15 سبتمبر 2025
تسجيلفي مثل اليوم قبل مائة عام بصق وزير الخارجية البريطاني في وجه التاريخ العربي وضرب بحذائه كل مواثيق وأعراف وأخلاق الدبلوماسية والسياسة وحقوق الإنسان، حين أعلن عن قطع قلب العالم العربي في فلسطين ومنحه لليهود الصهاينة ليكون وطنا قوميا لشتات اليهود في العالم، حينها لم تكن فلسطين مستعمرة إنجليزية حتى ولم تخرج منها الجيوش العثمانية ، وكان وعد بلفور لروتشيلد بشرى للتخلص من قمامة اليهود وتصديرها إلى أرض الأعداء العرب المسلمين وهذا حسبما يضمره قادة الغرب للجماعات اليهودية التي أذاقتهم صنوف تآمرها وغدرها وتقوقعها داخل مجتمع مغلق غير منفتح على باقي أعراق أوروبا.منذ ذلك اليوم وحتى اليوم لم يحترم العالم الغربي الرسمي أي دولة عربية أو أي تصنيف إسلامي إلا من يسير خلف ذيلهم ويدين بدينهم السياسي وياتمر بأمرهم، ولا يحترمونهم أيضا، بل هي مجرد بروتوكولات شكلية تضفي على قواعد السيطرة شيئا من الرفاهية الدبلوماسية، فكل بلادنا وطأتها جيوش أوروبا وأمريكا واستعمرتها ووضعتها تحت الانتداب و من خرج متأخرا احتضنته بالرعاية المصلحية وقيدته بالاتفاقيات المحكمة ومن كان فقيرا أغرقته بالديون، ثم أشعلت نيران الخلافات والتفرقة بينهم، ثم أججت الصراعات حولنا ثم فتحت مخازن الأسلحة لهم ليقتلوا بعضهم بعضا وكل ذلك بأموال العرب ونفطهم، وانقيادهم الذليل أمام مراكز صنع السياسات العالمية في قلب أوروبا.لذلك لا يستغرب أحد بعد مائة عام أن تخرج رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي لتحتفل قبل وأثناء وبعد العيد المائة لولادة وعد بلفور الإجرامي، حيث زور التاريخ وسرق الأوطان ودمر مستقبل شعب كان حاضنة لكل أديان العالم وأعراقهم،ويعود وزير الخارجية البريطاني عام 2017 ليؤكد ما بشر به بلفور قبل مائة سنة عجاف، ويعلن فخره كحكومة بريطانيا العظمى بأن صنعوا دولة مارقة على أرض عربية ليست من حقهم، وهي دولة سارقة ليس لها أساس ولا سند إلا في قواميس العالم الخفي الذي قرر يوما ما أن يتخلص من شرور اليهود الصهاينة ويقذف بهم إلى نار العرب الذين قاوموا وحاربوا ببسالة رغم تواضع إمكانياتهم .إن هذه الذكرى لا تنفع العرب بشيء، ولا شتائمنا ولا أحزاننا، فنحن نعلم أننا أعجز اليوم من أن تعتقل أي دولة عربية مواطنا إسرائيليا واحدا، وأعجز من أن يطلق جندي مضطرب رصاصة واحدة تجاه خارطة إسرائيل، ونحن نعلم أن من يريد أن يتسلق المناصب العليا ويحوز على رضا العالم العلوي والسفلي ويصول ويجول بجهالته وضعفه وفساده في ميادين الوزارة والحكومة عليه أن يكون عميلا للدوائر الإسرائيلية أو مرضيَّا عنه من جهاز الموساد،وهذا ليس انتقادا لدولة إسرائيل التي بناها عمالقة اليهود وأغنياؤهم، بل إنه اعتراف بأنهم تفوقوا علينا لأننا لا نزال قبيلة غبية تائهة في صحراء التخلف والتآمر على أنفسنا، وهذا لم يعد سرّا فالعالم كله يعرف أننا كذلك وأكثر.مائة عام مضت والعرب لم ينهضوا بعد،ولولا التكنولوجيا العالمية لبقينا حتى اليوم نسكن بيوت الشَعر وننثر قوافي الشِعر على جدائل النساء اللاتي ما زلن ناقصات بنظرنا في كل شيء، وما زلنا لا نفرق بين مسيحي عربي ومسلم عربي ولا شامي ولا يمني ولا بدوي ولا حضري ، ولكنه التحضر الزائف الذي تورطنا فيه ولم نعد نستطيع الاستشفاء منه، وفوق كل ذلك نريد أن نحارب أمريكا وأوروبا ولكن ليس في الصيف،فهو موسم هجرة أموالنا وعيالنا إلى هناك،ومع هذا لا يزال العالم المتحضر يحتقرنا للعلم، مع وعد بلفور أو بدونه.