18 سبتمبر 2025

تسجيل

أعلى لفترة أطول: هل نحن جاهزون؟

06 نوفمبر 2023

أصبحت عبارة «ارتفاع أسعار الفائدة لفترات طويلة Higher for longer» شائعة للغاية. وانطلاقًا من ما يقارب الصفر في بداية عام 2022، حدثت زيادات تدريجية في أسعار الفائدة الفيدرالية وصولاً إلى معدل يتراوح ما بين 5.25 - 5.5٪. وقد حذت بنوك مركزية أخرى حذو الإجراءات التي اتخذها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وهناك فرصة ضئيلة لحدوث خفض كبير في أسعار الفائدة على المدى القريب، ونتوقع ان تستمر أسعار الفائدة العالية لسنوات قادمة. ومع ذلك فإن المستويات الحالية التي تبلغ نحو 5% يمكن تصنيفها على أنها متوسطة المدى، وليست مرتفعة، وفقًا للمعايير التاريخية. وهناك العديد من الأسباب التي تجعلنا نشعر بالامتنان لأن النظام المعروف باسم «سياسة سعر الفائدة الصفري» الذي استمر طوال العقد الماضي، قد وصل إلى نهايته. وكان منطق المال الرخيص يتلخص في تحفيز الاقتصاد من خلال تسهيل عملية الاقتراض والاستثمار، وتعزيز الإنفاق الاستهلاكي عبر خفض أقساط سداد القروض. ويشير بعض الاقتصاديين إلى أن الأدلة التي تدعم هذا النهج قليلة. فعلى سبيل المثال، كان النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة أقوى أثناء الفترتين من 1982-1990 ومن 1991-2001، عندما كانت أسعار الفائدة أعلى. وأدت أسعار الفائدة المنخفضة للغاية إلى سعي الكثير من المستثمرين لتحقيق عوائد أعلى في استثمارات مرتفعة الخطورة نسبيًا. وكانت هناك فقاعات مضاربة في الكثير من الأصول مثل العملات المشفرة والعقارات وأسواق الأسهم. وأدى ذلك إلى استمرار بعض الشركات الضعيفة (Zombie companies) في العمل. ومن الممكن أن تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة إلى إضعاف المنافسة عبر تسهيل قيام الشركات الكبيرة بعمليات الاستحواذ وزيادة هيمنتها على السوق. وقامت بعض حكومات الأسواق الناشئة بالاقتراض لتشجيع الطلب الاستهلاكي قصير الأجل، وليس من أجل تنفيذ المشاريع التنموية طويلة الأجل. وتُعدُ العودة إلى أسعار الفائدة المرتفعة من الأمور المكلفة بالنسبة للأشخاص والجهات التي لديها ديون مرتفعة، ولكن أسعار الفائدة المرتفعة لها فوائد عديدة، حيث أنها تؤدي إلى فرض المزيد من الانضباط، وتضمن التخصيص الأفضل لرأس المال، وتساعد في تعزيز الكفاءة الاقتصادية والتنمية. وقد حدثت الزيادة في أسعار الفائدة خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية بسبب الارتفاع الحاد في معدلات التضخم، حيث تسعى البنوك المركزية إلى خفض التضخم إلى المستوى المستهدف، وهو 2% في العادة. وكان العامل الأكثر أهمية في حسابات الاقتصاد الكلي هو التوترات الجيوسياسية المتزايدة. والأمران مرتبطان، فعلى سبيل المثال، أثر الصراع في أوكرانيا على الأسعار الدولية للحبوب وسلاسل التوريد. وشهد العام الحالي تصعيدًا في الصراع بين إسرائيل وغزة. تستند النماذج الاقتصادية إلى بيانات تاريخية، وكانت الضغوط التضخمية الأخيرة ناجمة عن اضطرابات غير متوقعة في سلسلة التوريد بشكلٍ أكبر من العوامل الدورية، لذا فهي أقل عرضة لتأثيرات السياسات النقدية. ويدعو ذلك إلى التساؤل عما إذا كان معدل الـ 2% يظل هدفاً واقعياً. وهناك أيضًا تحديات هيكلية تتمثل في الشيخوخة السكانية في العديد من الاقتصادات، وحجم الاستثمار اللازم للتحول في مجال الطاقة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وارتفاع ديون القطاع العام. وعند ارتفاع مستويات أسعار الفائدة، يصبح الدين الحكومي أكثر تكلفة. ويتمثل التهديد الذي يلوح في الأفق في الحجم الهائل للديون والعجز في الولايات المتحدة، الذي يبلغ نحو 120%، و3% على التوالي من الناتج المحلي الإجمالي. وفي شهر أكتوبر، ارتفع العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات فوق مستوى 5% للمرة الأولى، وكانت أسعار السندات والعوائد متقلبة على نحو غير عادي بالنسبة للأصول الأكثر أمانًا في الاقتصاد العالمي. ونظرًا لأن الدولار هو عملة الاحتياطي النقدي، فلا يوجد خطر محتمل للتخلف عن السداد، ولكن في غياب أي احتمالات لرفع معدلات الضرائب أو خفض الإنفاق، فمن الواضح أن هناك شيء سينهار في نهاية المطاف. وبالنسبة للدول الأصغر التي تتمتع بوضعٍ مالي قوي، هناك فرصة لتطوير أسواق السندات المحلية. وينطبق هذا على دولة قطر التي بدأت في تطوير سوق السندات بالعملة المحلية. ولكي يكون سوق السندات فعالاً، يجب أن يكون هناك عمق وسيولة، بحيث يكون هناك مشترين متاحين عندما يرغب أحد الأطراف في البيع. ويستغرق بناء النضج في مثل هذه السوق وقتًا، ولكن الظروف مواتية لذلك.