31 ديسمبر 2025
تسجيلفي اعتقادي أن الثقافة سلطة لوحدها تنشأ من داخل أحشاء المجتمع ودور الدولة فقط في إفساح المجال لذلك بأقل تدخل ممكن. فالبداية كما أظن وأعتقد ليس في إنشاء وزارة ولكن في ترك الفرصة لبذرات المجتمع المدني أن تنمو، واكتفاء الدولة بدور المنظم والتمثيل الخارجي، عندما تصبح الثقافة جهازاً مركزياً حكومياً تصبح أداةً رسميةً وتصبح الثقافة بالتالي ثقافةً رسميةً من أعلى إلى أسفل، والمعروف أن أهم أجهزة السُلطة الشمولية هي الثقافة بالإضافة إلى التعليم، والحقيقة التي يجب أن تقال: إن وزارة الثقافة والرياضة حققت في فترتها الحالية الكثير من التقدم في إطار تخفيف قبضة الدولة على الثقافة واطلاق يد المجتمع في ذلك. ولكن يبقى الخوف من أن يتماهى المجتمع مع ثقافة السلطة ناسياً أنه مصدر الثقافة ومنبعها، بل إن ثقافة السلطة هي جزء من ثقافته أو يفترض أن تكون كذلك، لذلك دعماً للأنشطة الثقافية المتكاثرة: مثل معرض الكتاب والندوات ومراكز البحوث وغيرها في المجتمع. ينبغي أن يكون هناك دور للمجتمع المدني من خلال اطلاق جمعياته وتنظيماته واستصدار قوانين تخص ذلك وتشجع عليه، كما من المفترض ألا تؤطر ثقافة المجتمع تحت أية شعارات أو تصورات تلزم الثقافة والمثقفين بالالتزام بها، حيث المجتمع نفسه لديه القدرة والإحساس والالتزام الذاتي بذلك، إذا شعر المجتمع بالوصاية تماهى مع الأمر وأنتج ثقافة الوضع القائم. قطر اليوم تعج بكل مختلف ومتنوع، لذلك هي في حاجة ماسة بأن تبرز ثقافة مجتمعها كما يفرزه بكل حرية وثقة، الأمر فقط يحتاج إلى منظم أكثر من احتياجه إلى جهاز كبير، كالوزارة تنشأ تنظيماته وجمعياته. مجتمع قطر يضج بالصحفيين والإعلاميين والاجتماعيين والقانونيين والإداريين والأطباء والبيئيين والمسرحيين وأهل البحر وأهل القنص وغيرهم، وكلهم أبناء البلد وولاؤهم للحكم، هؤلاء هم مصدر ثقافته، فقط اتركوا لمن لم يولد بعد أن يولد، وأطلقوا يد المولود لكي ينظم نفسه بنفسه، وقتها ستجدون ثقافة تنشأ ذاتياً وترفد المشهد الثقافي بالتجدد وتجعل من معرض الكتاب والندوات والمحاضرات مسلكاً تلقائياً وشعوراً ذاتياً، لأنه ينبع من المجتمع ويرتفع منسوبه تلقائياً نحو المشاركة الفعالة والإحساس الملموس بالمواطنة. [email protected]