11 سبتمبر 2025
تسجيللا أخفيكم فمنذ أن أعلنت واشنطن استهدافها لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني لحظة خروجه من مطار بغداد قادما من سوريا وتسارع ردود الأفعال الإيرانية والغربية والعربية والخليجية والمنظمات الدولية وأنا أفكر لِمَ هذه الأحداث المتسارعة في وطننا العربي والذي نراه يتفتت ويتقسم وتعصف به المشاكل والحروب تحدث وإسرائيل تتفرج ؟! ولا أفوت عليكم ما قرأته يوما في كتاب هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق في أعقاب حرب 1973 والذي انتصرت مصر والعرب في حربها على إسرائيل بعد نكسة 1967 المؤلمة حينما وعد باشتعال المنطقة العربية وتفتيت الحدود وتقسيم الدول وكل ذلك لصالح إسرائيل وفي الواقع أن ما قاله كيسنجر منذ عقود طويلة مضت يتحقق اليوم ولعل حادثة اغتيال القيادي الإيراني البارز قاسم سليماني فجرت الشعور المتنامي بأن كل ما وعد به كيسنجر يتحقق فعلاً، فالعراق يتقسم ويتفتت وحروبه ومشاكله الداخلية والخارجية لا تنتهي وها هو ذا يواجه تحديات لربما تكون التحديات التي لا يمكن لهذا البلد أن تغمض له عينا أمامها وأمام ما ينتظره باعتبار أن أمريكا اختارت له أن يكون ساحة الصراع والانتقام وتصفية حسابات ليست ككل الحسابات المعتادة، وإنما بين قوة ضاربة متغلغلة في عمق العراق نفسه وتحكمه وتسيّره وتتحكم به وهي إيران وبين قوة مدمرة تغلغلت هي الأخرى في مركز العراق وأقامت لها قواعد وكان الحاكم لها بعد إسقاط صدام حسين واجتياحها لأراضيه حاكما أمريكيا قبل أن تنتقل الرئاسة الصورية للعراقيين وتبقى واشنطن المتحكمة الفعلية بمسار وقدر هذا البلد الذي كان يحكمه صدام وكان هذا الرجل ورقة رابحة للأمريكان قبل أن يوقعوه بفخ احتلال الكويت وكان هذا الاحتلال الآثم مدعاة لأن تسيّر واشنطن سفنها وطائراتها وعتادها وعدتها ومعداتها وأساطيلها وجنودها الحربية إلى منطقة الخليج وتنتشر برا وبحرا وتقيم قواعدها وتعلن نفسها حامية الخليج وحين احترقت ورقة صدام ماج العراق وهاج وبرزت فيه ظاهرة ( صراع المذهبية ) التي أجادت بعض الأحزاب التغلغل تحت ثوبها فأقامت هي الأخرى خلاياها داخل بلاد الرشيد ومكنت لأتباعها أن يكونوا جزءا من الحكم وأصحاب القرار وبدأت خطة تمزيق العراق تسير إلى ما نشهده اليوم من وقوف هذه الدولة التي فرحت يوما بقضائها على داعش من الموصل وهاهي اليوم تدعو العالم للصلاة من أجلها ! وخلال التهويش المتبادل بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بات من السهل اكتشاف أن إيران أيضا ليست ندا لأميركا في الواقع ولكنها ورقة يجب أن تحترق من أمام واشنطن التي لم يجرؤ أي رئيس أميركي على التصريح بالعداء المكشوف ضدها وفضّل الجميع ملاعبة وربما مداهنة إيران على أن يحاربوها علنا حتى جاء ترامب وكان سحر إسرائيل عليه أقوى مما كان عما سبقه فجاهر بالعداء لطهران وللنظام الإيراني وتراشق معها التهديدات والتصريحات والغزل المبطن لتشجيعها على الحوار دون شروط لكن شدة مراس الإيرانيين لم يعجب ترامب لذا شدد عقوباته عليهم قبل أن يبدأ العام الجديد 2020 بحادثة اغتيال مروعة لأحد أهم وأخطر القيادات الإيرانية وأكثرهم ذكاء ودهاء وتصل إيران إلى خطورة المواجهة المباشرة مع واشنطن ولكن في عمق منطقتنا التي تشتعل بانقسامات وحروب وليست بمنأى عن كل هذا للأسف وأين إسرائيل من كل هذه الأحداث ؟! ترى وتتفرج وتصفق لترامب وتشجعه على الاستمرار لأن كل ما يجري إنما هو خدمة لها حتى بعض الدول الخليجية والعربية التي تساعد في عملية التفتيت أملاً في ألا يطولها شبح التقسيم الذي سيصل لها عاجلا أم آجلا لأن هذا المخطط سيمر على الجميع إن لم يجد حكماء عربا أقوياء فيهم بأس شديد قرأوا التاريخ جيدا ودرسوه ثم أخذوا العبرة وتصرفوا بما لا نريد الوصول له في النهاية حيث لا ينفع البكاء على الأطلال !. ◄ فاصلة أخيرة: يا أُمة كانت سيدة الأُمم !. [email protected]