14 سبتمبر 2025

تسجيل

الدروس المهمة من أحداث الأمة (6)

06 ديسمبر 2012

شهاب وقبس من شرارة تونسإلى طاغية تونس: الحمد لله الذى أزال سلطانك، وهدّ أركانك، وأزال جمالك، وغيّر حالك، وجعلك عبرة لأمثالك، وما هي من الظالمين ببعيد.الحمد لله الذي أذلّ عزّتك وأذهب سطوتك، وأزال مقدرتك، فلئن أخطأت فيك النعمة لقد أصابت فيك النقمة.أحمد الله فيك إذ حبسك في جلدك، وأبقى لك عينا تنظر بها إلى زوال النعمة عنك.خنازير ناموا عن المكرمات .. فأنبههم قدر لم ينمفيا قبحهم عند ما خوّلوا .. ويا حسنهم في زوال النّعمرزقت سلامة فبطرت فيها .. وكنت تخالها أبدا تدوموقد ولّت بدولتك الليالي .. وأنت ملعن فيها ذميمفبعدا لا إنقضاء له وسحقا .. فغير مصابك الخطب الجسيملقد أدبرت وولت أيامه، لقد ذهبت أيامه وبقيت آثامهففرحة النّاس بإدباره .. كغيظهم كان بإقباله"قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" {26} آل عمران"ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" {53} الأنفال"وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ" {123} الأنعامإِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ {11} الرعدإلى أشباه ونظراء وإخوان طاغية تونس قال من قال وأحسن:بادر بإحسانك الليالي .. فليس من غدرها أمانقل للوضيع أبي رياش لا تبل .. ته كل تيهك بالولاية والعملما ازددت حين ولّيت إلا خسّة .. فالكلب أنجس ما يكون إذا اغتسلفلا يغرركم نعم توالت .. فإنّ الدهر حال بعد حالأحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت .. ولم تخف غبّ ما يأتي به القدروسالمتك الليالي فاغتررت بها .. وعند صفو الليالي يحدث الكدركأنما أخذه من قوله تعالى: حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةًوبعد فالقلب الفارغ يبحث عن السوء واليد الفارغة تنازع إلى الإثم. سئل ضمرة بن ضمرة عن الفقر الحاضر والعجز الظاهر، فقال: أما الفقر الحاضر فمن لا تشبع نفسه وأما العجز الظاهر فالشاب القليل الحيلة اللازم الحليلة إن غضبت ترضّاها وإن رضيت فداها، يحوم حولها ويطيع قولها.إن بعث الهمم على العمل الصالح وإتقانه طريق فلاح المؤمن ونجاحه, وهو دليلٌ على صدق إيمانه, وإنما يرث الإنسان الكرامة والسعادة والخلود في الجنة بالعمل الصالح, قال تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (الزخرف: (72), فالإنسان المؤمن إذا أدرك في نفسه الوهن وأنه قد أصيب بالملل والضجر والسأم بعث في نفسه الهمم بالاستعانة بالله الواحد الأحد الباعث للهمم, فهو الذي يقيه الضعف والوهن ويبعث في نفسه النشاط على العمل الحسن, فالإسلام دين يدعو إلى العمل الصالح الأتم، ومن أخذ بهدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ظفر­­­­ وفي القرآن الحكيم: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}إن العالم مسرح كبير يمثل فيه كل واحد دوره، ويتقاضي أجره، هناك من يؤدى دورا جادا، وهناك من يؤدى دورا هزليا، والشيطان  يقوم بدور الملقن، يوم أن صعد طاغوت وطاغية تونس على المسرح وقدم الفصل الأول بشعارات رنانة، كان مشكوكا فيه، نعم إن العالم مسرح كبير، والبشر نساء ورجال، ما هم إلا ممثلون لهم مخارجهم ومداخلهم، وعديدة هي الأدوار التي يمثلها المرء في حياته، ولقد أثبتت الأحداث الأخيرة في تونس أن صوت الشعب قوة جبارة فمتى ترفع كل شعوب أوطاننا صوتهالتبلغ عذرا أو تصيب رغيبة .. ومبلغ نفس عذرها مثل منجحقد قضى ما عليه من بلغ الجه .. د وإن لم يصل إلى ما أرادانعم لقد أثمرت المظاهرات التي تجوب ولا زالت الشوارع، أثمرت ثمرات يانعة، على رأسها، زوال طاغية تونس، واندحاره، وانقمائه ذليلا، مهانا، وصار عبرة لمن يعتبر، وتذكرة لمن أراد أن يذكر، إلى الذين جادلوا وسخروا من التنادي بالمظاهرات سبيلا للتعبير، عن المشاعر المتأججة، والمظالم المدلهمة، والاحتقانات المضطرمة، إليهم أبلغ رد في أحداث تونس، ويوم أن تتاح الفرصة للشعوب الراشدة، المستنيرة الواعدة أن تأتلف قلوبها على قلب رجل واحد، فتجأر، ولا تهدأ، وتزأر ولا تسكن، وتهدر ولا تفتر، حتى يبلغ الأمر غايته، فما لمنكر على التظاهر حق، إلا المكابرة والقفز على الواقع، والتجاهل للحقائق على الأرض، هذا التظاهر وإن جاء متأخرا أولى من ألا  يجيئ، وقديما قيل إن أعمدة الحكم، أربعة : الدين – العدالة – الشورى- الخزينة، وقد أضاع أربعتها ديكتاتور تونس، فقد كممت الأفواه، وخوت المنابر، وأصبحت المساجد مساجد ضرار، حيث حيل بين أئمتها والجهر بالحق والصدع بالأمر الإلهي،، وأما العدالة فما أدراك ما العدالة لا قضائية، ولا اجتماعية فقد نهبت ثروات البلد لحفنة من حاشيته وأقاربه، وأصهاره، وزج في السجون بالمصلين، وحارب الله ورسوله، وما قضية الحجاب، عن الأذهان ببعيد، وأما الشورى : فقد غابت، وعشش الاستبداد، وباض وفرخ فعم الفساد وطم، " ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا" وقد خوت الخزينة، على عروشها، وكما رائحة البطالة، وسوء الأحوال الاقتصادية ببعيد رائحته التي تزكم الأنوف، ولئن توخى أفلاطون السعادة القصوى للجميع، من وراء إقامة الدولة، إلا أن طاغية تونس حكرها على أقاربه وأصهاره، فضل وأضل، "يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ {98} وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ {99}"يهودلقد عاشت تونس مستعبدة، طيلة عقدين ونيف من الزمان ـ بسكوتها وسكونها، وركونها إلى الظلم والظلمة، إذ البلدان الحرة هي التي تحترم فيها حقوق الإنسان، وتكون فيها القوانين بالتالي عادلة، والحرية لا تعطي ولكنها تؤخذ، ولا ينالها إلا أولئك الذين يحبونها، ويكونون مستعدين دائما للمحافظة عليها والذود عنها، إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ {11} الرعدوبعيد من الحكمة أن تبقى رموز العهد البائد قائمة على شأن من الشؤون، أو يتم الإبقاء على بقايا هذا الحزب التأخري لا التقدمي، غير الدستوري، والديكتاتوري لا الديمقراطي، فالثعالب تبدل جلودها ولا تغير سلوكهاألا يا دولة السفل .. أطلت المكث فانتقليالحرية والحياة صنوان لا يفترقان، والشجاعة تقتضي الذود عنهما، مهما غلا الثمن، وإلا فدونهما الموت والفناء والدمار،، الحرية بحر هائج مائج ما إن تنفس الشعب العربي الأبي في تونس، حتى ألقى بجيفته، وطاغيته خارج اليم بعيدا عن شطآنه، منبوذا غير مأسوف عليه، والجبناء فقط هم الذين يفضلون هدوء الطغيان، وليست قيمة الشعوب في الحقيقة التي يملكونها أو يتصورون أنهم يملكونها بل في السعي المخلص الدءوب نحو الحقائق والحقوق لنيلها، ولا يموت حق وراءه مطالب، ومحيط الحقائق والحقوق ممتد أمامها ولا بد من سبر غوره، وبلوغ أطرافه، من قاعه إلى سطحه، وليس أجمل في الظلام من أن يؤمن الإنسان بالنور، وإن طال طريق النفق، ومهما طال الليل فلا بد من طلوع الفجر، ولقد أثبتت الأحداث والتجارب أن مصروف كثير من زعماء عالمنا العربي وأحزابنا، من الكلام والأطروحات أكبر بكثير من دخلهم من الأفكار والمعلومات والحقائق، سبحان الله مقلب القلوب، خروج وخروج، لقد خرج الشاب بوعزيز من الحياة، وتحرك المارد الشعب من ورائه خروجه هذا، وخرج أيضا طاغية تونس، من البلد، هذا خروج وهذا خروج، ولكن الأحق بالخروج من الحياة، من أفقد شعبه حريته بل حياته، فهما صنوان لا يفترقان كما أسلفنا، كما الأحق بالخروج من الحياة من تسبب في خروج بوعزيز من الحياة، على هذا النحو، حيث لم يفقده حياته فقط بل أفقده نور دربه، ورحيق آخرته، الأحق بالخروج من الحياة، من أمر بإزهاق أرواح أبرياء، وسفك دماء معصومة، وسلط قوى الأمن على أهلهم، وذويهم، ولله في خلقه شؤون، أراد الله تعالى لطاغية تونس أن يتعذب بزوال ملكه، وحبس حريته، وغل يديه، وخروجه ليلا تحت جنح الظلام ، وخذلان أسياده له الذين عاش لهم ذنبا وذيلا، فلم يغن عنه ذلك فتيلا ولا قطميرا ساعة أن خرج عليه شعبه وقد كان الأحق بموالاته قدر الله تعالى له ذلك الخروج ليكون عبرة لنظرائه ممن هم على طريقه لسان حالهم لطاغية تونس  ـ أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بحول الله تعالى وقوته وحده بكم لاحقون -، قدر الله تعالى له ذلك ليموت مرات ومرات، ليجعل الله تعالى ذلك حسرة فى قلبه وقلب من سار في ركابه، ولكن على مستوى ساحات دول الوطن العربي، على ظلال أحداث  الانتفاضة التونسية، هل هذا الذي حدث في  دول الجوار وغيرهافي الجزائر: تراجع عن أسعار بعض السلعفي الكويت: زيادة ألف دينار لكل مواطنفي الأردن: زيادة رواتب الموظفينفي أرض الكنانة: تعيينات لبعض خريجي الجامعاتوزيادة لبعض المعونات الاجتماعيةوفى البعض الآخر تراجع عن بعض الضرائبكل يحاول حيلة يرجو بها .. دفع المضرّة واجتلاب المنفعةوالسؤال: أين كانت هذه السياسة والخطوات قبل أحداث تونس، أهي من باب أنج سعد فقد هلك سعيد؟ أم من باب ذر الرماد في العيون ؟ !! أم أنها قد كانت مخططة  ومرسومة، قبل ذلك، أم أنها من باب استباق الانتفاضات الكامنة في حنايا الصدور، ومحاولة الالتفاف حول الحناجر والحيلولة بينها وبين، الجؤار، أم أنها تسكين ثارات الشعوب، عن أن تنحو نحو التوانسة هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمةقيل لرجل زال ملكه: ما كان سبب زوال ملكك؟ فقال: تدبير الأمر بالهوى وتأخير عمل اليوم إلى غد، وقيل ذلك لآخر، فقال: قلّة التيقّظ واشتغالنا باللذّات عن التفرّغ وثقتنا بعمّالنا حتى ظلموا رعيّتنا، فقلّ دخلنا وبطل عطاء جندنا. فقلّت طاعتهم لنا فقصدنا الأعداء فعجزنا عن مدافعتهمقد تمر وتمضى فترة على الجريمة والمجرمين دون أن تنال منهم يد العدالة، نعم قد تبطئ العدالة فى تعقب الجناة، ولكن "إن ربك لبالمرصاد " " ولا تحسبن الله غافلا" "إن الله يملى للظالم ولا يهمله حتى إذا أخذه لم يفلته " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ". ولكن من عظيم العبر والدروس، أنه ما كان لروح  هذا الشاب البوعزيزي أن يؤدي إلى ما آلت إليه هذه الأحداث التونسية من سقوط الطاغية وتسلل أقربائه وأنصاره وأصهاره في جنح الليل، كالجرذان  لولا تفاعل وتجاوب باقي الجماهير التونسية، وعزف باقي  شعوب العالم، على هذا الوتر الحساس، وأمكنت قناة الجزيرة المتألقة بنقلها للأحداث أولا بأول، ونقلها الشعوب العربية لقلب الأحداث، فخاطبت بذلك مشاعر مكبوتة، وأيقظت همما راقدة، وبعثت روحا في جسد الأمة لأنها تقاسي ما قاست جماهير التوانسة، وتعاني ما عانت، فكانت صادقة مع نفسها، قبل أن تكون صادقة معها، وإلا فلماذا لم تتحرك الجماهير العربية في البلدان الأخرى، عندما أقدم شبان، فيها على ما أقدم عليه البوعزيزي في تونس، مما يدل على بركة الجماعة، ووحدة القلوب  والمشاعر، مما يدل على أن المشاعر وحدها لا تكفى ما لم يتم ترجمتها إلى سلوكي عملي، وحركة دأباء، ومما يدل أيضا على أنه لا بد من تضحيات،، وما كانت بذرة سيدي أبو زيد لتؤتي ثمارها وتتوج بإزاحة الطاغية، وأول الغيث قطر، ثم ينهمر، ما كانت هذه البذرة لتؤتي ثمارها، لولا التحرك الجماعي، للحيلولة دون الالتفاف على الانتفاضة، وللحيلولة دون ركوب الانتهازيين الموجة، ما كانت لتؤتي ثمارها لولا الإصرار، والعزم الماضي على طريق بلوغ الأهداف، وتحقيق الغاية التى انطلقت من أجلها هذه المسيرات، إن من أبلغ دروس أحداث تونس، روح الجماعة، فلا تكتمل حرية الفرد ما لم يتحرر الجميع من حوله، ولا تتم محاسن آداب فرد، ما لم يتأدب الجميع معه، فى آن معا، ولا تتطرد سعادة فرد دون سعادة باقي الأفراد حوله، إن حلفاء الطاغوت من الغرب لقنوه ونظراءه درسا لا ينساه ولا ينسوه، وهو أنهم شياطين، وفى آى الذكر الحكيم "كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين " أغلقت فرنسا أبوباها دونه، وغيرها، وتخلت عنه السفارة الأمريكية، وكان لسان حالها يقول " لا أملك لك شيئا"، وتسارعت وتيرة الأحداث، دون وصول يد الإجرام الفرنسية التي أعدت العدة لتزويد قوات الأمن بما تزهق به أرواح شعبه، وتسفك دماءه الزكية بغير حق . " وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون " ولقد حقت فى موت هذا الشاب البوعزيزي مقولة الإغريق " الموت أخف وطأة من الظلم والطغيان" إن هذا الطاغية والغ في دماء هؤلاء الأبرياء  وهم شعبه الذين أجلسوه على كرسي الحكم، ولكنه تنمر وتنكر لهم، وقلب لهم ظهر المجن، والغ في دماء هؤلاء الذين لقوا حتفهم في هذه الأحداث ودماء من مات يأسا وإحباطا، من دروس أحداث تونس أن اليأس والإحباط ضعف، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، " ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون "، ومنها أيضا : أنه لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس،، فلم يفقد الشعب الأمل وظلت جذوة الثورة خامدة، هامدة حتى حان الوقت فانقضت عليه، وأمضت مضجعه، مما دفعه إلى الخروج  سريعا، لا يلوي  على شيء، علمتنا الأحداث أن المناخ لا يتغير من حولنا ما لم نتغير نحن، ما لم تتغير النفوس، ما لم يتغير ما بالنفوس من أفكار وتصورات، ما بالنفوس من خوف وخنوع، ولا يعفى الأمن الرئاسي من المسؤولية، ودعواه أنه قد تم تضليله، أوتشويه الصورة لديه، أو قد وقع عليه ظلم هو الآخر فقد كان في يد الجلاد، وكان ذراعه الممدودة، لأن من يمد يد المساعدة إلى الأشرار والطغاة ينتهي أمره إلى مصيرهم ، إلى أن يتجرع مرارة الندم، ولا يفيده ولاؤه لغير الله، ولا يغنى عنه شيئا، وهكذا الطغاة والظالمون فى كل عصر وأوان، فعندما ساءت الأمور وجرت الأقدار بما جرى به قلم القدرة أزلا، ولى عنهم الأدبار، ولم يفكر إلا حيث قد أهمته نفسه وطغمتهرحل ابن علي عن تونس، وطوب أرض تونس كشعبه يلعنه، بل الأرض المتاخمة، والشعوب المجاورة كذلك تلعنه، بفعل الفضائيات التي جعلت العالم قرية صغيرة، مترابطة الأوصال، متشابكة الأجزاء، متماسكة الأنحاء، بفعل الإعلام المعاصر، الذي ينقل الصوت مع الصورة لتكتمل رؤية الأحداث حتى كأن المشاهد يعيش في قلب مجريات الأمور، فانطلقت حناجر داعية الله تعالى بلعن الظلمة والطغاة، على شاكلته، وإن لم تصلى ناره، وإن لم يصبها أواره "إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ {159}البقرة. لما عزل المنصور بن عمران عن القضاء، جعل الناس يسبّونه. وكان فيهم رجل يلجّ في أذاه فقال له: يا هذا أسأت إليك قطّ؟ قال: لا. قال: فما حملك على هذا الذي تأتيه؟ قال: سمعت الناس يشتمونك فساعدتهم، فأنشد المنصور:غير ما طالبين وترا ولكن .. مال دهر على أناس فمالوامن عجيب أنه بعدما تفاقم الأمر، وخرج عن السيطرة، طلع على شعبه ليقول قد فهمتكم، الآن ؟؟؟؟!!!!! هذا كحال فرعون الذي حينما أدركه الغرق قال : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين " فقال الله تعالى له : الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية، وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون" سورة يونس.، أقدم على عزل وتنحية بعض وزرائه في اللحظة الحرجة،وليست المشكلة في الأشخاص والذوات ولكنها في الأفكار والسياسات، المشكلة في الزعامات الضالة المضلة التي أذلت شعوبها وأوردتها موارد التهلكة،أين هذا الفهم من قبل هذه الأحداث، أي فهم هذا ؟!!! إن كان صحيحا فقد جاء متأخرا، وإن كان سقيما:وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً .. وآفتُه من الفهمِ السقيمِولكنْ تأخذُ الآذانُ منه .. على قدرِ القرائحِ والعلومِلقد تم عزل وتنحية بعض المتنفذين، بحجة أنهم قد ضللوه، وأين أنت من الهدي الرباني، لو أنك لرفعت لكتاب الله رأسا، وللهدي النبوي مقاما، لكان لك في الكتاب الكريم نبراسا، وهديا صالحا، وقباسا،  هاهو القرآن الكريم يقص عليك، السلوك القويم، حتى لا تقع ضحية التغرير والخداع، لما رفع إلى سليمان عليه السلام تقريرا، من بعض جنوده قال :"سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين "وتبين له صدق ما رفع إليه من التقرير، فيبنى على ذلك موقفا، ويتخذ إجراء، رفع إلى بعض الوزراء، شكوى من بعض عماله فأرسل إليه يقول: كثر شاكوك وقلّ شاكروك، فإما اعتدلت وإما اعتزلت"ورد كتاب صاحب أرمينية على السفّاح بأن الجند قد شغبوا ونهبوا. فكتب إليه: اعتزل أمرنا فلو عدلت لم يشغبوا ولو قريت لم ينهبوا.هذا ما كان من السفاح مع عماله وموظفيه، أما طاغية تونس، فقد استعدي البوليس على شعبه، حتى زهقت أرواح، وسفكت دماء تنادي أصحابها، بالحرية والكرامة،ولكن ليل الباطل قصيرمن ألزم واجبات الدولة المسلمة توفير فرص العمل للقادرين، وتقديم المعونات لذوى الضعف والعجز من لا يقدر على كسب لكونه زمناً أو ذا علة أخرى حتى يحصل له ما يقوم بحاله ويسد خلتهعن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ: "أَنّ رَجُلاً مِنَ الأنْصَارِ أَتَى النّبيّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ، فَقَالَ أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟ قال بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ ونَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَعْبٌ  نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ المَاءِ. قال ائْتِنِي بِهِمَا. قالَ فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ وقال: مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ قال رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قال مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرّتَيْنِ أو ثَلاَثاً. قال رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيّاهُ وَأخَذَ الدّرْهَمَيْنِ فأَعَطَاهُمَا الأَنْصَارِيّ وقال اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَاماً فأَنْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بالاَخَرِ قَدّوماً فَآتِنِي بِهِ، فأَتَاهُ بِهِ فَشَدّ فِيهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عُوداً بِيَدِهِ ثُم قَال لَهُ اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلاَ أَرَيَنّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً. فَذَهَبَ الرّجُلُ يَحَتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْباً وَبِبَعْضِها طَعَاماً، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم هذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ المَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنّ المَسْأَلَةَ لاَ تَصْلُحُ إِلاّ لِثَلاَثَةٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْم مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ"هذا واجب الدولة المسلمة نحو أبنائها القادرين على العمل، توفر لهم فرص العمل، ليقتاتوا لقمتهم بعزة نفس ورفعة رأس، ويعيشوا أحرارا أعزةلا تسقنى كأس الحياة بذلة ..  بل فاسقنى العز بالحنظلوغير القادرين على العمل لسبب أو لآخر، تقدم لهم المعونة الميسورة، التى توفر لهم حياة كريمة عزيزة، لَمَّا فَتَحَ اللهُ الْفُتُوحَ على رسول الله صلوات الله  وسلامه عليه  قَالَ: "أَنَا أَوْلَىَ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ"وهذا مما يدل على وعي الدولة الإسلامية بواجباتها نحو رعيتها، أحياء وأمواتاقال النووي: معناه أنا قائم بمصالحكم في حياة أحدكم وموته وأنا وليه في الحالين، فإن كان عليه دين قضيته من عندي إن لم يخلف وفاء، وإن كان له مال فهو لورثته لا آخذ منه شيئاً، وإن خلف عيالاً محتاجين ضائعين فعليّ نفقتهم ومؤونتهم.هذه بعض مهام ولي الأمر نحو رعيته في الدولة المسلمة. هذا وللحديث صلة بحول الله تعالى وقوته.إلى طاغية تونس: الحمد لله الذي أزال سلطانك، وهدّ أركانك، وأزال جمالك، وغيّر حالك، وجعلك عبرة لأمثالك، وما هي من الظالمين ببعيدالحمد لله الذي أذلّ عزّتك وأذهب سطوتك، وأزال مقدرتك، فلئن أخطأت فيك النعمة لقد أصابت فيك النقمةأحمد الله فيك إذ حبسك في جلدك، وأبقى لك عينا تنظر بها إلى زوال النعمة عنكخنازير ناموا عن المكرمات .. فأنبههم قدر لم ينمفيا قبحهم عند ما خوّلوا .. ويا حسنهم في زوال النّعمرزقت سلامة فبطرت فيها .. وكنت تخالها أبدا تدوموقد ولّت بدولتك الليالي .. وأنت ملعن فيها ذميمفبعدا لا إنقضاء له وسحقا .. فغير مصابك الخطب الجسيملقد أدبرت وولت أيامه، لقد ذهبت أيامه وبقيت آثامهففرحة النّاس بإدباره .. كغيظهم كان بإقباله"قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {26}آل عمرانذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {53} الأنفال"وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ {123} الأنعام"إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ {11} الرعدإلى أشباه ونظراء وإخوان طاغية تونس قال من قال وأحسن:بادر بإحسانك الليالي .. فليس من غدرها أمانقل للوضيع أبي رياش لا تبل .. ته كل تيهك بالولاية والعملما ازددت حين ولّيت إلا خسّة .. فالكلب أنجس ما يكون إذا اغتسلفلا يغرركم نعم توالت .. فإنّ الدهر حال بعد حالأحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت .. ولم تخف غبّ ما يأتي به القدروسالمتك الليالي فاغتررت بها .. وعند صفو الليالي يحدث الكدركأنما أخذه من قوله تعالى: حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً"وبعد فالقلب الفارغ يبحث عن السوء واليد الفارغة تنازع إلى الإثم. سئل ضمرة بن ضمرة عن الفقر الحاضر والعجز الظاهر، فقال: أما الفقر الحاضر فمن لا تشبع نفسه وأما العجز الظاهر فالشاب القليل الحيلة اللازم الحليلة إن غضبت ترضّاها وإن رضيت فداها، يحوم حولها ويطيع قولهاإن بعث الهمم على العمل الصالح وإتقانه طريق فلاح المؤمن ونجاحه, وهو دليلٌ على صدق إيمانه, وإنما يرث الإنسان الكرامة والسعادة والخلود في الجنة بالعمل الصالح, قال تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (الزخرف: (72) , فالإنسان المؤمن إذا أدرك في نفسه الوهن وأنه قد أصيب بالملل والضجر والسأم بعث في نفسه الهمم بالاستعانة بالله الواحد الأحد الباعث للهمم, فهو الذي يقيه الضعف والوهن ويبعث في نفسه النشاط على العمل الحسن, فالإسلام دين يدعو إلى العمل الصالح الأتم، ومن أخذ بهدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ظفر, وفي القرآن الحكيم: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}إن العالم مسرح كبير يمثل فيه كل واحد دوره، ويتقاضي أجره، هناك من يؤدى دورا جادا، وهناك من يؤدى دورا هزليا، والشيطان  يقوم بدور الملقن، يوم أن صعد طاغوت وطاغية تونس على المسرح وقدم الفصل الأول بشعارات رنانة، كان مشكوكا فيه، نعم إن العالم مسرح كبير، والبشر نساء ورجال، ما هم إلا ممثلون لهم مخارجهم ومداخلهم، وعديدة هي الأدوار التي يمثلها المرء في حياته، ولقد أثبتت الأحداث الأخيرة في تونس أن صوت الشعب قوة جبارة فمتى ترفع كل شعوب أوطاننا صوتهالتبلغ عذرا أو تصيب رغيبة .. ومبلغ نفس عذرها مثل منجحقد قضى ما عليه من بلغ الجه .. د وإن لم يصل إلى ما أرادانعم لقد أثمرت المظاهرات التي تجوب ولا زالت الشوارع، أثمرت ثمرات يانعة، على رأسها، زوال طاغية تونس، واندحاره، وانقمائه ذليلا، مهانا، وصار عبرة لمن يعتبر، وتذكرة لمن أراد أن يذكر، إلى الذين جادلوا وسخروا من التنادي بالمظاهرات سبيلا للتعبير، عن المشاعر المتأججة، والمظالم المدلهمة، والاحتقانات المضطرمة، إليهم أبلغ رد في أحداث تونس، ويوم أن تتاح الفرصة للشعوب الراشدة، المستنيرة الواعدة أن تأتلف قلوبها على قلب رجل واحد، فتجأر، ولا تهدأ، وتزأر ولا تسكن، وتهدر ولا تفتر، حتى يبلغ الأمر غايته، فما لمنكر على التظاهر حق، إلا المكابرة والقفز على الواقع، والتجاهل للحقائق على الأرض، هذا التظاهر وإن جاء متأخرا أولى من ألا  يجيئ، وقديما قيل إن أعمدة الحكم، أربعة : الدين – العدالة – الشورى- الخزينة، وقد أضاع أربعتها ديكتاتور تونس، فقد كممت الأفواه، وخوت المنابر، وأصبحت المساجد مساجد ضرار، حيث حيل بين أئمتها والجهر بالحق والصدع بالأمر الإلهي،، وأما العدالة فما أدراك ما العدالة لا قضائية، ولا اجتماعية فقد نهبت ثروات البلد لحفنة من حاشيته وأقاربه، وأصهاره، وزج في السجون بالمصلين، وحارب الله ورسوله، وما قضية الحجاب، عن الأذهان ببعيد، وأما الشورى : فقد غابت، وعشش الاستبداد، وباض وفرخ فعم الفساد وطم، " ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا" وقد خوت الخزينة، على عروشها، وكما رائحة البطالة، وسوء الأحوال الاقتصادية ببعيد رائحته التي تزكم الأنوف، ولئن توخى أفلاطون السعادة القصوى للجميع، من وراء إقامة الدولة، إلا أن طاغية تونس حكرها على أقاربه وأصهاره، فضل وأضل، "يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ {98} وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ {99}"يهودلقد عاشت تونس مستعبدة، طيلة عقدين ونيف من الزمان ـ بسكوتها وسكونها، وركونها إلى الظلم والظلمة، إذ البلدان الحرة هي التي تحترم فيها حقوق الإنسان، وتكون فيها القوانين بالتالي عادلة، والحرية لا تعطي ولكنها تؤخذ، ولا ينالها إلا أولئك الذين يحبونها، ويكونون مستعدين دائما للمحافظة عليها والذود عنها، إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ {11} الرعد.وبعيد من الحكمة أن تبقى رموز العهد البائد قائمة على شأن من الشؤون، أو يتم الإبقاء على بقايا هذا الحزب التأخري لا التقدمي، غير الدستوري، والديكتاتوري لا الديمقراطي، فالثعالب تبدل جلودها ولا تغير سلوكهاألا يا دولة السفل .. أطلت المكث فانتقليالحرية والحياة صنوان لا يفترقان، والشجاعة تقتضي الذود عنهما، مهما غلا الثمن، وإلا فدونهما الموت والفناء والدمار،، الحرية بحر هائج مائج ما إن تنفس الشعب العربي الأبي في تونس، حتى ألقى بجيفته، وطاغيته خارج اليم بعيدا عن شطآنه، منبوذا غير مأسوف عليه، والجبناء فقط هم الذين يفضلون هدوء الطغيان، وليست قيمة الشعوب في الحقيقة التي يملكونها أو يتصورون أنهم يملكونها بل في السعي المخلص الدءوب نحو الحقائق والحقوق لنيلها، ولا يموت حق وراءه مطالب، ومحيط الحقائق والحقوق ممتد أمامها ولا بد من سبر غوره، وبلوغ أطرافه، من قاعه إلى سطحه، وليس أجمل في الظلام من أن يؤمن الإنسان بالنور، وإن طال طريق النفق، ومهما طال الليل فلا بد من طلوع الفجر، ولقد أثبتت الأحداث والتجارب أن مصروف كثير من زعماء عالمنا العربي وأحزابنا، من الكلام والأطروحات أكبر بكثير من دخلهم من الأفكار والمعلومات والحقائق، سبحان الله مقلب القلوب، خروج وخروج، لقد خرج الشاب بوعزيز من الحياة، وتحرك المارد الشعب من ورائه خروجه هذا، وخرج أيضا طاغية تونس، من البلد، هذا خروج وهذا خروج، ولكن الأحق بالخروج من الحياة، من أفقد شعبه حريته بل حياته، فهما صنوان لا يفترقان كما أسلفنا، كما الأحق بالخروج من الحياة من تسبب في خروج بوعزيز من الحياة، على هذا النحو، حيث لم يفقده حياته فقط بل أفقده نور دربه، ورحيق آخرته، الأحق بالخروج من الحياة، من أمر بإزهاق أرواح أبرياء، وسفك دماء معصومة، وسلط قوى الأمن على أهلهم، وذويهم، ولله في خلقه شؤون، أراد الله تعالى لطاغية تونس أن يتعذب بزوال ملكه، وحبس حريته، وغل يديه، وخروجه ليلا تحت جنح الظلام ، وخذلان أسياده له الذين عاش لهم ذنبا وذيلا، فلم يغن عنه ذلك فتيلا ولا قطميرا ساعة أن خرج عليه شعبه وقد كان الأحق بموالاته قدر الله تعالى له ذلك الخروج ليكون عبرة لنظرائه ممن هم على طريقه لسان حالهم لطاغية تونس  ـ أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بحول الله تعالى وقوته وحده بكم لاحقون -، قدر الله تعالى له ذلك ليموت مرات ومرات، ليجعل الله تعالى ذلك حسرة فى قلبه وقلب من سار في ركابه، ولكن على مستوى ساحات دول الوطن العربي، على ظلال أحداث  الانتفاضة التونسية، هل هذا الذي حدث في  دول الجوار وغيرهافي الجزائر: تراجع عن أسعار بعض السلعفي الكويت: زيادة ألف دينار لكل مواطنفي الأردن: زيادة رواتب الموظفينفي أرض الكنانة: تعيينات لبعض خريجي الجامعاتوزيادة لبعض المعونات الاجتماعيةوفى البعض الآخر تراجع عن بعض الضرائبكل يحاول حيلة يرجو بها .. دفع المضرّة واجتلاب المنفعةوالسؤال : أين كانت هذه السياسة  والخطوات قبل أحداث تونس، أهي من باب أنج سعد فقد هلك سعيد؟ أم من باب ذر الرماد في العيون ؟ !! أم أنها قد كانت مخططة  ومرسومة، قبل ذلك، أم أنها من باب استباق الانتفاضات الكامنة في حنايا الصدور، ومحاولة الالتفاف حول الحناجر والحيلولة بينها وبين، الجؤار، أم أنها تسكين ثارات الشعوب، عن أن تنحو نحو التوانسة هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة،قيل لرجل زال ملكه: ما كان سبب زوال ملكك؟ فقال: تدبير الأمر بالهوى وتأخير عمل اليوم إلى غد، وقيل ذلك لآخر، فقال: قلّة التيقّظ واشتغالنا باللذّات عن التفرّغ وثقتنا بعمّالنا حتى ظلموا رعيّتنا، فقلّ دخلنا وبطل عطاء جندنا. فقلّت طاعتهم لنا فقصدنا الأعداء فعجزنا عن مدافعتهم.قد تمر وتمضى فترة على الجريمة والمجرمين دون أن تنال منهم يد العدالة، نعم قد تبطئ العدالة فى تعقب الجناة، ولكن "إن ربك لبالمرصاد " " ولا تحسبن الله غافلا" " إن الله يملى للظالم ولا يهمله حتى إذا أخذه لم يفلته " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد " . ولكن من عظيم العبر والدروس، أنه ما كان لروح  هذا الشاب البوعزيزي أن يؤدي إلى ما آلت إليه هذه الأحداث التونسية من سقوط الطاغية وتسلل أقربائه وأنصاره وأصهاره في جنح الليل، كالجرذان  لولا تفاعل وتجاوب باقي الجماهير التونسية، وعزف باقي  شعوب العالم، على هذا الوتر الحساس، وأمكنت قناة الجزيرة المتألقة بنقلها للأحداث أولا بأول، ونقلها الشعوب العربية لقلب الأحداث، فخاطبت بذلك مشاعر مكبوتة، وأيقظت همما راقدة، وبعثت روحا في جسد الأمة لأنها تقاسي ما قاست جماهير التوانسة، وتعاني ما عانت، فكانت صادقة مع نفسها، قبل أن تكون صادقة معها، وإلا فلماذا لم تتحرك الجماهير  العربية في البلدان الأخرى، عندما أقدم شبان، فيها على ما أقدم عليه البوعزيزي في تونس، مما يدل على بركة الجماعة، ووحدة القلوب  والمشاعر، مما يدل على أن المشاعر وحدها لا تكفى ما لم يتم ترجمتها إلى سلوكي عملي، وحركة دأباء، ومما يدل أيضا على أنه لا بد من تضحيات،، وما كانت بذرة سيدي أبو زيد لتؤتي ثمارها وتتوج بإزاحة الطاغية، وأول الغيث قطر، ثم ينهمر، ما كانت هذه البذرة لتؤتي ثمارها، لولا التحرك الجماعي، للحيلولة دون الالتفاف على الانتفاضة، وللحيلولة دون ركوب الانتهازيين الموجة، ما كانت لتؤتي ثمارها لولا الإصرار، والعزم الماضي على طريق بلوغ الأهداف، وتحقيق الغاية التى انطلقت من أجلها هذه المسيرات، إن من أبلغ دروس أحداث تونس، روح الجماعة، فلا تكتمل حرية الفرد ما لم يتحرر الجميع من حوله، ولا تتم محاسن آداب فرد، ما لم يتأدب الجميع معه، فى آن معا، ولا تتطرد سعادة فرد دون سعادة باقي الأفراد حوله، إن حلفاء الطاغوت من الغرب لقنوه ونظراءه درسا لا ينساه ولا ينسوه، وهو أنهم شياطين، وفى آى الذكر الحكيم "كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين " أغلقت فرنسا أبوباها دونه، وغيرها، وتخلت عنه السفارة الأمريكية، وكان لسان حالها يقول " لا أملك لك شيئا"، وتسارعت وتيرة الأحداث، دون وصول يد الإجرام الفرنسية التي أعدت العدة لتزويد قوات الأمن بما تزهق به أرواح شعبه، وتسفك دماءه الزكية بغير حق . " وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون " ولقد حقت فى موت هذا الشاب البوعزيزي مقولة الإغريق " الموت أخف وطأة من الظلم والطغيان" إن هذا الطاغية والغ في دماء هؤلاء الأبرياء  وهم شعبه الذين أجلسوه على كرسي الحكم، ولكنه تنمر وتنكر لهم، وقلب لهم ظهر المجن، والغ في دماء هؤلاء الذين لقوا حتفهم في هذه الأحداث ودماء من مات يأسا وإحباطا، من دروس أحداث تونس أن اليأس والإحباط ضعف، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، " ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون "، ومنها أيضا : أنه لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس،، فلم يفقد الشعب الأمل وظلت جذوة الثورة خامدة، هامدة حتى حان الوقت فانقضت عليه، وأمضت مضجعه، مما دفعه إلى الخروج  سريعا، لا يلوي  على شيء، علمتنا الأحداث أن المناخ لا يتغير من حولنا ما لم نتغير نحن، ما لم تتغير النفوس، ما لم يتغير ما بالنفوس من أفكار وتصورات، ما بالنفوس من خوف وخنوع، ولا يعفى الأمن الرئاسي من المسؤولية، ودعواه أنه قد تم تضليله، أوتشويه الصورة لديه، أو قد وقع عليه ظلم هو الآخر فقد كان في يد الجلاد، وكان ذراعه الممدودة، لأن من يمد يد المساعدة إلى الأشرار والطغاة ينتهي أمره إلى مصيرهم ، إلى أن يتجرع مرارة الندم، ولا يفيده ولاؤه لغير الله، ولا يغنى عنه شيئا، وهكذا الطغاة والظالمون فى كل عصر وأوان، فعندما ساءت الأمور وجرت الأقدار بما جرى به قلم القدرة أزلا ، ولى عنهم الأدبار، ولم يفكر إلا حيث قد أهمته نفسه وطغمته.رحل ابن علي عن تونس، وطوب أرض تونس كشعبه يلعنه، بل الأرض المتاخمة، والشعوب المجاورة كذلك تلعنه، بفعل الفضائيات التي جعلت العالم قرية صغيرة، مترابطة الأوصال، متشابكة الأجزاء، متماسكة الأنحاء، بفعل الإعلام المعاصر، الذي ينقل الصوت مع الصورة لتكتمل رؤية الأحداث حتى كأن المشاهد يعيش في قلب مجريات الأمور، فانطلقت حناجر داعية الله تعالى بلعن الظلمة والطغاة، على شاكلته، وإن لم تصلى ناره، وإن لم يصبها أواره "إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ {159}البقرة. لما عزل المنصور بن عمران عن القضاء، جعل الناس يسبّونه. وكان فيهم رجل يلجّ في أذاه فقال له: يا هذا أسأت إليك قطّ؟ قال: لا. قال: فما حملك على هذا الذي تأتيه؟ قال: سمعت الناس يشتمونك فساعدتهم، فأنشد المنصور:غير ما طالبين وترا ولكن .. مال دهر على أناس فمالوامن عجيب أنه بعدما تفاقم الأمر، وخرج عن السيطرة، طلع على شعبه ليقول قد فهمتكم، الآن ؟؟؟؟!!!!! هذا كحال فرعون الذي حينما أدركه الغرق قال : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين " فقال الله تعالى له : الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية، وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون" سورة يونس.، أقدم على عزل وتنحية بعض وزرائه في اللحظة الحرجة،وليست المشكلة في الأشخاص والذوات ولكنها في الأفكار والسياسات، المشكلة في الزعامات الضالة المضلة التي أذلت شعوبها وأوردتها موارد التهلكة،أين هذا الفهم من قبل هذه الأحداث، أي فهم هذا ؟!!! إن كان صحيحا فقد جاء متأخرا، وإن كان سقيما:وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً * وآفتُه من الفهمِ السقيمِ-ولكنْ تأخذُ الآذانُ منه * على قدرِ القرائحِ والعلومِلقد تم عزل وتنحية بعض المتنفذين، بحجة أنهم قد ضللوه، وأين أنت من الهدي الرباني، لو أنك لرفعت لكتاب الله رأسا، وللهدي النبوي مقاما، لكان لك في الكتاب الكريم نبراسا، وهديا صالحا، وقباسا،  هاهو القرآن الكريم يقص عليك، السلوك القويم، حتى لا تقع ضحية التغرير والخداع، لما رفع إلى سليمان عليه السلام تقريرا، من بعض جنوده قال :"سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين "وتبين له صدق ما رفع إليه من التقرير، فيبنى على ذلك موقفا، ويتخذ إجراء، رفع إلى بعض الوزراء، شكوى من بعض عماله فأرسل إليه يقول: كثر شاكوك وقلّ شاكروك، فإما اعتدلت وإما اعتزلت"ورد كتاب صاحب أرمينية على السفّاح بأن الجند قد شغبوا ونهبوا. فكتب إليه: اعتزل أمرنا فلو عدلت لم يشغبوا ولو قريت لم ينهبوا.هذا ما كان من السفاح مع عماله وموظفيه، أما طاغية تونس، فقد استعدي البوليس على شعبه، حتى زهقت أرواح، وسفكت دماء تنادي أصحابها، بالحرية والكرامة،ولكن ليل الباطل قصير،من ألزم واجبات الدولة المسلمة توفير فرص العمل للقادرين، وتقديم المعونات لذوى الضعف والعجز من لا يقدر على كسب لكونه زمناً أو ذا علة أخرى حتى يحصل له ما يقوم بحاله ويسد خلتهعن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ: "أَنّ رَجُلاً مِنَ الأنْصَارِ أَتَى النّبيّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ، فَقَالَ أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟ قال بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ ونَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَعْبٌ  نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ المَاءِ. قال ائْتِنِي بِهِمَا. قالَ فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ وقال: مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ قال رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قال مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرّتَيْنِ أو ثَلاَثاً. قال رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيّاهُ وَأخَذَ الدّرْهَمَيْنِ فأَعَطَاهُمَا الأَنْصَارِيّ وقال اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَاماً فأَنْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ وَاشْتَرِ بالاَخَرِ قَدّوماً فَآتِنِي بِهِ، فأَتَاهُ بِهِ فَشَدّ فِيهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عُوداً بِيَدِهِ ثُم قَال لَهُ اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلاَ أَرَيَنّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً. فَذَهَبَ الرّجُلُ يَحَتَطِبُ وَيَبِيعُ فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْباً وَبِبَعْضِها طَعَاماً، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم هذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ المَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنّ المَسْأَلَةَ لاَ تَصْلُحُ إِلاّ لِثَلاَثَةٍ لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ لِذِي غُرْم مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ"هذا واجب الدولة المسلمة نحو أبنائها القادرين على العمل، توفر لهم فرص العمل، ليقتاتوا لقمتهم بعزة نفس ورفعة رأس، ويعيشوا أحرارا أعزةلا تسقنى كأس الحياة بذلة .. بل فاسقنى العز بالحنظلوغير القادرين على العمل لسبب أو لآخر، تقدم لهم المعونة الميسورة، التى توفر لهم حياة كريمة عزيزة، لَمَّا فَتَحَ اللهُ الْفُتُوحَ على رسول الله صلوات الله  وسلامه عليه  قَالَ: "أَنَا أَوْلَىَ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ"وهذا مما يدل على وعي الدولة الإسلامية بواجباتها نحو رعيتها، أحياء وأمواتاقال النووي: معناه أنا قائم بمصالحكم في حياة أحدكم وموته وأنا وليه في الحالين، فإن كان عليه دين قضيته من عندي إن لم يخلف وفاء، وإن كان له مال فهو لورثته لا آخذ منه شيئاً، وإن خلف عيالاً محتاجين ضائعين فعليّ نفقتهم ومؤونتهم.هذه بعض مهام ولي الأمر نحو رعيته في الدولة المسلمة. هذا وللحديث صلة بحول الله تعالى وقوته.هوامش:قعب: القعب: إناء ضخم كالقصعة والجمع قعاب وأقعب مثل سهم وسهام وأسهم. المصباح المنير 2/699. بسنن أبي داود، كتاب الزكاة. باب ما تجوز فيه المسألةصحيح البخاري كِتَاب الْفَرَائِضِ. باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ.صحيح مسلم  كتاب الفرائض. باب من ترك مالاً فلورثته. سنن أبو داود كتاب الخراج والفيء والإمارة. باب في أرزاق الذريةقعب: القعب: إناء ضخم كالقصعة والجمع قعاب وأقعب مثل سهم وسهام وأسهم. المصباح المنير 2/699. بسنن أبي داود، كتاب الزكاة. باب ما تجوز فيه المسألةصحيح البخاري كِتَاب الْفَرَائِضِ.  باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ.صحيح مسلم  كتاب الفرائض. باب من ترك مالاً فلورثته. سنن أبو داود كتاب الخراج والفيء والإمارة. باب في أرزاق الذرية