12 سبتمبر 2025
تسجيلرسائل صاحب السمو للمواطن خريطة طريق لبناء الإنسان الفاعل الدولة تخطو واثقة نحو استكمال المتطلبات الدستورية قطر سباقة في المنطقة.. والجزيرة نموذج فريد للرؤية المتقدمة الموقف الثابت من حل الخلافات الخليجية بالحوار يتسق مع سياسة الدولة الخارجية موقف سمو الأمير من قضايا الأمة ينطلق من بوصلة وجهتها الخير لكل العالم موقف سمو الأمير من قضايا الأمة ينطلق من بوصلة وجهتها الخير لكل العالمخطاب سموه أمام مجلس الشورى قدم رؤية واضحة واستشرافاً للمستقبلببصيرة نافذة ورؤية واضحة واستشراف عميق للمستقبل، جاء خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله، أمام دور الانعقاد العادي الثامن والأربعين لمجلس الشورى، أمس، ليرسم ملامح الفترة القادمة لدولة قطر، بحسبانها دولة عصرية ودولة مؤسسات، لتعزز أكثر من دائرة الشورى والديمقراطية. ويكتسب خطاب صاحب السمو أمام مجلس الشورى أهمية كبرى، خصوصاً لجهة دعوة سموه لإنشاء لجنة عليا برئاسة معالي رئيس مجلس الوزراء للإشراف على التحضير لانتخابات مجلس الشورى، وإعداد مشروعات القوانين اللازمة، واقتراح البرنامج الزمني لعملية انتخاب أعضاء المجلس، وذلك في إطار استكمال المتطلبات الدستورية لانتخاب أعضاء مجلس الشورى وممارسته لاختصاصاته التشريعية بموجب الدستور الدائم لدولة قطر. لقد ظلت دولة قطر تمضي بعزم أكيد وخطوات حكيمة في بناء دولة المؤسسات وسيادة حكم القانون، وما الدعوة للبدء في التحضير لعملية انتخاب أعضاء مجلس الشورى، سوى خطوة أخرى كبيرة تخطوها الدولة بثقة، وهي تقوم باستكمال المتطلبات الدستورية المنصوص عليها.. وهذه الخطوة ليست مستغربة أو طارئة، إذ لطالما كانت دولة قطر سباقة في المنطقة، ويقف دليلاً على ذلك الإقدام على إنشاء شبكة الجزيرة كنموذج فريد ليس لحرية التعبير والصحافة الحرة فحسب، بل وللرؤية المتقدمة للقيادة القطرية وانفتاحها على العالم والعصر. إن الدول التي تغفل عن بناء معادلة جديدة للحكم يكون لممثلي الشعب دور فيها، أو تتقاعس عن المضي باتجاه بناء نظام حكم دستوري أو تتجاهل بناء دولة المؤسسات وإعلاء مبادئ سيادة حكم القانون، إنما تحكم على نفسها بالتخلف أو ربما تكتب نهايتها بيدها. لكن دولة المؤسسات وتطورها وإنجاز النهضة الشاملة في الدولة، لا تقوم دون الاهتمام بالإنسان، حيث يرى صاحب السمو أنه، أي الإنسان، عماد أي نهضة.. وأن العمران لا يقاس بالمباني والمرافق فقط، بل بقدرة البشر على تخطيطها وبنائها وصيانتها، والمدارس التي تعلمهم، والجامعات التي تخرجهم، وبنوعية التعليم والثقافة والقيم السائدة، والأخلاق. لقد وفرت الدولة بسخاء كبير، مستوى عالياً من الخدمات والوضع المعيشي اللائق للجميع، وهو أمر تم بفضل رعاية حضرة صاحب السمو واهتمامه البالغ بالإنسان، لكن بناء الإنسان الفاعل لا يمكن أن يحدث دون إحساس عميق بواجبه تجاه المجتمع والوطن، وكما قال صاحب السمو "فمن لا يعطي لا يقدر قيمة ما يتلقى.. المواطنة تشمل حقوقاً وليس استحقاقات.. وهي ليست عبارة عن حقوق فقط بل هي أيضا مسؤوليات وواجبات، وأولها العمل بإخلاص وإتقان كلٌ في موقعه، فكل موقع مهم. وكما حذّر صاحب السمو من أن يتكرس نمط من الشعور بالاستحقاق، وتوقعات لا تنتهي من الدولة دون إحساس عميق بواجب المواطن الفرد تجاه المجتمع والوطن، وجه سموه أيضاً نصائح وتوجيهات بإعلاء قيم التواضع والإخلاص والإتقان في العمل وتقدير الآخر. ولا شك أن هذه الرسائل بالغة الدلالة التي وجهها صاحب السمو للمواطنين في خطابه، هي وصفة وخارطة طريق لبناء الإنسان الفاعل الذي يعرف مسؤولياته وواجباته في بناء الوطن والدولة. ومع تلك القضايا، كان خطاب صاحب السمو مناسبة لاستعراض المسيرة الوطنية والنجاح في احتواء الآثار السالبة للحصار الجائر المفروض على قطر، للسنة الثالثة على التوالي، وهو نجاح يعود إلى خمسة أسباب رئيسية، أولها النهج الهادئ والحازم في إدارة الأزمة، والثاني كشف كافة الحقائق المتعلقة بالأزمة للعالم أجمع، والثالث تمسك دولة قطر باستقلالية قرارها السياسي في مواجهة محاولة فرض الوصاية عليها، والرابع تعزيز العلاقات الثنائية مع الدول الصديقة والحليفة، والخامس هو وقوف الشعب القطري موحداً للدفاع بقوة عن سيادة وطنه ومبادئه. لقد كان الحصار فرصة لتمضي المسيرة الوطنية بخطوات واثقة في تنفيذ البرامج التنموية على النحو المرسوم لها، ولتعزيز صمود قطر ودافعا للتعامل الأفضل مع الأوضاع الجديدة التي نجمت عنه، وهناك الكثير مما لا يعد ولا يحصى لتخطي دولة قطر للآثار السالبة للحصار والتقدم بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف رؤية 2030، ومن أبرز تلك النجاحات يمكن الإشارة إلى استرجاع احتياطات الدولة وإيصالها إلى مستويات أعلى مما كانت عليه قبل الحصار، والمحافظة على التصنيف الائتماني القوي لدولة قطر من قبل وكالات التصنيف العالمية، ومحافظة الريال القطري على استقراره وقيمته رغم المحاولات المتعددة والممنهجة للتسبب بانهياره، والتقدم الملحوظ في مجال التنويع الاقتصادي وتأسيس منظومة إنتاج زراعي وحيواني وسمكي متطورة، وزيادة القدرات الإنتاجية لمحطات التوليد الكهربائي، والسير باتجاه تحقيق قفزة نوعية وكمية في إنتاج الغاز المسال وتصديره. ومع تجاوز آثار الحصار وكل هذه الإنجازات التي تحققت، بفضل الرؤية الثاقبة للقيادة الرشيدة، ظل موقف دولة قطر ثابتاً لم يتغير، منذ بداية الأزمة، وذلك بالتأكيد على استعدادها للحوار لحل الخلافات بين دول مجلس التعاون وفي إطار ميثاقه على أربعة أسس هي الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، وعدم الإملاء في السياسة الخارجية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية. والموقف الثابت من حل الخلافات داخل مجلس التعاون بالحوار، هو موقف يتسق مع سياسة الدولة الخارجية، التي كانت دائما مع الاستقرار في المنطقة والإقليم بصفة خاصة والعالم أجمع بصفة عامة، حيث كانت الدوحة ولا تزال منصة إقليمية وعالمية لنزع فتيل الأزمات وحل النزاعات بالحوار، وتجنيب العالم والشعوب الفوضى والدمار والتكلفة الباهظة للحروب. وقد مثل خطاب صاحب السمو دعوة لحل قضايا المنطقة بالحوار، من خلال إدراكه العميق لحجم المخاطر التي تهدد المنطقة. ولم تترسخ مكانة دولة قطر كشريك فاعل على الساحتين الإقليمية والدولية، إلا من خلال دورها الكبير في تسوية المنازعات بالطرق السلمية، وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، انطلاقا من إستراتيجيتها الواضحة ووقوفها في المكان الصحيح. لا ينسى صاحب السمو أبداً قضايا الأمة في كل المنابر، وعلى رأسها قضية فلسطين، التي تشكل القضية المركزية للأمة، وهو يتطرق دائما إلى تلك القضايا دافعه الحلول العادلة بما يحقق الاستقرار في المنطقة وتطلعات شعوبها ويجنبها المعاناة. ولعلنا لا نجانب الصواب، عندما نقول بحق: إن خطابات صاحب السمو تمثل نبض الأمة وضميرها، إذ تنطلق من موقف أصيل وبوصلة غير معطوبة، وجهتها الخير للأمة والعالم أجمع. [email protected]