31 أكتوبر 2025

تسجيل

الشمول المالي

06 ديسمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); برز موضوع "الشمول المالي" خلال الآونة الأخيرة كقضية بارزة على أجندة الاجتماعات الاقتصادية والمالية الدولية، بما في ذلك أجندة مجموعة العشرين وصندوق النقد والبنك الدوليين، خاصة عند الحديث عن دور التمويل في التنمية. ويتمثل الشمول المالي في تمكين ذوي الدخل المحدود من الاستفادة من الخدمات المالية بتكلفة معقولة، حيث تشير دراسة أصدرها البنك الدولي العام الماضي إلى أن نحو نصف البالغين في أنحاء العالم، أو نحو 2.5 مليار نسمة لا يحصلون على خدمات مالية رسمية، و75 % من الفقراء لا يتعاملون مع البنوك بسبب ارتفاع التكاليف، وبُعد المسافات، والمتطلبات المرهقة في غالب الأحيان لفتح حساب مالي. ولا يدخر سوى نحو 25% من البالغين في العالم الذين يكسبون أقل من دولارين في اليوم أموالهم في مؤسسات مالية رسمية.وعلى صعيد الدول العربية، يتضح ضعف الشمول المالي أيضا، حيث إن نسبة 18 % فقط من السكان في البلاد العربية لديهم حساب مع مؤسسة مالية، مقارنة مع43% في البلدان النامية ككل و24% في دول إفريقيا جنوب الصحراء.والوضع يختلف في دول مجلس التعاون الخليجي من حيث انتشار الخدمات المصرفية، حيث تبلغ نسبة السكان الذين لديهم حسابات مصرفية 82% في البحرين وقطر و73% في الكويت و70% في السعودية و84% في الإمارات. كما تتميز الخدمات المصرفية في الأسواق الخليجية بتطورها واستخدامها أحدث التقنيات لتقديم كافة الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول والإنترنت.لكننا يمكن التنبيه إلى ملاحظتين هامتين هنا. الأولى وهي أن هناك شمولا ماليا كبيرا في دول المجلس لا يعني أن كافة الشركات والأعمال في القطاع الخاص تحصل على التمويلات اللازمة وخاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتمويل الأصغر ورواد الأعمال والمهنيين والحرفيين. فهذه لا تزال حصتها متواضعة من إجمالي القروض ولا تتجاوز 10 – 15% . لذلك لا بد من ربط موضوع الشمول المالي بمدى وصوله إلى الفئات والشركات المستحقة وليس مجرد انتشاره جغرافيا أو سكانيا.وتنبع أهمية التمويل متناهي الصغر وتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لما له من دور كبير في تطبيق مفهوم الشمول المالي، وإدماج أكبر عدد الشركات في الاقتصاد الرسمي، ويجب وضع تعريف واضح للمشروعات متناهية الصغر مع صياغة آلية للعمل والتعاون مع شركات ضمان مخاطر الائتمان لدعم القطاع. أما الملاحظة الثانية فهي أن الشمول المالي المتوسع والمنافسة الشديدة بين البنوك أدت إلى إغراق الأسواق الخليجية بالخدمات المصرفية وخاصة للأفراد عبر تشجيع القروض الاستهلاكية، مما أدى إلى بروز مشاكل اجتماعية واقتصادية كثيرة لدى العوائل الخليجية. لذلك لابد من التركيز على مفهوم حماية المستهلك من محاولات الإغراق هذه عبر تشديد اللوائح الخاصة بالقروض والتمويلات الشخصية.ومن أجل تعزيز الشمول المالي في دول مجلس التعاون تم طرح العديد من المقترحات من بينها السماح لشركات الصرافة ومكاتب البريد بفتح حسابات توفير حيث يمكن للبنوك المركزية. كما تشمل الخيارات المتاحة للتغلب على هذه المشكلة تطوير مؤسسات مالية يمكن أن توفر خدماتها بكلفة منخفضة. كذلك لابد من تأسيس مؤسسات التمويل متناهي الصغر لتلبية الاحتياجات المالية الشخصية والمتطلبات المالية لأصحاب المشاريع بالغة الصغر والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. أن توفير التمويل لأصحاب المشاريع بالغة الصغر ورواد الأعمال الصغار الذين يدخلون قطاع الأعمال لأول مرة يمثل تحدياً يتعين على الجهاز المصرفي في دول المجلس التعامل معه. كما أن هناك، في بعض الأحيان، حاجة لتوفير تمويل شخصي لشريحة العملاء ذوي الدخل المنخفض. ولا يمكن للبنوك التجارية أن تملأ الفجوة في هذا المجال لأن الإقراض لهذا القطاع يتطلب نهجاً وأساليب عمل مختلفة عما هو سائد ضمن القطاع المصرفي.ويمكننا في هذا المجال النظر إلى التجربة الناجحة للاقتصادي المعروف محمد يونس الذي توجت جهوده بجائزة نوبل على ما بذله من جهود في مجال المؤسسات المالية المتخصصة لتلبية احتياجات تمويل المشاريع بالغة الصغر في بنجلاديش.ويمكن هنا إنشاء مؤسسات خاصة أو شركات تمويل متخصصة في تقديم التمويل للأعمال متناهية الصغر في دول مجلس التعاون الخليجي، تبعاً لشروط وقواعد تنظيمية تحددها البنوك المركزية. فالتمويل للمؤسسات متناهية الصغر يندرج ضمن التمويل المتخصص، الذي يحتاج توفيره إلى مؤسسات مالية متخصصة. كما يمكن مواصلة التوسع في استخدام التكنولوجيا في الشمول المالي، حيث تعد المدفوعات من أبرز المجالات التي يمكن للتكنولوجيا إحداث تطور نوعي فيها، بحيث يتم التشجيع على استخدام التكنولوجيا التي تمكن بشكل مباشر وبسيط وآمن إتمام المدفوعات من قبل شخص لآخر، ضمن رقابة وتوجيهات المصارف المركزية.