15 سبتمبر 2025
تسجيلبعد نشر جريدة الشرق مقالة "الشركات الأجنبية وتأخر دفعاتها" الأحد الماضي (بتاريخ 31 /3 /2013) وردتني عدة اتصالات بعضها من جهات حكومية والبعض الآخر من القطاع الخاص تبين صحة ما ذكرته، وفي نفس الوقت يؤكد بعضها الآخر أن بعض تلك الشركات تستلم مخصصاتها بالكامل من وزارة الاقتصاد والمالية ولكنها تتأخر في دفع مستحقات الشركات المحلية، مدعية أنها لم تستلم الدفعات من الحكومة لغرض ما في نفسها. وهذا في حد ذاته يدخلنا في مشكلة أكبر وهي احتمال هروب بعض الشركات الأجنبية بدون الدفع للشركات المحلية. إن القانون رقم (13) لسنة 2000 بشأن تنظيم استثمار رأس المال الأجنبي في النشاط الاقتصادي ذكر في الفقرة (2) من المادة (2) أنه "ومع ذلك يجوز بقرار من الوزير السماح للمستثمرين الأجانب بتجاوز نسبة مساهماتهم من 49 % وحتى 100 % من رأس مال المشروع.." أما المادة (3) فهي تقرأ كالتالي "يجوز للوزير بعد التشاور مع الجهة المختصة الترخيص للشركات الأجنبية المرتبطة بعقود أعمال في الدولة بتنفيذ عقودها إذا كان ذلك يحقق تيسير أداء خدمة أو منفعة عامة". وأجاز القانون القطري، وبموجب مرسوم أميري، استثمار الأشخاص غير القطريين لأموالهم دون شريك قطري في مجال الصناعة أو الزراعة أو التعدين أو القوى المحركة أو السياحة أو مقاولات الأعمال. وكل ما ذكر يعني أن الشركات الأجنبية تستطيع الحضور إلى قطر بكفالة نفسها وتستطيع المغادرة متى ما أرادت ذلك بدون مرجعية محلية أو كفيل قطري. وكما بين لي أحد الأشخاص أن شركة حكومية صينية كتبت لشركته شيكا بنكيا بمبلغ 513 ألف ريال عن أعمال حقيقية منجزة لمشروع حكومي ولعدم وجود رصيد لديها فقد رفع الأمر للقضاء وقبل صدور الحكم كانت الشركة قد غادرت البلاد بدون إشعار المتعاملين معها لأنها كفيلة نفسها مباشرة مع هيئة الأشغال العامة. وعندما ذهب صاحب الشركة لأشغال للمطالبة بحقوق شركته قيل له ان أشغال غير ملزمة لأن العقد من الباطن مع تلك الشركة وليس مع أشغال. وعليه فقد ضاعت حقوق الشركة المحلية. إن دولة قطر تملك مقومات كثيرة تجذب بها الاستثمارات الأجنبية ومن أهمها الاستقرار السياسي والاجتماعي بالإضافة إلى اتباعها سياسة الاقتصاد الحر.. وفي نفس الوقت تمنح مجموعة كبيرة من الامتيازات لجذب الاستثمار الأجنبي منها وليس كلها: 1. حرية دخول رأس المال وخروجه من وإلى البلاد. 2. حرية تحويل الأرباح والأصول متى رغب المستثمر في ذلك. 3. حرية التحويل للعملات الأجنبية وثبات سعر الصرف تقريبا. 4. الحصول على تمويل مناسب كقروض من بنك قطر للتنمية بفائدة يسيرة.. ويحق للمستثمر الأجنبي الحصول على إعفاءات متنوعة منها: 1. استيراد ما يحتاج إليه في إنشاء المشروع أو تشغيله أو التوسع فيه. 2. إعفاء رأس المال من ضريبة الدخل لمدة من الزمن طويلة. 3. الإعفاء الجمركي لواردات المشروع من آلات ومعدات ومواد أولية.. وما ذكر فقط جزء يسير من الامتيازات (للمزيد أنظر الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية) ولو كانت مثل هذه الامتيازات مخصصة لإنشاء مشروع صناعي بهدف نقل وتوطين التكنولوجيا لكان أنفع للمجتمع القطري، ولكن المتتبع لأعمال تلك الشركات يجدها قد امتدت لتشمل كل الأنشطة التي كانت تزاولها الشركات المحلية مما أجبر شركاتنا على التوقيع معهم بعقود من الباطن لتنفيذ أعمال لا تستطيع الشركات الأجنبية القيام بها. صحيح أن الكفيل أو الوكيل القطري، في حالة مغادرة الشركة الأجنبية، يتحمل كل التزاماتها من عقود مع الحكومة ومع المتعهدين، ولكن على الأقل هناك مرجعية للحصول على الحقوق الضائعة.. وكان الكفيل القطري يعلن عن مغادرة الشركة الأجنبية في الجرائد قبل التصريح لهم بالمغادرة ولكن يحدث في بعض الأوقات أمور خارجة عن إرادة الكفيل، ويصبح بدوره هذا الكفيل في وضع لا يحسد عليه.. لذلك، وللمشاكل التي قد تحدث للكفيل القطري فإننا لا نصر على وجوده، ولكن على الجهات الرسمية التي تسمح للشركات الأجنبية بكفالة نفسها لمباشرة العقود المختلفة أن تقوم: 1. بتوثيق كل العقود من الباطن بين الشركة الأجنبية والشركات المحلية وينص عليه بالعقد الرئيسي. 2. أن يتم حجز مبلغ من المال كضمان لجودة العمل وفي نفس الوقت حجز مبلغ آخر لضمان تسديد الدفعات للشركات المحلية. 3. الاتصال بالمجلس الأعلى للقضاء لمعرفة إذا كانت هناك قضايا مرفوعة على الشركة الأجنبية أو لها. 4. قيامهم بإبلاغ كل أصحاب العقود من الباطن الموثقة لديهم بانتهاء عقد أعمال الشركة الأجنبية ولهم الحق بالتقدم للمطالبة بالدفعات المستحقة قبل السماح بمغادرة الشركة لأراضي دولة قطر. وفي الختام فإنه بين عشية وضحاها تنجح الشركات الأجنبية بالتلاعب بحقوق الشركات المحلية، وذلك باستخدام القوانين القطرية، ولا تستطيع هذه الشركات صاحبة الحق المطالبة بأموالها او استرداد حقوقها.. وفي هذا نريد أن نعرف: كيف تستطيع الشركة المحلية المطالبة بقيمة الشيك البالغ 513 ألف ريال قطري؟!. والله من وراء القصد..