20 أكتوبر 2025

تسجيل

تركيا ومصير بن سلمان

06 نوفمبر 2018

قُدّر لقضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي أن تٌشكل عامل ضغط كبيراً على ممارسات السلطة السعودية وإيجاد مسار مناسب لها لتصحيح ما اقترفته من أخطاء فادحة على الصعيد السياسي والإنساني والإستراتيجي وأثّر بشكل كبير على سمعة السعودية على المستويين الإقليمي والدولي، وأدرك بن سلمان مهندس السياسة الفوضوية والهالة الكارتونية التي صنعها على مدى عام ونصف العام من توليه ولاية العهد في المملكة أن الأمور بدأت تسير على عكس ما خطَّط له أو خُطِّطَ له لاسيما وأن الجميع يعلم أنه ما كان له أن يمتلك كامل سلطاته في إدارة دفة السعودية لولا الدعم الذي يتلقّاه من الإدارة الأمريكية التي أغدق عليها من الأموال ليضمن دعمها له ولما كان يُروّج له أمامهم بخطته الإصلاحية لجعل المملكة دولة متحررة تخلع ثوب الدين والتشدد لتلحق بركب العلمانية والتحضر المزعوم!! لم يخطر في بال بن سلمان أن قضية مواطن سعودي حر لم يُصنف نفسه أبداً كمعارض لسياسة ولي عهده المتغطرس وإنما آثر أن ينتقد بأدب وحب لوطنه وحكامه وأن يبتعد خوفاً من أن ينال نفس العقوبة التي عوقب بها أصدقاؤه الذين لطالما عبّر عن ألمه وحسرته ممّا لاقوه من تنكيل وظلم، فعندما يتحدث جمال عن العودة أو الزامل أو الشيحي فإنك تلحظ فيه من الحزن والأسى ما لا تخفيه تعابير وجهه المُنير، أقول إنه لم يخطر في باله بأنها ستشكل خطراً عليه وعلى حكمه!! كان جمال في معظم رسائله التي يوجهها عبر مقالاته في الواشنطن بوست أو لقاءاته مع وسائل الإعلام العربية والأجنبية كان كلامه يشع إيجابية وتفاؤل رغم ما قد يكتنفه من حزن وألم على ما آلت إليه الحريات في وطنه، ولم يُخفِ أمنياته بأن تتوقف حملات الاعتقال والتنكيل التي يتعرض لها المفكرون والعلماء والأحرار من أبناء وطنه ولم يدر في خلده يوماً من الأيام أن هذه الأمنيات ستتحقق بدمه وبروح قضية اغتياله الغادرة التي أصبحت سيمفونية موحدة تعزفها شعوب العالم الحر ضد تكميم الأفواه والإجرام والغطرسة !! ويبقى الألم غائراً في النفوس مع استمرار إنكار من تستروا على القتلة في الكشف عن موقع إخفاء جثة المغدور به خاشقجي الذي كان قد أوصى بدفنه في البقيع، وهو الأمر الذي يؤكد أن النظام السعودي لا يُراعي لا شريعة ولا إنسانية في تعامله مع البشر بالنظر إلى المعطيات المتعلقة بمقتل خاشقجي، وهو ما أكده نائب حزب العدالة والتنمية التركي نعمان كوتلموش عندما قال: إن المسلمين سيشعرون بالقلق من التعرض لنفس مصير خاشقجي خلال الحج والعمرة وأنه إذا بدأ المسلمون بالشك في أمن الحج فلن تبقى صفة خادم الحرمين الشريفين التي يحملها العاهل السعودي!! ◄ فاصلة أخيرة أنقرة تتحكم في مصير بن سلمان.. فهل ستنتقم لكرامتها وتٌخلص البلاد والعباد من شرّه وبالتالي القضاء أيضا على سيّده في أبوظبي رأس الشر وداعم انقلاب 2016؟!