13 سبتمبر 2025
تسجيل"لكل امرئ من اسمه نصيب ".......... هذه مقولة ذكرها العرب ولست اعلم هل قادتهم حصافتهم لها ام اطلقوها تيمنا على ما منّوا به انفسهم من تسميتهم لأبنائهم. ولست ادري من اين جاء العرب بهذه المقولة وهم أنأى الناس عنها، إذ ان لديهم قصة ظريفة في التسمية لذلك وجدنا شطحاتهم ليست الخيالية بل الواقعية، فتسمياتهم جاءت من البيئة والممارسة مما يخالطون ويجاورون سواء كانت أسماء وحوش كأسد، أو نبات كحنظلة أو حشرات كحنش أو من أجزاء الأرض كصخر. بل إن للعرب تاريخا جللا في التسميات إذ سمّوا أبناءهم العرب غالباً بالأسماء المكروهةَ (ككلب وحرب) وغيره وسمّوا عبيدهم بأحبّ الأسماء (كفلاح ورباح) وذريعتهم في ذلك أنهم يسمون أبناءهم لأعدائهم وعبيدهم لأنفسهم. وقد كان العرب قبل الإسلام يسمون أبناءهم صخرا وحربا كونها أسماء جزلة، ومواليهم نجيحا وياقوتا كونها أسماء سلسة، فتلك لأعدائهم وهذه لهم، وبناتهم هند وجارياتهم ريحانة وبعد الإسلام حرص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على استبدال بالأسماء الذميمة أسماء ذات فأل حسن يستبشرون بها. والتحليل الوارد على العرب واحد سواء في الجاهلية او المدنية، اذ تغلغل تأثيرها حتى في أسامينا بل لعبت بيئاتنا وأدياننا سواء كانت دياناتنا السماوية او دياناتهم وضعية دورا كبيرا في هوية اسمائنا وفي توجه كل أسرة بناء على مستوى تدينها ونوعه مثل تسمية الابناء والبنات على الشخصيات الدينية او الانبياء عموما او على صفات العبادة الصالحة مثل عابدة، صالحة، مهدية،أما البيئة فقد عجّت البيئات البرية والبحرية لدينا بافتتان العرب بأسماء ثمار البحر وثرواته على الأبناء والبنات حتى رأينا كيف ان تسميات بنات الخليج أتت بثروات مغاصات اللؤلؤ من الدانة والحصة والحصباء واللؤلوة والموزة والقماشة أو بما جادت به بيئة الصحراء من فيّ وظلال او رملة ورمال والأدهي من ذلك ان سمى العرب بناتهم على أسماء خيلهم بل نوقهم وإبلهم "مطاياهم". ولكن تلعب البيئة الثقافية ايضا للأسرة دورا كبيرا في اختيار التسميات، حيث تنزع القبائل العربية الى تخليد مجد الأبطال والقواد العرب على مدار التاريخ، فضلا عن التيمن بأسماء الشعراء والشاعرات لتدخل الأسر على تسمياتها المتوارثة اسماء جديدة تصبح علما عليها تنمّ عن ثقافة وولع اصيل بالثقافة العربية ورموزها مثل اسم الخنساء وعمرو والقعقاع. اما الأسماء المركبة فهي صبغة فريدة لن نقول فقط عربية بل جزء ايضا من تداخلات العرب والاندماج الجميل لثقافات الشرق تلك التسميات الرائعة الجوهر التي لم تعد مطروقة إلا فيما ندر. ولكن فيروز تعلن في رائعتها الموسيقية غير ذلك وتنشد بصوت رائع ان ليس لأسمائنا دخل ولا حيلة لنا فيها لما غنته من كلمات الشاعر جوزيف حرب : أسامينا شو تعبوا أهالينا تلقوهـا شـو افتـكـروا فيـنـا الأســـــــامــــــــي كــــــــــــــــلام شـــــو خــــــص الـــكـــلام ؟ عيـنـيـنـا هــنّــي أسـامـيـنــا بالطبع فيروز تجنح بالمعنى الى معنى آخر ولكن الشعر كان ملهما لإيقاف أفيون تسرب عند العرب بان المقولات اضحت قرآنا منزلا لذلك تأبى سريان مقولة العرب على إطلاقها "لكل امرئ من اسمه نصيب" فماذا لو كان اسمه كريم وهو أشد الناس بخلا، او وسيم وليس له حظ من الوسامة، وماذا لو كان اسم الفتاة على فرس أو مطية تمتطى فما نصيبها من هذه الدابة، وهذا يعيدنا الى حديث حسن انتقاء الأسماء لقوله "صلى الله عيه وسلم": "انكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم" هل نحن بما سمينا به؟ ام اننا بما تفصحه شخصياتنا وتضفيه على اسمائنا؟ أم أن حديث شاعر فيروز نبوءة متقدمة بظهور بصمة العين التي لم نعد ندخل ارضا او نطأ واديا أو نحلّق سماء الا بتعريفنا بها أم انها "البصمة" مكمن سرّ قراءة الإنسان ذاته وإننا نحن بما تفصح به عيوننا... وذواتنا، خصوصا ان فيروز تقرر كل صباح وبصوت عذب: لاخضر الأسامي ولا لوزيات لاكحـلـي بـحـري ولا شتـويـات ولا لــــــــــــــــونـــــــــــــــــون أزرق قــــــديــــــم ومــــــــــــا بـــيـــعـــتـــق ولاسـود وسـاع ولا عسلـيـات الأســــامـــــي كـــــــــلام شـــو خـــص الــكــلام؟ عينينا هني أسامينا