13 سبتمبر 2025
تسجيلالحمد لله حمداً كثيراً أن رأيت، بعد أكثر من ثلاثة أسابيع، رداً في جريدة الشرق بتاريخ 5 /3 /2012 من لجنة قبول المهندسين ومكاتب الاستشارات الهندسية، على مقالتي التي كنت أتمنى فيها أن تكون الزيارة مخيبة لآمالهم. والحمد لله أن من قرأ المقالة ورد عليها لم يفهم مدلولها ولا مقصدها فخرجت متناقضة في معانيها. وكنت عزمت على ألا أرد على الرد ولكن جملتين وردتا في ردهم جعلت الرد على اللجنة إلزاميا وهما: أولاً: أن الدكتور أثار العديد من المغالطات. ثانياً: أن تصحيح تلك المغالطات للمصلحة العامة. في بداية مقالتي السابقة ذكرت بالحرف الواحد "إن الله أبتلى لجنة قبول المهندسين ومكاتب الاستشارات الهندسية بدولة قطر بقانون نستطيع القول عنه إنه وضع بأيد غير قطرية لمصلحة مواطنين غير قطريين"، وهذا يعني أن اللجنة مجبرة على العمل بالقانون سواء رغبت في ذلك أم لم ترغب. ولهذا فاللجنة تعترف في ردها بأن القانون المطبق لا يخدم المصلحة العامة وعليه فقد "تقدمت اللجنة بمقترحات بناءة لتعديل بعض مواد القانون واللائحة التنفيذية"، ولكن للأسف الشديد، وكما ورد في الرد، فإن تلك المقترحات "مازالت قيد الدراسة من قبل الجهات المختصة" ولا أعتقد أن هناك مَن هو متخصص في هذا المجال أكثر منهم إلا إذا كان القصد من ذلك هو البحث عن قانونيين غير قطريين لصياغة مواد هندسية شديدة التخصص لمصلحة غير القطريين. وإنني لا أنكر إن مكاتب المسئولين عن اللجنة، بارك الله فيهم، مفتوحة وعندهم الرغبة في التطوير ولكن يبقى السؤال المهم: متى سيحدث التغيير والتطوير؟. أما الزيارة التي كنت أتمنى فيها أن تكون مخيبة لآمالهم لأنها كانت زيارة للاطلاع على تجارب الآخرين كأننا في دولة قطر لم نتعد مرحلة التجارب حتى الآن وفي نفس الوقت لماذا نغير على الآخرين سهولة الإجراءات التي هم مقتنعون بها؟ ونأتي للملاحظات التي أشير لها في الرد على أنها اتهامات ينقصها الدليل المادي والموضوعي (مرتبة حسب ما جاء في الرد): أولاً: الخوف من تضارب المصالح: لقد تغلبت مؤسسة البترول والعديد من الجهات على ما يسمى بتضارب المصالح وهو الجمع بين الوظيفة والمشاركة في شركات ذات المسئولية المحدودة، والتي يشير لهم القانون المطبق باللجنة بالشركاء أو الملاك فما بالنا لو كنا نتحدث عن شركات مساهمة لا يملك فيها الشخص سوى أسهم وليس الشركة في ذاتها. وبالرجوع إلى محاضر النيابة العامة أو المحاكم نرى الكثير من الأشخاص تم تحويلهم للقضاء بسبب تضارب المصالح. فلهذا فإن عملية الحوكمة والشفافية هي لجهات لها سلطة أعلى وتصدر أحكامها باسم سمو الأمير المفدى حفظه الله. ثانياً: إن القوانين التي تطبق في قطر، والتي صدرت بعد القانون المطبق من قبل اللجنة، والحمد لله، فيها الكثير من المواد التي لو استخدمت لسهلت الكثير من الأمور. قال تعالى "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ.." الأعراف: 199. ويقول السعدي في شرحه: "هذه الآية جامعة لحسن الخلق مع الناس، وما ينبغي في معاملتهم، فالذي ينبغي أن يعامل به الناس، أن يأخذ العفو، أي: ما سمحت به أنفسهم، وما سهل عليهم من الأعمال والأخلاق. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا.." هذا الأمر يحدث في العبادات فما بالنا في المعاملات. وبما أن آيات القرآن الكريم يتبع في بعضها أسلوب النسخ كما قال رب العالمين "مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" البقرة: 106، فمن باب أولى أن القوانين التي وضعها البشر تنسخ ما قبلها علماً بأن معظم القوانين تؤكد في نهايتها بإلغاء كل حكم يخالف أحكام هذا القانون. وعليه فإن اللجنة كانت تستطيع أن تطبق ما أجمعت عليه الكثير من الدول ومنهم دولة قطر بدلاً من التطبيق الجامد لقانون هم معترفون بأنه يحتاج لتعديل. أما الشق الثاني من ثانياً والتي تحاول اللجنة فيه رمي عملية الاعتراف بالشهادة على المجلس الأعلى للتعليم فنقول إن المجلس لم يقصر وهو يقوم بين فترة وأخرى بإصدار قائمة بالجامعات المعترف بها في دولة قطر ولو قورنت شهادات المهندسين بتلك القائمة لرفضت طلبات تأهيل الكثير منهم. ثالثاً: إن الدستور القطري يؤكد العدل والمساواة وتكافؤ الفرص في جميع النواحي لكل الأطراف سواء حكومية أو غير حكومية ولكن القانون الذي تعمل به اللجنة، الذي سمح لموظفي الجهاز الحكومي ومَن يعمل لصالح الحكومة بالعمل كحالات استثنائية خالف الدستور القطري في هذه الجزئية. وكان من المفروض أن تقوم اللجنة بتصحيح الخطأ عن طريق تنفيذ مواد الدستور التي من المفروض أن تكون مقدمة على القانون والعمل به. إنني أعلم علم اليقين إن المكافأة الشهرية التي تدفع للأعضاء هي قليلة مقابل الجهد المبذول من الأعضاء الكرام ولكن يبقى السؤال هل شروط ومعايير صرف المكافأة الشهرية والمعتمدة من الوزارات المختصة مطبق في هذه اللجنة؟. رابعاً: وعند قراءة ما جاء في ردهم في رابعاً تذكرت قصة جهاز الكمبيوتر. فأول ما صنع ذلك الجهاز كان يشغل مساحة غرفة كبيرة الحجم، أما الآن فإن الكمبيوتر نستطيع أن نضعه في راحة اليد الواحدة. إن تصنيف المكاتب الهندسية، كما هو معمول به، يخضع للعديد من الشروط، وهذا لا خلاف عليه، ولكن من ضمن الشروط هو المساحة وعدد المهندسين. الآن فإن المساحة، كما هي حال جهاز الكمبيوتر، لا تعني شيئاً أمام التطور التكنولوجي الكبير ولا نستطيع أن نقول أن الكمبيوترات الحالية يجب ألا تصنف بأنها كمبيوترات، إلا إذا شغلت حيزاً مكانياً كبيراً. وقياساً على ذلك فإننا لا نستطيع تصنيف المكاتب الهندسية إلا إذا تم تخصيص مساحة 9 أمتار مربعة لكل مهندس. خامساً: ولا أزال عند رأيي بأن اللجنة لا تمنح المكاتب موافقة مبدئية لمهندسيها قبل استقدامهم للدولة لتيسير إجراءات قيدهم مما يترتب عليه خسائر مالية كبيرة. ولنسأل الأعضاء الكرام هل تقابلون مهندسين وافدين ليسوا على كفالة المكتب الهندسي. طبعاً سيكون الجواب، كما ورد في ردهم "وفقا للشروط التي تجيزها اللائحة، فاللجنة محكومة بتلك الشروط وليست مطلقة اليدين" والسؤال هو كيف تقولون في ردكم على المقالة وصاحبها بأن هذا الأمر هو مناف للحقيقة؟. سادساً: لم أذكر في المقالة المذكورة أن اللجنة رفضت تأهيل أحد المهندسين بسبب اللغة ولكني ذكرت إنه لم يجتز المقابلة للفئة المطلوبة بسبب عدم معرفته باللغة الإنجليزية وهناك فرق شاسع بين الرفض كرفض لتأهيل المهندس وبين الفئة المطلوبة. سابعاً: تقييم الشهادات، وكما سبق القول، هي من اختصاص المجلس الأعلى للتعليم وهذا الأمر لا خلاف عليه. ولكن المجلس لا يعترف سوى بالجامعات المسجلة في قوائمه. ولذلك ليس بغريب أن القطريين الذين طلب منهم الذهاب للمجلس الأعلى للاعتراف بحصولهم بما يفيد تخصصهم لم يتقدم مرة أخرى إلى اللجنة لأن المجلس لم يعترف أصلاً بالجامعات التي درسوا فيها. وأخيراً نقول للجميع إن ما قصد في عبارة اللجنة "وبعيداً عن أي مصالح أو أغراض ذاتية ربما تكون خافية على القارئ" بأن القصد هو أن الشركة التي وقعت تحت براثن القانون الذي تطبقه اللجنة حرفياً هي شركة مساهمة قطرية كنت رئيس لجنة تأسيسها وعضواً فاعلاً في مجلس إدارتها ولكن وجودي في تشكيلها لم يكن باختياري بل عن طريق اجماع المؤسسين، وليسوا الشركاء أو المالكين، وطلب مني أن استمر في مجلس إدارتها لتحقيق مصلحة عامة لعدد يزيد على 270 مساهما مواطنا وليس لأغراض ذاتية خاصة، حتى إنني، وبعد ثلاث سنوات من العطاء، لم استلم أية مكافأة من الشركة عن عضويتي في مجلس إدارتها حتى منزلي المستقبلي، والحمد لله، دفعت تكاليف تصميمه من حسابي الخاص. وفي الختام نقول إننا نعلم أن اللجنة الحالية ورئيسها الحالي، الذي هو أخ لنا منذ سنوات طويلة، يعملون بكل ما أوتوا من قوة لتطوير العمل وأن بعض الأعضاء ممن يستلمون المكافأة الهزيلة، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، يعمل إلى ساعات متأخرة من اليوم ولكن يبقى السؤال المهم: هل مستوى التقدم في عمل اللجنة وتطوير الإجراءات يتناسب مع سرعة وتيرة تقدم البلاد. وفي نفس الوقت هل يعلم أعضاء اللجنة الكرام أننا عندما نكتب وننتقد أية جهة إنما نقصد الصالح العام موجهين بحب سمو الأمير المفدى، رفعه رب العالمين أعلى عليين إن شاء الله، لدولة قطر وشعبها الكريم. وهناك في الجعبة المزيد. والله من وراء القصد،،