17 سبتمبر 2025

تسجيل

المتشائمون والمتفائلون بوضع الاقتصاد العالمي في 2015 (1-2)

07 يناير 2015

اختلفت آراء الكثير من الخبراء والمحللين الاقتصاديين والماليين وكذا الوكالات والمؤسسات المالية حول العالم بشأن ما يمكن أن تكون عليه الأوضاع الاقتصادية في عام 2015، فمنهم المتشائمون الذين يرون في هذا العام المزيد من الأزمات والتحديات والمشكلات الاقتصادية، بالإضافة إلى استمرار الانعكاسات الاقتصادية لبعض المشاكل السياسية والصحية الدولية العالقة والمستمرة من عام 2014 وعلى رأسها الصراع الروسي الأوكراني والتحالف الدولي ضد تنظيم داعش في كل من العراق وسوريا، بالإضافة إلى حالة الرعب التي تسود العالم من خطر انتشار فيروس الإيبولا خارج القارة الإفريقية واحتمالية تحوله إلى وباء عالمي في ظل عدم اكتشاف علاج ناجح له حتى الآن... ومنهم المتفائلون الذين يرون أن عام 2015 سيكون أفضل حالاً "ولو قليلاً" عن سابقه عام 2014.ويرى فريق الخبراء أصحاب وجهة النظر التشاؤمية أن الاقتصاد الصيني "والذي يعد ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم" مقبل في عام 2015 على أدنى معدل نمو اقتصادي له خلال الخمسة عشر عاماً الأخيرة، وأن الاقتصادات الأوروبية، خاصة دول منطقة اليورو سوف تستمر على نفس السياسات والخطى التقشفية التي انتهجتها في عام 2014، كما سوف يفقد الاقتصاد الياباني تعافيه النسبي ويرتد إلى مرحلة عدم التوازن، ومن المحتمل أيضا أن يقع الاقتصاد الروسي في براثن الركود بسبب استمرار العقوبات الأمريكية والأوروبية عليه، لموقفه من الأزمة الأوكرانية في ظل انخفاض إيرادات البلاد من تراجع أسعار النفط والغاز عالمياً والتي تمثل أحد أهم موارد الدولة، ومن المتوقع كذلك ازدياد حالة الفوضى في معظم دول أمريكا اللاتينية، خاصة في كل من فنزويلا والأرجنتين ومن بعدهما البرازيل.وهو الأمر الذي دعا صندوق النقد الدولي إلى خفض توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد العالمي في عام 2015 إلى 3.2% فقط، وخفضه بمنطقة اليورو إلى 1.3% وباليابان إلى 0.8% وبالصين إلى 7.1% وهو معدل قد يبدو مرتفعاً للبعض إلا أنه يعد منخفضاً جداً بالمقارنة بالمعدلات المحققة بالسنوات الطويلة السابقة، في ذات الوقت الذي تعاني فيه أيضا بقية الاقتصادات الناشئة "باستثناء الهند" من تباطؤ معدلات النمو.... كما أبدى صندوق النقد الدولي قلقه من حالة الجمود الطويل للاقتصادات المتقدمة وكذا عدم ارتياحه من طول الفترة التي استغرقها الاقتصاد العالمي للتعافي من الأزمة المالية العالمية الراهنة ومن أزمة الديون السيادية على المستوى العالمي.وتتضح من التحليل المرتبط بتوقعات صندوق النقد الدولي معاناة كل من الصين واليابان ودول منطقة اليورو، وهي تمثل بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية أهم أركان العالم الاقتصادية، وربما تتيقن هذه الحقيقة إذا نظرنا إلى التشبيه البليغ لوزير الخزانة الأمريكي "جاكوب ليو" حين شبه هذه القوى الاقتصادية الأربعة بالعجلات الأربعة لسيارة الاقتصاد العالمي، ولكي تسير هذه السيارة إلى الأمام وإلى بر السلامة وبسرعة إيجابية، فإن الأمر يستلزم أن تسير هذه العجلات معاً وفي نفس الاتجاه.وقد يرى البعض أن تحقيق هذا الأمر يبدو صعب المنال بالنظر لتوقع استمرار اختلاف الرؤى في عام 2015 بين واضعي السياسات المالية والاقتصادية على مستوى العالم، وخير مثال على ذلك ما حدث في عام 2014 حين أعلن البنك المركزي الأمريكي عن إنهائه للجولة الثالثة من برنامج التحفيز المالي والتيسير الكمي المتمثل في ضخ المزيد من الأموال لشراء الأصول والمديونيات، في الوقت الذي يعلن فيه البنك المركزي الياباني عن توسعه في برنامج شراء الأصول، ومن المنتظر كذلك أن يواصل البنك المركزي الأوروبي في عام 2015 الاستمرار في تطبيق سياسة التيسير الكمي رغم اعتراض المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" على هذه الخطوة.كما تتجلى أهم صور اختلاف وجهات النظر بين واضعي السياسات المالية والاقتصادية على مستوى العالم فيما يتعلق بقضايا الضرائب والإنفاق العام والتي من المحتمل أن تتصاعد حدتها داخل منطقة اليورو في عام 2015، حيث تطالب كل من فرنسا وإيطاليا بالسماح لهما بتجاوز نسبة العجز بميزانيتهما النسبة المقررة لدول الاتحاد الأوروبي، فيما تعترض ألمانيا وتصر على تطبيقهما للمزيد من السياسات التقشفية كي يمكن أن تسمح لهما بذلك.إلا أنه رغم كل هذه الاعتبارات السلبية السابقة، فإن هناك الكثير من الخبراء والمحللين والمؤسسات المالية التي تحمل منظوراً متفائلاً في عام 2015 وتؤكد على أن الاقتصاد العالمي سوف يشهد في هذا العام تحسناً ملحوظاً... وهو الأمر الذي سوف نناقشه بمزيد من الدراسة والتحليل في مقالنا القادم.