31 أكتوبر 2025
تسجيلإمكانية حدوث مواجهة عسكرية روسية - أوكرانية أكثر من قائم، روسيا أرسلت ما يقارب العشرين ألف جندي روسي إلى شبه جزيرة القرم (هذه التي كان قد أهداها نيكيتا خروتشوف إلى أوكرانيا في أواسط الخمسينيات من القرن الزمني الماضي)، تهديد أمريكي – أوروبي بفرض الحصار الاقتصادي والعقوبات على روسيا. حلف الناتو يعقد اجتماعات متتالية، الاستنفار بين القوات الروسية المحاذية لأوكرانيا في أعلى درجاته، ما كاد حبر الاتفاق بين الرئيس يانكوفيتش والمعارضة الأوكرانية يجف (والذي كان قد وقع في 21 فبراير الماضي) حتى سارع البرلمان الأوكراني إلى عزل الرئيس وإصدار مذكرة اعتقال بحقه بتهمة: القتل الجماعي وتعيين رئيس البرلمان ألكسندر تورتشينوف رئيسا بالوكالة حتى تنظيم انتخابات رئاسية جديدة. يانكوفيتش بدوره تخلى عن مقر إقامته في كييف للمتحجين، الرئيس المعزول وصف الأحداث الدراماتيكية بالانقلاب، لقد وافق البرلمان الأوكراني أيضاً على الإفراج عن رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيميشينكو التي كانت معتقلة، البرلمان الأوكراني تخلى بشكل حاسم عن يانكوفيتش بعد انفضاض الموالين للأخير عنه. الإطاحة بالرئيس الأوكراني تمثل انتكاسة واضحة لروسيا وللرئيس بوتين شخصياً، والذي حاول بكل جهده امتلاك أفضل العلاقات مع أوكرانيا وبيلاروسيا من أجل تشكيل تجمع من الجمهوريات الحليفة وريثة الاتحاد السوفيتي في اتحاد أوروآسيوي مع الجمهوريات الآسيوية التي كانت تنضوي تحت لواء الاتحاد السوفيتي. ما جرى في أوكرانيا يذّكر بما جرى قبل ما ينوف عن العقد الزمني، ففي عام 2004 ونتيجة لما سُمّي بــ(الثورة البرتقالية) نجحت المعارضة في الإتيان برئيس حليف للغرب هو فيكتور يوتيشنكو. لكن التناقضات بينه وبين حليفته رئيسة الوزراء تغلبت على التحالف بينهما، حينذاك كان يانكوفيتش يجلس على مقعد المعارضة بعد أن كان رئيسا للوزراء. الأخير اتهم الرئيس بتزوير الانتخابات. ظلت الأحوال تتماوج في أوكرانيا حتى انتخابات عام 2010 حين نجح فريق موسكو وهو الأمر الذي أدى بتيموشينكو إلى السجن بتهمة سوء استغلال السلطة حينما كانت رئيسة الوزراء وتسلم حليف روسيا للرئاسة. منذ تسلم يانكوفيتش منصبه كرئيس لجمهورية أوكرانيا ظلّت المعارضة تنشط في كثير من الأحيان رغم خفوت صوتها لسنوات. منذ بضعة شهور خرجت المعارضة إلى الشارع احتجاجاً على عدم توقيع الرئيس يانكوفيتش على اتفاقية الشراكة مع دول الاتحاد الأوروبي وظلّت تعمل بطريقة تصاعدية حتى الخطوات الأخيرة. بالطبع ليس ما حدث في عام 2004 قابلا للتكرار في عام 2014 فالمعارضة استفادت من أحداث 2004، وليس من السهولة بمكان أن تفرّط فيما حققته من إنجازات (وهي بالفعل استطاعت تحقيق إنجازات في الاتفاق الذي وقعته مع يانكوفيتش قبل بضعة أيام) الاتفاق الذي أصبح بحكم الميت نص على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، وإطلاق سراح تميشينكو حليفة الغرب، كما نص الاتفاق على العودة إلى دستور 2004، بما يعنيه ذلك من تقليص لصلاحيات الرئيس لصالح البرلمان. تقديرات العديد من المراقبين تشي بأن الأوضاع في أوكرانيا لن تستقر عند الوضع الحالي، نعم، بالنسبة لأوكرانيا الاحتمالات مفتوحة على أكثر من صعيد: هناك التهديد بالتقسيم بين أوكرانيا الشرقية والأخرى الغربية. روسيا التي أعلنت رفضها للخطوات الأوكرانية الأخيرة من خلال تصريحات واضحة ومحددة لرئيس الوزراء ميدفيديف نادت بالعودة إلى تطبيق الاتفاق الموقع بين حليفها يانكوفيتش وبين المعارضة. وهذا ما تردد على ألسنة العديد من المسؤولين الروس. روسيا قد تلجأ إلى التدخل العسكري في أوكرانيا، احتمال الحرب الأهلية احتمال وارد هو الآخر، الأمر مرهون بتطورات الصراع، غير أن من الثابت القول: إن روسيا (والرئيس بوتين شخصياً) لن تقف مكتوفة الأيدي في الصراع الدائر في أوكرانيا، روسيا ليست على استعداد لفقدان أوكرانيا وتثبيت قوات الناتو وصواريخه على حدودها.