15 سبتمبر 2025

تسجيل

تعليم الجيل مفهوم الرزق والغنى

07 يناير 2013

لفتت نظري وأنا أطالع أحد المنتديات مقالة كتبها أحدهم على معنى الرزق عندما سأله ابنه عن الغنى؟ حيث بين له أن الغنى والرزق لا يكون فقط في المال وإن هناك الكثير مما نملكه غير المال يجعلنا أغنياء مثل الصحة والأولاد والأمن والاستقرار والرضا بما قسم الله لنا، والحركة رزق والضحك رزق وهكذا كل ما يصيب الإنسان في الدنيا من خير هو رزق ساقه الله إليه، حتى إن مفهوم الرزق أحيانا يكون بالسلب..! وهناك مفاهيم أخرى للرزق مثل التوفيق في كل ما يتوجه إليه الإنسان من عمل، فهذا رزق من فضل الله كبير، وهذه الأمثلة كلها عن الرزق الذاتي للإنسان فقط. وتساءل هذا الشخص هل نستطيع أن نوصل لأولادنا ماهية الرزق، والكيفية التي سنوصلها لهم فيها، ونقول لهم نعم إننا نستطيع أن نعمق هذا المفهوم عند الأبناء، بل قد نربيهم عليه من خلال الأسرة وما تقوم به من سلوكيات في البيت، حيث نعتاد على أن نحمد الله عز وجل على ما نأكله ونشربه وما نملكه من سكن مريح وسيارة تنقلنا إلى مدارسنا وعملنا وسائق يصطحبنا إليها وخادم يقوم على تلبية طلباتنا وصحة نتمتع بها تساعدنا على القيام بأعمالنا وتتيح لنا اللعب والترفيه عن أنفسنا، وما نعيشه في بلادنا من أمن وأمان وراحة تبعدنا عما يواجه غيرنا من متاعب وحروب ونزاعات تنغص عليهم حياتهم ويعشون فيها الخوف والموت، ونحاول أن نبين لهم أن كل هذا يعتبر رزقاً من الله تعالى ونعمة تستحق الشكر بحيث لا يرتبط الرزق فقط بامتلاك الإنسان للمال. كما أن على المؤسسة التعليمية مسؤولية كبيرة في ذلك بحيث تخصص دروساً خاصة في هذا المجال تبرز فيها للطلاب أهمية شكر النعمة مهما كانت من عند الله عز وجل، وعدم الاعتماد على المال، كونه نعمة فقط، واعتبار من لا يملك المال الكثير لا يعتبر مرزوقاً ولا غنياً، خاصة أن مفهوم الغنى عند الإنسان أصبح – للأسف – هو وجود المال وقدرته على إنفاق هذا المال وشراء الأشياء الكمالية والبضائع ذات الماركات العالمية التي أصبح الناس يتفاخرون بها لدرجة أن البعض من ذوي المستويات المتوسطة من الدخل تحاول مجاراتهم وقد تضطر أحياناً إلى الاستدانة من البنوك وتحمل هم الدين ليلا وذله نهاراً من أجل أن يقال عنه أنه غني. ألم يسأل أحد هؤلاء عن أحوال الأغنياء وكيفية معيشتهم والأمراض التي قد ابتلوا بها وفقدان بعض الأبناء وفوق ذلك الحياة الاجتماعية التي يعيشها هؤلاء من التفكك والتمزق بسبب الحياة المترفة والبيوت الكبيرة التي قد لا تجعل الأبناء يلتقون مع آبائهم إلا في أوقات قليلة، ألم يسأل كيف ينام هؤلاء الأغنياء وهم يفكرون بأموالهم في البنوك والمحافظة عليها وفي أسهمهم التي قد تهبط قيمتها مرة واحدة ويخسرون؟، إن من يملك المال لابد أن تكون لديه المقدرة على كيفية الحفاظ عليه من التبذير والإسراف وكيفية استثماره بطريقة لا تعرضه للخسارة أو الضياع ومع كل هذا لابد من شكر الله على نعمة المال التي أعطاه إياها. وتنضم إلى ما سبق من مؤسسات لتبني ذلك المفهوم مؤسسات ذات النفع الاجتماعي في المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني التي قد تنظم المحاضرات والفعاليات التي تشرح مفهوم الغنى والرزق وتربية الأجيال عليه بحيث نربي فيهم عدم الاعتماد على المال والسعي للحصول عليه مهما كانت الوسائل للوصول إلى صفة الغنى وبحجة السعي للرزق، فالغنى يكون داخل النفس حتى لو امتلك الإنسان الكنوز، فإذا فقد ما يشعر به من أمن وأمان ورضاء رب العالمين عليه وخسر دينه، فهذا يعني أنه أصبح فقيرا بل معدما كما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار". صدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.