27 أكتوبر 2025

تسجيل

خير جليس بلا جليس

06 ديسمبر 2015

"خير جليس في الزمان كتاب" حكمة قيلت لتعظيم القراءة ومصاحبة الكتاب الذي كان لا يفارق الناس في زمان كان الكتاب فعلا خير جليس، نحن في نهاية كل عام ميلادي على موعد مع معرض الدوحة الدولي للكتاب الذي تنطمه دار الكتب القطرية بوزارة الثقافة والفنون والتراث والذي تتواصل فعالياته حاليا في مركز قطر للمعارض حتى تاريخ 12 ديسمبر الجاري، ويتوافد على المعرض يوميا محبو القراءة ومقتنيو الجديد من الاصدارات والكتب النفيسة والقيمة التي لم يخبو وهجها رغم مرور سنوات على صدورها. المفزع في الامر أن هناك صدا وعزوفا عن شراء الكتب واقتنائها، ففي إحصائيات عالمية مؤخرا قيل ان نسبة القراءة في الوطن العربي عموما متدنية كثيرا، فعلى سبيل المثال نشرت صحيفة عربية دراسة حول معدلات القراءة في الوطن العربي أظهرت ان القارئ العربي يقرأ في كل عام نحو ربع صفحة وقالت الصحيفة "ما زال الجفاء في أوجه بين المواطن العربي والكتاب"، الدراسات الدولية الأخيرة حول معدلات القراءة في العالم أوضحت ان معدل قراءة المواطن العربي سنويا ربع صفحة في الوقت الذي تبين فيه ان معدل قراءة الأمريكي 11 كتابا سنويا والبريطاني 7 كتب في العام.مقولة "خير جليس وصديق في هذه الحياة الدنيا كتاب" اصبحت محفوفة بالخطر، وما عادت تلك النظرة الفوقية التي يحظى بها الكتاب موجودة، ولم يعد يلقى الرعاية في حفظ الصحبة وإمتاع صاحبه، لقد كان للكتاب مكانة مهمة عند العرب الأوائل وهم الذين نزل افضل كتاب على وجه الأرض"القرآن الكريم" بلغتهم وفي ارضهم، والذي تضمن آيات واضحة وصريحة تحث على طلب العلم والأمر بالقراءة وترفع من قدر العلماء وتصفهم بأنهم الأكثر خشية ومعرفة الخالق.ننتهز فرصة تواجد هذا الضيف السنوي العزيز المتمثل في معرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الـ 26 لنناشد الأمة العودة إلى أغلى جليس، فهناك ضرورة ملحة تدفعنا للحديث عن واقع الشباب والكتاب، وهذه الضرورة تكمن في أن هذا العزوف ولّد لدى الشباب حالة من الفراغ الفكري والثقافي، مما يجعله عرضةً للارتواء من أي نبعٍ كان، فمستقبل أمتنا مرهون بالاحتماء بالكتاب، لمواجهة أي عائق، ولتجاوز أي نوعٍ من السدود، مجتمعاتنا في حاجة إلى عقول نيرة تستمد معارفها من العلم والعلماء، وهذا لا يتحصل إلا من الكتاب كي ننمي عقول ابنائنا ونبعد البعض منهم من سلوكيات سلبية يتصف بها شباب اليوم.العلاقة المتبادلة بين القارئ والكتاب اصبحت علاقة سلبية وإنْ وجدت فإنها لا تكون بالمستوى المطلوب، وهذا الاستنتاج واضح فيما يعاني منه العارضون سواء في معرض الدوحة أو غيرها من المعارض التي تستضيفها العواصم الخليجية والعربية سنويا، وهي بقولهم لا تحقق الارباح وفي أحيان كثيرة لا تغطي مصاريفهم وأتعابهم، عزوف القراء عن هذه المعارض ينم عن قصور في الوعي العام، يجب أن ندرك أن القراءة تُسهم بدرجة كبيرة في صقل شخصية الإنسان، والارتقاء بطريقة تفكيره، ورسم واقعه الاجتماعي.من المؤسف حقاً ما وصل له حال الكتاب في زماننا هذا، فالكتاب الذي كان يوماً خير جليس بات الآن بلا جليس، فما عاد أكثرنا يقدِّر مكانة الكتاب وسمو شأنه فكيف له أن يجالسه؟ وسلامتكم