12 سبتمبر 2025

تسجيل

"الميليشياوية" .. بدلا من الحزبية !

06 ديسمبر 2013

تتدحرج الأوضاع السياسية في كثير من بلدان العالم العربي من حالة الصراعات الحزبية والنقابية ومن وضعية الخلاف بين المجموعات النشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ،إلى حالة صراع ميليشياوية بعد أن تحول الكثيرون إلى النمط الميليشياوى في التفكير والسياسة والتنظيم والإعلام ،وهو ما ينبئ بتصعيد أعلى ينقل الخلافات إلى حالة النزاعات المدمرة. الصراعات الجارية في كثير من بلدان الربيع العربي ،لم تعد حالة من حالات "الصراعات الديمقراطية أو الانتخابية أو حالات من الخلاف والحوار السياسي أو الإعلامي تحل بالعودة أو بالاحتكام إلى الشعوب عبر الآليات الديمقراطية .المجموعات والأحزاب صارت متعادية لا مختلفة فقط ،وأصبح نمط عقلياتها وممارساتها تتدحرج بإصرار نحو النمط الميليشياوي ،حتى صرنا نرى بأعيننا أعقد حالات الظاهرة الميليشياوية ممثلة في تشكيل طغمة أو مجموعه من الشخصيات داخل كل تنظيم ، تمسك بأيديها كل شيء وتحيط نفسها بزرافات من الأتباع والمنتفعين تستمد منهم قوتها وسطوتها وسيطرتها وتحارب بهم كل من حولها داخل أو خارج تنظيمها.صارت هناك مصالح خاصة لتلك الطغمة من عدم الوصول إلى حلول وسط ،وصارت تتمترس عند تصعيد الصراعات وديمومتها. لقد رأينا في حالات كثيرة كيف انسلخت قيادات وأحزاب وجماعات من فكرة الاحتكام للشعب والعمل من أجل تحقيق حالة تداول السلطة في المجتمع عبر صناديق الانتخابات ،وكيف صارت تعمل جاهدة لإثارة الكراهية – وليس الاختلاف في الرأي أو المصالح - بين أنصارها والآخرين وإلى درجة الحض على القتل ، وكيف أخرج بعض الأطراف خصومه من النسيج الوطني، وبات يستخدم الإعلام لتجييش الشارع والدفع للمواجهة مع هؤلاء الخصوم –وبعضهم كان في تحالف سياسي وانتخابي معهم من قبل - باعتبارهم خونة . لقد جرت تحولات لدى كثيرين ،من تبني فكرة الحرية والديمقراطية–بعد نضال أو حديث طويل عنها -إلى تبني أفكار الحسم في الشارع أو بالشارع بقوة الشارع ،وصارت بعض القيادات متلبسة بجرم الترويج العلني لحالات التعصب الأعمى والحض على الاقتتال،والأدهى والأمر أن نمط العقليات الميليشياوية لم يعد محصورا في هذا النمط الشعبوي فحسب ،بل صار هناك من يدير الدول ومؤسساتها بتلك العقلية الميليشاوية .بعض المسؤولين تحول من النظرة الوطنية لأجهزة الدولة الأمنية والعسكرية والسياسية إلى نظرة ميليشاوية تدير مختلف أجهزة الدولة لحساب جماعته أو طائفته أو زمرته أو طغمته دون مراعاة لأي مصلحة وطنية. ما يجري هو عملية مبرمجة مخططة لإخراج بقية ثورات الربيع عن مسارها الحقيقي السلمي الذي جعل منها ربيعا ،وهو خطة إستراتيجية تستهدف منع دولنا من التقدم والتطور في نظمها السياسية .وهو قطع للطريق على إمكانية أن تصبح دولا ديمقراطية حقيقية.ما نشاهده جليا ليس أمرا عفويا وليس حالة تستهدف دول الربيع وحدها بل هي حالة يجري تعميمها في دول الإقليم جميعها .هذا نمط من تطبيقات الفوضى الخلاقة أو الهلاكة والفتاكة ،الذي يقوم على تعميق حالة ووضعية العقلية والممارسة الميليشياوية ،فلا تقوم للديمقراطية قائمة ..أبدا. الحالة الميليشاوية بدأت تستشري ،وإذا كان البعض لا يدرك مخاطرها الآن ومستقبلا مكتفيا بالإشارة إلى قلة أعداد من يسقط من ضحايا ، فهو لا يدرك مخاطر استمرار تأثيرات تلك الحالة على تماسك المجتمعات وعلى أجهزة الدول التي تتعرض الآن لتحولات هائلة خطرة .وهو لا يدرك أن كثيرا من البلاد العربية دخلت بداية نفق الفوضى . الحالة الميليشاوية تشق طريقها عبر كثرة من أجهزة الإعلام التي ركزت أهدافها ودورها في وضع عصابة على أعين المواطنين ،لكي لا يروا حقيقة ما يجري.بعض أجهزة الإعلام باتت أقرب إلى ممارسات الصحافة الصفراء في متابعة الأخبار ،ولممارسات الدعاية النازية في الكذب على الشعب وتجييشه .ولا هم ولا دور لها إلا مطاردة الخصوم وتحويلهم إلى أعداء داخل الوطن.