12 سبتمبر 2025
تسجيلنادتها لحمل الأكواب المتكدسة أمامنا، فجاءت على عجالة وقد استغربت شخصياً السرعة التي حضرت بها الخادمة، وفجأة سمعنا صوت شيء ما يسقط وينكسر هرعنا لنعرف القصة.. والله ثم والله رأيتها مرعوبة وترتجف وزجاج الأكواب متناثر هنا وهناك!.. لحظات وسمعنا صديقتنا تنهرها بطريقة عصبية وتشتمها بألفاظ تنتقص من وضعها كإنسانة لها احترامها فقلت لها: (اذكري الله يا فلانة.. انكسر الشر.. ولدج سكب الماي وزلقت المسكينة)!.. فبادرتني وهي تنظر للخادمة والشرر يتطاير من عينيها (لا أنت ما تعرفين هالبليدة.. غبية)!. كانت جلستنا مع مجموعة من الصديقات في بيت إحداهن، ولم أتوقع أنه لا يزال هناك من يعامل خدم المنازل بهذه الطريقة القاسية التي ظننت فعلاً أن هذه المعاملة قد ندرت ولم يعد هناك من يتعامل بهذه الطريقة القاسية.. ناقشتُها كما ناقشتْها بقية الصديقات.. لمَ هذه المعاملة يا فلانة؟ المخلوقة كانت مرعوبة!. هل أنت متعودة أن تقسي عليها بهذا الشكل؟!. ألا تخافين أن يؤثر ذلك على معاملتها لكِ أو لابنك، لا سيما وأنك موظفة؟. ولم نكدْ ننطق سؤالنا الأخير حتى انتفضت وصرخت: (تخسي تسوي شي في ولدي والله أذبحها)!، فسألتها بكل هدوء: (ولم يجب أن يصل الأمر إلى هذه الدرجة السيئة وأنتِ بيدكِ فعلاً ألا تصل لها؟، أنا استغربت حقاً أنك تعاملين خادمتك بهذه الطريقة الفظة وعلى مرأى من ضيوفك حتى وإن كنا صديقاتك المقربات)، ولا أخفيكم فقد استنكرنا جميعاً ما فعلته (أم حمد) أمامنا ولم نعطها أي عذر يمكن أن يبرر لها ما قالته لهذه المسكينة في نظرنا على الأقل، فهي تبقى فتاة مثلنا لكنها غريبة في بلاد واسعة لا أهل لها ولا أم تلوذ لحضنها كلما ألمت بها شكوى أو ثقلت عليها هموم غربتها. تبقى إنسانة في الأول والأخير ويجب أن نسأل عن حقوقها قبل أن نبحث عن واجباتها التي يجب أن تؤديها لنا، وأنا أعلم أن مشاكل الخدم كثيرة لا حصر لها، لكن يجب أن نبحث عن واجباتنا نحن تجاه هذه الفئة التي تعدلت أوضاع الكثير منهم بفضل الوعي المجتمعي والتربوي والقيم الإنسانية التي طغت على الأفراد والعوائل عموماً، وما فعلته (أم حمد) والذي كان في نظرنا فعلاً خاطئاً مائة بالمائة فما نفعله تجاههم يلحقنا أثره فيما بعد، ولا شك أن المعاملة الطيبة التي يجب أن نتحلى بها تجاه هؤلاء تعكس بالضرورة تربيتنا وأخلاقنا والرحمة التي يجب أن تكون في قلوبنا مخزون كبير منها لنفيض به على مثل هذه الفئة الكادحة التي أجبرتها الظروف على العمل كخدم منازل. وفي الحقيقة إننا يجب أن نحسب لهؤلاء حساباً كبيراً، لا سيما أن معظم الأمهات موظفات ويغبن عن المنزل قرابة نصف يوم، يكون الأبناء في عهدة هؤلاء الخادمات، وبالتالي فإن المعاملة الطيبة تأتي أُكلها على معاملتهن للأولاد وبالعكس، في حالات فردية تصاب الخادمة بنوع من اللوثة العقلية التي تجعلها ترتكب ما نسمع به من جرائم مروعة بحق الصغار الأبرياء وإن كنا في قطر ولله الحمد لا نسمع بها، إلا فيما ندر، وهذا فضل من الله ورحمة، فالقلوب لم تعد تستطيع أن تتحمل فَـقْـدَ المزيد من الأبناء وسط أخبار حوادث السيارات المروعة التي باتت تخطف أرواح الشباب والصغار، وأصبحنا على موعد أسبوعي مع هذه الأخبار التي تفتك بأفئدة الأمهات وتكسر قلوب الآباء وتشعل نار الفراق في نفوس الأخوة والأصدقاء. يكفينا هذا ولا نريد أن تزيد عليها جرائم الخدم كما ابتُليت به بعض الدول من حوادث مخيفة تقشعر لها الأبدان ذهب ضحيتها عشرات الأطفال الأبرياء الذين وقعوا ضحية ظروف مختلفة قد يكون أحدها ما نحذر منه الآن، فلم لا نحتاط قبل أن يقع المحظور فعلاً ونؤدي ما هو واجب علينا من معاملة طيبة وإنسانية راقية نستبعد فيها كل شيء مادي ولا نتعامل على أساس أنها خادمة تأخذ أجراً، وبالتالي يجب أن نعاملها بشراسة وذل بما أننا أرباب العمل لها!. لا يا سادة ويا سيدات.. ضعوا بذرة الحب والرحمة في قلوب هؤلاء واحرثوها جيداً فلا تزيدوا ماءً فتغرق أو تقللوه فتعطش ولكن وازنوا في المعاملة لتحصدوا ما يجعلكم بمنأى عن كل ما يكدر القلب ويضيق الخاطر ويجعله يحتل العناوين الرئيسية للصحف مع شريط أسود قاتم يحتل إحدى الزوايا.. شريط أسود قاتم يحزنكم.. ويحزننا. فاصلة أخيرة: ارحَموا لتُرحَموا. ebtesam777@ [email protected]