12 سبتمبر 2025

تسجيل

خدعة التضخيم من دور الأسد!

06 نوفمبر 2015

لا يتفق الدبلوماسيون والسياسيون المختلفون في كل شيء بشأن القضية السورية، إلا حول محورية دور الأسد سابقا وحاليا ولاحقا. وفي ذلك تستأسد طهران وميلشياتها في إظهار أن الأسد هو خط أحمر بالنسبة لها، فيما الموقف العربي الداعم للثورة السورية، يقول إن الخط الأحمر هو بقاء الأسد، وأنه لا بديل عن رحيله. وبين الموقفين يلعب الأمريكان والأوروبيون وأخيرا الروس، لعبة المراوحة بين إقصاء الأسد أو بقائه المشروط وقتا ودورا في المرحلة الانتقالية.وإذ لا ينكر أحد أن الفرد الحاكم في الدول الديكتاتورية، يلعب دورا محوريا في النظام السياسي، وأنه هو بذاته يمثل أداة تماسك واستمرار مثل هذا النمط من الحكم، فالخشية أن تكون بعض الأطراف الدولية والإقليمية تلعب لعبة التضخيم من دور الأسد، بغرض الالتفاف على أهداف الثورة السورية عبر اختصارها في خلع الحاكم، لتقع الثورة السورية بعد شلال الدماء والتضحيات التي قدمها الشعب السوري في ذات "المطب" الذي وقعت فيه ثورات الربيع الأخرى، باعتبار أن الأمر سينتهي إلى استبدال الأسد، بأحد مثله – وربما أسوأ- مع الإبقاء على كل المؤسسات والأجهزة التي كان يحكم من خلالها الأسد فيقمع شعبه وينكل به. تلك المؤسسات بحكم مصالحها –كمؤسسات وأفراد-وما تمرست عليه وطبيعة عداواتها المترسخة مع الشعب السوري، لاشك أنها ستعيد إنتاج نفس النظام، بل الأغلب أنها ستنتج الأسوأ، بحكم قيامها بعملية إعادة إنتاج النظام في بلد تحول إلى غابة من السلاح والمصالح الإقليمية والدولية المتضاربة.تلك الخشية وهذا القلق لم يعد يطرقان رأس المتابع، بحكم مراجعته لمجريات ثورات الربيع الأخرى فقط، بل هي ماثلة ومتجسدة وتطل برأسها، فيما ورد في بيان فيينا.لقد جرى الإعلان عن عدم الوصول إلى توافق أو اتفاق حول الدور المستقبلي للأسد، فيما البيان يتحدث دون لبس عن نظام حكم ليس إلا نسخة منقحة من نظام الأسد. لقد جرى النص بوضوح وصراحة وصرامة على علمانية سوريا القادمة، في البند الأول من البيان، الذي قرن وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها بهويتها العلمانية. كما نص البيان على أن سوريا (والحقيقة أنه لم يكن باقيا سوى النص صراحة على سوريا الأسد) والشعب السوري، هي التي تملك وتقود هذه العملية السياسية.ومن مراجعة النص يمكن القول إن إضافة جملة الشعب السوري لم تأت لتأكيد حق الشعب بقدر ما جرى لتأكيد أن المقصود بسوريا هو سوريا الأسد. كما جرى النص صراحة على بقاء مؤسسات الدولة دون أية إشارة لا إلى إعادة هيكلتها ولا حتى لتغيير سياساتها ومناهج عملها.. إلخ.القلق إذن من إعادة إنتاج نظام الأسد ليس توقعا دون دلائل، بل هو ينطق من بيان فيينا، وهو ما يدعو لمراجعة فكرة وحالة التضخيم من دور الأسد، إذ أهداف الثورة أبعد من إطاحة الأسد.وإذا كان من الطبيعي أن تطالب المعارضة والشعب السوري بإنهاء حكم الأسد ومحاكمته على ما ارتكبه من جرائم إبادة جماعية وطائفية أو جرائم ضد الإنسانية.. إلخ، فإن الحديث المتصاعد عن بقاء مؤسسات الدولة (دولة الأسد)، لا الأسد وحده (في المرحلة الانتقالية غير المحددة) بات مثيرا للقلق بشأن مستقبل الثورة السورية، خاصة مع النص صراحة على هوية سوريا العلمانية التي يمثل التأكيد عليها في البيان الختامي لاجتماع فيينا عليها، أمرا مخيفا وفتحا لبوابة جهنم في داخل سوريا حاليا ومستقبلا. والأمر يتعدى فرض الهوية على الشعب السوري، بل هو يعني إسباغ المشروعية على دخول قوى دولية وإقليمية في أعمال قتالية من الآن وحتى إقرار التسوية ضد حركات سياسية إسلامية، ترى في فرض العلمانية نمطا من أنماط الفكر المرفوض بالنسبة لها، وهو ما يؤكد مجددا استهداف الثورة السورية وإجهاضها ومنعها من تحقيق أهدافها في الحرية. التضخيم من مشكلة الأسد، يبدو أمرا مقصودا لدى البعض، ومجرد ستار يجري من خلفه إجهاض الثورة السورية، باستنساخ طريقة إجهاض ثورات الربيع الأخرى.