14 سبتمبر 2025

تسجيل

العمالة السائبة في دول مجلس التعاون

07 فبراير 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); شهدت المنامة، الأسبوع الماضي، تنظيم ندوة خليجية حول العمالة السائبة في دول مجلس التعاون، والتي تقدر بنحو 4 ملايين عامل أجنبي أي بحدود 20% من مجموع العمالة الأجنبية في الخليج.والعمالة السائبة هي التي يطلق عليها أيضا العمالة غير الشرعية، والتي إما أنها قد دخلت إليها بصورة غير قانونية أو أنها استمرت في البقاء رغم انتهاء صلاحية إقامتها أو قامت بالهروب من كفيلها وحصلت على تأشيرات عمل، حيث بدأت الظاهرة كحالات فردية ثم ترعرعت في ظل بيئة حاضنة ومواتية ومساعدة لتبرز في السنوات الأخيرة كظاهرة ذات تأثير كبير على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والأمني. ولا نتردد في القول إنها باتت تمثل سوقًا رائجة لتجارة غير مشروعة في البشر تقف وراءها مجاميع من داخل وخارج دول المجلس.وكما بينت حوارات الندوة، أن خطورة العمالة السائبة تبرز من أنها عمالة غير مسيطر عليها، حيث إنها لا تخضع لضوابط في حركتها وانتقالها وممارستها للعمل، بالإضافة إلى عدم توفر إحصائيات أو بيانات دقيقة عن أعدادها ونوع المهن التي تمارسها والأموال التي تحصل عليها، ما يؤدي إلى ضعف سلطة الدولة عليها، بحيث يصبح تعقبها أو محاسبتها أمرا صعبا ومكلفا. كما إنه بالنظر إلى الحجم الكبير من العمالة السائبة في دول مجلس التعاون فإن وجودها يؤدي إلى زيادة في حجم تحويلات الأجانب إلى الخارج، وهو ما يفقد دول المجلس أموالا طائلة. حيث تشير بيانات البنك الدولي التقديرية إلى حجم هذه التحويلات، والتي تتراوح من 4% إلى أكثر من 10% من إجمالي الناتج القومي. والتي لو صرفت داخل دول المجلس لارتفعت معدلات النمو في إجمالي الناتج القومي بحسب تلك التقديرات. كما تعتبر العمالة السائبة المكون الرئيسي لما بات يعرف بالاقتصاد أو القطاع غير المنظم، لكونها تعمل خارج نطاق الاقتصاد الرسمي سواء من حيث عدم حصولها على سجل أو ترخيص للعمل أو من حيث عدم تغطيتها بالتأمينات الاجتماعية. ومعروف إن الاقتصاد غير الرسمي يسهم بصورة فعلية في التقليل من مداخيل الدولة لكونها لا تحصل رسوم على النشطاء فيه، كما أن هذه الأنشطة لا تدخل ضمن حسابات الناتج المحلي. كما تخلق العمالة السائبة منافسة غير عادلة للعمالة الوطنية لكونها وبحكم تحررها من دفع كافة الرسوم أو الإيجارات أو غيرها، تكون قادرة على تقديم خدماتها بأسعار أقل مقارنة بالسائد في السوق، وهي كما هو معروف تعمل في مختلف المهن دون استثناء ابتداء من أعمال صيانة المنازل ومرورا بالأعمال الهندسية والإنشائية وانتهاء بالتجارة وغيرها. وعلى هذا الأساس، تواجه العمالة المحلية منافسة غير عادلة في الوقت الذي عليها تحمل أعباء معيشية لإعالة أفراد أسرها. لقد حاولت دول مجلس التعاون معالجة ظاهرة العمالة السائبة بشتى الأساليب ومختلف الوسائل، بما فيها الترحيل أو المحاكمة وفق الإجراءات المناسبة، ومنحها بين الحين والآخر فترات سماح لتعديل أوضاعها أو لمغادرة البلاد. إلا أن كل هذه الأساليب لم تنجح بسبب تداخل مصالح وظروف عديدة تحول دون ذلك. ولعل أخر هذه الشواهد هو ما حدث في البحرين حيث أعلنت هيئة تنظيم سوق العمل في منتصف العام الماضي عن إعطاء مهلة لمدة ستة شهور للعمالة السائبة لتصحيح أوضاعها حيث تقدرها الهيئة بنحو 50 ألف عامل. لكن بعد مضي ستة شهور لم يتقدم لتصحيح أوضاعه سوى عشرة آلاف منهم فقط أي نحو 20% فقط.ويقر المسؤولون الخليجيون إن جهود الأجهزة الأمنية وحدها لن تحقق النجاح المأمول في سبيل القضاء على هذه المشكلة إلا مع تضافر جهود أفراد المجتمع معها، وذلك لأن بعض الأفراد والشركات من أجل التعامل مع العمالة صاحبة الأجور الزهيدة يتغاضون كثيرا عن عدم الإبلاغ عنهم للجهات الأمنية، بل يوفرون لهم المأوى في سبيل الانتفاع بهم في بعض الأعمال، كما إن هناك أيضا بعض العمالة الذين يتركون العمل لدى كفلائهم للعمل في أماكن أخرى غير مدركين للخطر من مثل هذا التصرف.لذلك على دول المجلس البحث عن حلول أكثر واقعية وجاذبية تراعي فيها الجوانب الإنسانية والتشريعات الدولية لمثل هذه العمالة، ولكن تضمن بالوقت نفسه محاربة جوانب التجارة غير المشروعة في البشر والجشع والاستغلال. ومن بين الحلول التي طرحت هي دمج هذه العمالة في الاقتصاد الرسمي من خلال تأسيس شركات كبيرة لتأجير الأيدي العاملة تتولى استيعاب هذه الأيدي وتوظفيها ومن ثم تقوم بتشغيلها وفقا لعقود مؤقتة (بالساعات أو الأيام) أو بعقود دائمة (تمتد لمدة سنة واحدة وأكثر) مع الراغبين بذلك.