10 سبتمبر 2025

تسجيل

في عيني ولا أراه

06 ديسمبر 2022

كم أوقفني هذا المقال كثيرا; لأني لا اريده مقالا تحليليا; ولا مقالا أقارن فيه هذا عن ذاك; ولكن أجد أن بعض الفواصل تجبرنا أن يكون كذلك، أحتاج فقط أن أصل به إلى بر الأمان وأصل بها الى صناعة المجد. فليتني أنادي بقول أمي; وتقول نعم! ولكن هي هنا ليست على سبيل الحصر، وانما كل أمهات الزمن الجميل. فأمي يعني الحنين والذكريات وسمفونية الخيال الرائع تنبعث من واقع حقيقي يتراقص على عزف الناي، وأول سلم اتذكره لصورة أمي، صوتها ونهره وتقوس حاجبيها وكيف كنا نقف بخوف واحترام وتقدير لها. ثمة تفاصيل كثيرة يحملها هذا القلب، فتغرس في نفوسنا آداب واساليب تبقى وتثمر وتترسخ كما يترسخ ذاك الجذر تحت الارض فيتفرع ليثبت قاعدته بأسياج وتيده. تختلف أمي بأشياء كثيرة والصورة بيني وبينها تتشابه الا انها تختلف في أني كنت بعينها وتراني فهي لا يغيب عنها لا شاردة ولا واردة، وتهتم بكل شيء، وتعلم كل شيء، وتضم كل هذا بعناية لأننا بأعينها. فينتشر الأمان بظلها تحت ظله، وكيف صنعت منها قدوة وسلوكا ومنهجا فأنبتت جيلا متعلما واعيا مدركا للمسؤولية. هل هذا التمكين منها يرجع الى تلك الحقبة، فالماديات لم تكن منتشرة كما نعهده الآن، أم هذه حجتنا نحن نقولها لتكون تفسيرا عن بعض نواقصنا وتقصيرنا من أثر المشاغل والضغوط. فكما قلت آنفا، أنا لا أقارن هنا، لأني سأضع نفسي في حسبة التقصير، ولكن المواسم تتغير، فلماذا لا أتمايل بحرية كما كانت تتمايل أمي كالرياح في كل الاتجاهات، فلا تنحني ولا تنكسر وتلفني بحماها، في حين انا من جيل أخرجته أمي، ولكن أطفالي في عيني وأنا معهم ولكن لا أراهم. فالخوف يرهب أوصالي من هذا الجيل الذي يحتاج منا كل الأهمية في العناية به من خلال فهمه، واتخاذ أساليب لجذبه الينا ليكون بعيدا عن كل ما حوله ليفسد عقله الصغير، وأتدبر في خطواتي اليه وأحرص فهو ليس من جيل الفطرة كما كان ذاك الجيل الذي ارضعته أمي انه جيل متفتح دارك بما يدور حوله. عموما، أمي هي الأمس واليوم والغد، وأنا أيضا ست الحبايب الذي تأثرت بأمي فأتبع خطواتها مع اتباع أساليب التربية الحديثة لأواكب الظروف ليكون ابني في عيني كما كنت في عين أمي. كلمة أخيرة: رحم الله أمي وغمدها جنة الخلد، وكل عام وأمهات المسلمين في خير وعافية وحب. في عيني ولا أراه