11 سبتمبر 2025

تسجيل

قم للمعلم..

06 أكتوبر 2022

كلما حان موعد يومٍ عالمي ازدادت التبريكات وكثُرت التذكيرات بأهمية هذا التاريخ وهذه المناسبة ومعها نقرأ ونسمع ونشاهد كل معاني التبجيل والاحترام وتلك المفردات المزخرفة بالحب والمطرزة بالرقي الذي يكاد يكون مبالغا فيه مع دعوةٍ لعقلك بالتساؤل هل ما نراه على ارض الواقع مما يرتبط مع هذا اليوم هو كما نقرأ عنه في ابجديات الحرف التي نتفنن فيها ونتغنى بها ! بين قوسين سأقول لكم (اني شخصية ليست سلبية الفكر ولا أرى الجانب الفارغ من الكأس فقط) لكني واقعية الفكر ولا ارسم زخرفة في الهواء من حولي، فالعالم يحتفل بيوم المعلم العالمي في الخامس من أكتوبر كل عام ميلادي، ويرجع تاريخ أول احتفال في يوم المعلم العالمي إلى العام ألف وتسعمائة وأربعة وتسعين ميلادية، وينتظر كثير من الناس هذا اليوم للاحتفال حيث يأخذ هذا اليوم أهميته الكبيرة والعظيمة من أهمية الرسالة التي يحملها المعلم، وهي رسالة العلم والتعليم، ولا بدَّ من إظهار كل مشاعر الحب والاحترام والتقدير للمعلمين، وتكريمهم أحسن تكريم، فهذا اليوم هو يومهم، والأضواء كلها يجب أن تكون مسلطة عليهم، لتبقى مكانتهم في المجتمع رفيعة على الدوام. وما زالت مقولة أمير الشعراء أحمد شوقي «قُمْ للمعلم وَفِّهِ التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا» هي الأبرز في تبجيل المعلم لما يبذله بهذه المهنة من جهود شاقة جعلت الكتاب والشعراء يتغنون بها تقديراً للمعلمين لما يقدمونه من جهود مع الطلاب والتلاميذ حتى يصبحوا كوادر صالحة لإنماء المجتمعات، والتعليم مهنة الأنبياء والرّسل، فقد وصف الرّسول نفسه أنه معلٌم رسولٌ، ويعدّ المعلم صاحب رسالةٍ ساميةٍ، وعلى عاتقه مسؤولية كبيرة، ولا ينكر أحدٌ دور المعلّم على مرّ العصور. هذا ولم يقتصرْ تمجيد المعلِّم على فردِ دون آخر في المجتمعات، فالكلّ يعرف قدر المعلم، والكلّ أثنى عليه بعبارات المديح، ونظمت أشعار رائعة في بيان مكانته وتناقلت عبارات عن يوم المعلم كثيرة، فمهنة التعليم هي أكثر المهن نُبلًا، لأنها تنقل الناس من ظلام الجهل إلى نور العلم، فالمعلم يأخذ بيد طلبة العلم ويُمهد لهم طريق المستقبل، ويجعل أهدافهم قريبة، وأحلامهم محققة، ويُزيل عن عقول طلابه كل ما يعلق بها من أفكارٍ جاهلة ولا شك أن قيمة المعلم قيمة ثابتة لا تتزحزح مهما تغيرت الظروف والأحوال، فهو من أعظم الناس حقوقًا كونه يقدم للإنسان أعظم معروف قد يحصل عليه في حياته، إزالة غشاوة الجهل وعدم المعرفة عنه، لذلك فإن المعلم من أعظم الناس حقوقا على المجتمع. والحديث عن دور المعلم يأخذ حيزاً طويلاً فهو يحرص على أداء رسالته على أكمل وجه، ويحرص أن يكون طلابه أصحاب خلقٍ رفيع وأخلاق حسنة ويلعب دوراً بارزاً في تكوين شخصيّة طلابه الذين يتمثلون به، ولهذا يقع على عاتقه أن يكون صاحب شخصية فاضلة، ويمتلك المعلّم القدوة تأثيراً إيجابياً على طلابه. هذا ويبدأ الإنسان التعلم بدايةً من شهره الرابع في بطن أمه ويستمر فيه مدى الحياة، واعتباراً من اللحظة التي يأتي فيها إلى الدنيا يبدأ التعلم عن طريق مشاركة الناس في مختلف جوانب الحياة. فيصبح أول معلم له أباه وأمه، فيبدأ بذلك التعرف على نفسه وتتطور شخصيته. وبعد سن معين يلتقي بشخص مثل والديه، ألا وهو معلمه! ومن وقتها فصاعداً يصبح معلمه جزءا من حياته. والعصر الحديث يملي على المعلم أن يوجه طاقاته لبناء العقول، وتنمية التفكير الإبداعي والابتكاري والنقدي لدى الطلاب، ليصبح الطالب شريكاً في العملية التعليمية وليس مجرد متلقٍ، وذلك يقتضي من المعلم تطوير مهاراته لتحقيق هذا الغرض. ولعله من المُلاحظ ان بعض المعلمين لا تتوقف الحياة العملية لديهم بكونه اصبح خريجاً جامعياً يزاول مهنة التعليم، فتراه يُطور نفسه ويتعلم كل ما يستجد في مهنة التعليم، فحتى طرق التعليم تطورت جيلاً بعد جيل وبات على المعلم ان يواكب الحداثة خاصةً ليُصبح مُعلماً قريباً من طلابه متفهماً لتفكيرهم واحتياجات جيلهم، فالمعلم الناجح يسعى إلى تطوير نفسه باستمرار، والارتقاء بأساليبه التعليمية، ليقدم للطلاب الأحسن، فهو يقرأ ويتابع كل ما من شأنه أن يحقق له هذا الهدف، ولا يرضى بالجمود، والواقع الحديث يواجه متغيرات كثيرة، وبمقدار مواكبة المعلم لهذا التطور يحقق أفضل نجاح. أخيراً: شكرا لكل من علمني حرفاً، درساً أو معلومة، فقد مد لي أفقاً، فلست اليوم سوى حصاد غرسكم.