11 سبتمبر 2025

تسجيل

«باركود» أنت وأنا والدجاجة

07 فبراير 2022

«توهم المرض» أو «مرضى التوهم» وغيرها من المسميات التي تُطلق على الأفراد الذين يشعرون بأنهم مرضى أو يخافون من الإصابة بالأمراض ما يترافق مع حالات القلق والتوتر وقد يؤدي فيما بعد إلى الاكتئاب. في بحث إلكتروني سريع يظهر مصطلح «مرضى التوهم» ومؤشراته وأعراضه وسُبل علاجه، لكن جملة واحدة أعتبرها طوق النجاة وهي: «زاد حصول المرض بسهولة الحصول على المعلومات»، تلك المعلومات المتناقضة التي تدخل بيوتنا وقلوبنا وعقولنا وأجسادنا عُنوة، ما يجعلنا نتساءل عن حقّ الإنسان في اختيار نوعية الحياة التي يعيشها. الحكومات أصبحت تخاطب شعوبها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، المصارف تفرض علينا التعامل الإلكتروني، الصحة كذلك، متطلبات العمل، المقاهي تفرض علينا مسح قائمة الطعام إلكترونيًا، الدخول لأي مرفق يتطلب الحجز عبر التطبيقات، جوالك مرتبط بمنصة عملك قسرًا.. هناك من يُصادر حياتنا، ويسلبنا حقّ الاختيار. نحن لا نتوهّم المرض، هناك من يزرع فينا القلق والاضطراب، والضغط لوضع كلمات السرّ، وحفظها، وتبديلها.. محاصرون بكمّ هائل من المعلومات الإلزامية. ومن يريد أن يتلقف هذه الفكرة على أنها «وسواس قهري» بنظرية المؤامرة، فليراجع مسار حياته ويسأل نفسه: هل ما زال الطبيب والمدير والموظف الرسمي ينظر إلى حالتك الصحية، والمهنية، والذهنية، والنفسية، على أنك «إنسان» أو أنك مجرّد رقم بالنسبة له أو «باركود»؟ ما يُعزز فرضية تكسير مشاعر «الأنسنة» وتحويلنا إلى «باركود»، خبر جديد يأتي في هذا السياق، حيث فتحت وزارة الصحة الجزائرية تحقيقًا بارتفاع ظاهرة الولادات القيصرية في المستشفيات الخاصة بغرض تحقيق الأرباح، إذ تجاوزت نسبة هذه العمليات الحدّ المعترف به من منظمة الصحة العالمية وهو 15 % من مجموع عدد الولادات، لتصل إلى نسبة 45 %.. هي امرأة وزوجة، وأمّ، ولكن خيار الولادة الطبيعية نُزع منها لأنها مجرّد «باركود»! و«باركود» الطائفية يشع في لبنان بالتزامن مع التكهنات حول الانتخابات النيابية المفترضة في ربيع 2022، موظفة مُحجبة مُنعت من العمل في مُجمّع تجاري شهير، حادثة سابقة وآنية ولاحقة بمثابة التوابل المعززة لنكهة الخصومة السياسية. محبو هذا الطبق الغنيّ بالتوابل الطائفية كُثر، لأن عقولهم المسمومة تحتاجه كالمدمن الذي يحتاج إلى «الكوكايين». السياسيون في لبنان بارعون باستخدام هذه التوابل تجهيزاً للمأدبة الانتخابية، حيث توزيع الحصص الغذائية مقابل الصوت.. والصوت هو «باركود» تجديد الشرعية. الشرعية في تونس على المحكّ بعد قرار رئاسي بحلّ المجلس الأعلى للقضاء بعد تعليق أعمال مجلس النواب وإقالة رئيس الحكومة في السابق، إعادة هيكلة المشهد السياسي قد تضع تونس في دائرة الدول ذات «الباركود» الأحمر. علم تركيا أحمر اللون يُرفرف في عالم الإعلام مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وزوجته إصابتهما بعدوى كورونا ومواصلتهما عملهما، في تكتيك إعلامي يُغلق أية تسريبات تترصد صحة الرئيس، وفي احترام لعقول الشعب. وهذا ما يثير الفضول عن مناعة الإخوة السياسيين في لبنان، تبارك الرحمن، وما شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا يشيخون ولا يمرضون ولا يتعبون، يبدو أن لهم «باركود» خاصاً خالياً من الجينات البشرية. البشر في أمريكا يستعينون بجمعية الرفق بالحيوان في مقاطعة أرلنغتون بولاية فرجينيا، وذلك للقبض على دجاجة كانت تحوم حول المنطقة الأمنية في مقر وزارة الدفاع الأمريكية أي «البنتاغون»، وتساءل المتخصصون في الشؤون العسكرية عمّا إذا كانت الدجاجة شاردة من القنّ، أم أنها جاسوسة، بكل الأحوال ستُصنف في «سيستم» على أنها «جسم دخيل» يحمل باركود. «العداوة» السياسية وإن اشتدّت فلا بُدّ أن تلين تبعًا للمصالح المشتركة، وهذا ما يلوح في الأفق مع تصريحات الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي قال إن إيران مستعدة لاستمرار المفاوضات حتى بلوغ النتيجة مع السعودية في أجواء يسودها التفاهم والاحترام المتبادل. تأتي هذه الخطوة بعد أشهر قليلة من توقيع شراكة صينية- سعودية لبناء برنامج الصواريخ الباليستية.. «التسلح هو باركود» الاحترام المبتادل في المنطقة.