14 سبتمبر 2025
تسجيلحفل الأسبوع الماضي بنشاط دبلوماسي قطري مكثف تكلل بتوقيع عدة مذكرات تفاهم بين دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية، تناولت قضية ترسيخ الحوار بين الطرفين، والتعاون في مجال الأمن، ومكافحة الاتجار بالبشر، والتعاون في مجال الطاقة، ومكافحة الإرهاب. وفي هذا الإطار أعلن سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني أن الشراكة الإستراتيجية بين دولة قطر والولايات المتحدة تعود إلى أكثر من 45 عاما. وأشار سعادته إلى أن "الدوحة وواشنطن وقّعتا إعلانًا للتعاون الأمني الإقليمي يتضمن التزام أمريكا بالتصدي لأي تهديدات خارجية تتعرض لها قطر". وأضاف: "إن هناك اتفاقية دفاعية بين الدوحة وواشنطن، خصوصًا وأن قطر تستضيف قاعدة أمريكية، والولايات المتحدة ملتزمة باتفاقية دفاع مشترك في حالة أي تهديد خارجي". وفي ذات الإطار قال سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون الدفاع في الجلسة الافتتاحية للحوار الإستراتيجي القطري الأمريكي: "إن العلاقة بين البلدين تتجاوز الجانبين الأمني والسياسي لتشمل أيضا العلاقات التجارية والطاقة والاقتصاد". وأضاف: "إن رؤية قطر2030 تضمن بناء القدرات المستقبلية في قاعدة العديد وتحويلها إلى قاعدة أمريكية دائمة". كما أكد العطية في حديث مع راديو جلوبال بوليتيكو أن الجانب الأمريكي حريص على إبقاء منطقة الخليج سليمة ولمصلحة الجميع، وليس من مصلحة أي من الأعضاء أن تندلع أزمات في هذه المنطقة". وأكد أن وزير الدفاع ووزير الخارجية الأمريكيين يبذلان الكثير من الجهد لجلب الجميع معًا. كما أكد العطية خلال برنامج "من واشنطن" على قناة الجزيرة أن قاعدة العديد في تطور دائم وتوسعة مستمرة، "والآن لدينا برامج جديدة لتوسعة قاعدة العديد لتستطيع أن تكون قاعدة تؤدي الخدمات المطلوبة للمرحلة القادمة". ولا شك أن هذا التحرك الدبلوماسي القطري الشامل مع الولايات المتحدة ستنتج عنه آثار جدّ هامة، سواء ما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين الطرفين أو ما يتعلق بالظروف المحيطة بدول المنطقة. ولعل أولى ثمار هذا التحرك وتوقيع الاتفاقيات المتعددة بين الطرفين هو ترسيخ الشراكة مع الولايات المتحدة، وهو أمر لابد منه في ظل صراع قوي في المنطقة يهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار فيها، وكانت أولى بداياته تمثلث في الحصار الذي فُرض على دولة قطر، كبداية لزعزعة الأمن فيها، ومن ثم الانقضاض على الشرعية، والذي لم يُكتب له النجاح، بفعل حسن إدارة قطر للأزمة، والتفاف الشعب القطري حول قيادته، في رفض تام للإجراءات التي اتخذتها دول الحصار ضد دولة قطر. الأمر الثاني هو قطع الطريق على دول الحصار لممارسة أي تحرّك عسكري ضد دولة قطر، حيث كانت النية مبيتة ومُخططا لها، كما أعلن سمو أمير دولة الكويت في نيويورك قبل شهور. وبهذا يطمئن الشعب القطري إلى أن التهديدات التي كانت في الماضي وما تلا ذلك من ترتيبات، قبل وصول القوات التركية إلى قطر، لن يكون لها وجود! وأن توجّه دولة قطر الجديد، بما في ذلك الترتيبات العسكرية مع الولايات المتحدة، سوف يكون عامل ردع لأية مغامرة عسكرية من دول الحصار أو غيرها. وهذا سوف يعزز اتجاه دولة قطر نحو المزيد من مشاريع التنمية والبنى التحتية، بما يعود بالخير على المواطنين والمقيمين. الأمر الثالث أن الاستثمارات القطرية الأمريكية في مجال الطاقة سوف يعزز تلك الشراكة ويؤكد حضور دولة قطر القوي على المستوى الدولي، وبما يفتح آفاق التعاون في مجال الطاقة، ويدعم العلاقات الدبلوماسية القطرية مع دول العالم، على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة، وبما يعُزز الأمن والسلم الدوليين. هذه الأمور مجتمعة تؤكد سلامة الموقف القطري، خلال شهور الحصار، وتُزيل كل الدعاوى التي سيقت من دول الحصار ضد دولة قطر، وتُصبح المطالب الثلاثة عشر والمبادئ الستة في ذمة التاريخ. هذا التاريخ الذي لن يرحم المُعتدي، قدر ما يتصالح مع المُعتَدى عليه! كما أن تلك الأمور مجتمعة تمثل الجدار الحصين لدولة قطر من أية مغامرة جديدة أيا كان مصدرها. إن العلاقات بين الأمم تُقام على أُسس من الوضوح والقانونية، والتي تلتزم بها الأمم المتحضرة، والتي لا تقوم بفعل أو أفعال تتناقض مع روح تلك العلاقات، أو حتى روح المواثيق الدولية التي تُنظم العلاقات بين الدول. ولئن قامت دول الحصار – بفرضها الحصار غير اللائق وغير القانوني – بمناقضة النظام الأساسي لمجلس التعاون، وميثاق الجامعة العربية، وميثاق الأمم المتحدة، بل وبمناقضة روح الأخوة والتاريخ المشترك وأسس العلاقات بين شعوب المنطقة، فإن المعطيات التي برزت خلال الحصار وحتى اليوم تؤكد عدم شرعية فرض الحصار، وتؤكد أيضًا خروج دول الحصار على تلك المواثيق والعلاقات الأخوية، وهذا بحد ذاته كفيل بوضع هذه الدول في قائمة الخروج على المواثيق الدولية! في الوقت الذي تؤكد سلامة الموقف القطري، ونجاحه في الخروج من أزمة الحصار والانفتاح على العالم وبناء علاقات دبلوماسية مع العديد من دول العالم.