادة التصنيع والإنتاج .وأبرز تلك المشاريع الخليجية .. مدينة لوسيل للطاقة النظيفة، ورأس لفان، وأمسيعيد والمصانع صديقة البيئة ، والملاعب المطورة التي تعكف قطر على إنشائها على أسس بيئية سليمة ، ومدينة مصدر بدولة الإمارات العربية المتحدة ، ومدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة بالمملكة العربية السعودية .هذه المدن دلالة على الوعي الخليجي بأهمية البدء بوضع أساسيات البنية التحتية للطاقة البديلة التي تقي عالمنا من الانبعاثات والإضرار بالبيئة .