27 أكتوبر 2025
تسجيللم أكن أتوقع وانا أستكشف المنطقة البركانية في ايسلندا الأسبوع الماضي ان افتح الصحيفة الرسمية لأجد شتيمة بركانية من الّلافا الساخنة، فتشتم اسرائيل ممثلي مجلس عاصمة ايسلندا بوصفهم بالعنصرية وبـ"بركان من الكراهية"هذه الشتمة النابية رسمية إذ صدرت من قبل المتحدث الرسمي للخارجية الإسرائيلية، لماذا؟لأن مجلس مدينة، ريكيافيك، عاصمة ايسلندا نطق بقرار ساخن جدا أصاب اسرائيل بمقتل في مكمن الوجع "الاقتصاد" وهو الأفعى الذي تدير اسرائيل سمّه عالميا للسيطرة الدولية باحتيال احترافي.....فوافق مجلس المدينة منذ اسبوع وبأغلبية ساحقة على مشروع قرار يقضي بمقاطعة البضائع الإسرائيلية،إذ فجّر "بيورك فيلهيلمسدوتير"Bjork Vilhelmsdottirالنائب في حزب المجلس الايسلندي الديمقراطي قنبلة من العيار الثقيل ليس على اسرائيل فحسب بل على موقف الاتحاد الاوروبي برمته من العدوان الإسرائيلي الغاشم على فلسطين وشعبها والتي وصفها بأنها تحت استعمار جديد انتهك حق شعبه في أرضه، حيث تقدم لمجلس العاصمة بمشروع القرار هذا مشددا على ضرورة اتخاذ سياسة جديدة تقتضي منع شراء المنتجات الإسرائيلية، وفقا لتقرير صحيفة"The ReykJavik Grapevine" "ريكيافيك غريبفاين" الآيسلندية الأسبوعية الصادرة باللغة الإنجليزية (25سبتمبر — 8 أكتوبر 2015) بعنوان:One Being the Good Guys، ReykJavik's Ill — fated Proposal To Ban Purchases From Israel. "ويعدّ مشروع القرار هذا بموافقة الأغلبية انتصارا سياسيا لحق الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية في ظل فتور واضح لعدد من الدول العربية والإسلامية عن اتخاذ موقف سياسي بارز ضد الانتهاكات الاسرائيلية أو اتخاذ موقف اقتصادي حاسم ايضا يوازي المعركة السياسية التي تجيد اسرائيل لغتها ومداخلها، ولكن وللأسف سمّي القرار بالمشؤوم نظرا للمعارضة الشديدة التي ووجه بها خارجيا— كعادة الأوروبيين في المناهضة ذات الوجهين — ومن قبل عدد من الايسلنديين أنفسهم رغم وجود عدد كبير من المؤيدين بدعوى عدم تماشيه مع السياسة الخارجية الايسلندية حيث قُذف النائب وعمدة مجلس المدينة بوصفهم بالعنصرية ومعاداة السامية.وما السبب؟ إنه معلوم بالبديهة وقد أشار إليه النائب نفسه..السبب هو قوة الكونغرس الاوروبي اليهودي في أوروبا فضلا عن المؤتمر الدولي اليهودي الذي كان السبب في نقد مشروع القرار وتشكيل حملة مضادة له، حملة تعدت الاعلام والنشر الصحفي الى إشراك القطاع التجاري فيها، حيث اشتكت شركات الطيران والسياحة الفندقية من تعرضها للخسائر وتأثر ربحيتها اثر إلغاء لحجوزات مسبقة فيها والتداعيات اذا ما تم اعتماد القرار خصوصا وان الجمهورية الآيسلندية تعد السياحة فيها أحد أكبر وأهم مصادر دخلها.بل تعدى الامر ذلك الى تهديدات من قطاعات البنوك والمستثمرين في العاصمة الآيسلندية مثل مستثمر فنادق الماريوت الذي وجه رسالة بريدية إلكترونية شديدة اللهجة للنائب والعمدة، إذ يسيطر اليهود اجمالا على قطاع الفنادق، كما يسيطر يهود أمريكا على سلسلة فنادق ستاروود. هذا فضلا عن سيطرة الأب الحنون والراعي الرسمي للوبي الصهيوني "امريكا" بشكل عام على مجمل قطاع الاقتصاد والتجارة، بل تعدى الامر الحدود الجغرافية إلى العلاقات التجارية الثنائية فهددت شركات السوبر ماركت الأمريكية هناك بإزالة عبوات المياه المعدنية الآيسلندية العذبة الشهيرة من على رفوف متاجرها.إن لي ذراع السياسة بالتجارة والربحية عادة يهودية صرفة لم يفلح العرب في استغلالها ولا الاقتداء بمثلها للي ذراعها بها، علما بانه لا زالت عدد من دولنا الخليجية والعربية تدعي النزاهة السياسيّة في معزل عن النزاهة الاقتصادية التي هي لب السياسة وجوهرها، فتعمل بسياستين متناقضتين وللأسف!التهديدات الاقتصادية الصهيونية لايسلندا اثر هذا المقترح حدت برئيس الوزراء ووزير الاستثمار الآيسلنديين الى التنويه بمدى خطورة هكذا قرار على مستقبل ايسلندا اذا ما اتُخذ.الجدير بالذكر أن النهاية الحتمية التي تنتظر عمدة مجلس العاصمة هي الدعوة الى إقالته، في مناهضة وانتهاك صارخ للممارسات الديمقراطية بيد مدعيها.العمدة "Dauger"لم يعلن استقالته، بل جاء رده حاسما بان العاصمة الايسلندية "هي عاصمة تحترم حقوق الانسان وقد اتخذت قرارات شبيهة سابقة معارضة ضد الصين عندما انتهكت حقوق التعبير والرأي وانتهكت حقوق معارضيها، وهناك قرار مماثل ضد موقف روسيا المناوئ من المثليين ومناصريهم وهددت في كلا الأمرين بقطع العلاقات مع عواصمها" متعجبا في مجمل رده من التفرقة بين تيك القرارات وهذا.كما تعجب النائب "بيورك" أيضا من رد الفعل العنيف من الإسرائيليين وصهاينة أمريكا والوصف ببركان من العنصرية قائلا: "لم أكن أتوقع!!!!" كما حمّل الحكومة الإسرائيلية اللوم مصرحا ان بلاده لم تكن مستعدة لتلك الحرب الشرسة عليها وردة الفعل القتالية الشديدة ليس من اسرائيل فحسب بل من اللوبي الصهيوني وأمريكا برمتها"وماذا يتوقع نائب محايد من اسرائيل وآبائها الروحيين في أوروبا وأمريكا؟إن ما يبعث على التفاؤل من المناصرين أمثال "بيورك" أنه انتهز الحملة ضده فوجه صرخة مدوية صرّح فيها بان الحكومة الاسرائيلية هي اول عدو لليهود أنفسهم موضّحا الفرق الشاسع بين اليهودية والصهيونية حيث تعد الأولى عقيدة أما الثانية فهي أيديولوجية سياسيّة كرست سياسة الانتهاكات والفصل العنصري....النائب أثلج صدرنا عندما قال: "الرسالة وصلت...!" حيث أكد انه في النهاية حقق مكاسب سياسية هي في حد ذاتها انتصار حتى لو كانت هناك هجمة غير مسبوقة عليه وعلى قراره، حيث أدرك الايسلنديون من خلال اثارة الزوبعة الإعلامية والسياسية تلك حقيقة الفصل العنصري ضد هذا الشعب المعزول في ارضه... وانتهاك حقوقه الانسانية وهذا ما سيرفع الوعي الايسلندي ويجعل الشعب جديرا باتخاذ قراراته بذاته.حقيقة....إن هذا النائب عن مائة من العرب الخلّص الذين تتربع ثروات كثير منهم على عرش اقتصاد اسرائيل وبالتحالف معه فضلا عن المقايضات السياسية....يستحق منا هذا النائب وعمدة المدينة توثيق عرى التواصل السياسي والصداقة الدبلوماسية معهم في مختلف المحافل العربية والإسلامية خصوصا في أحلك فترات تهويد تمر اليوم علينا من الانتهاكات الصارخة للإنسان الفلسطيني وللمسجد الأقصى بل للإسلام.الحملة تذكرنا هنا بالمثل العربي المعروف لدينا لغويا بل ربما لغوا لا يوازي الفعل: "العيار الي ما يصيبْ يِدوِشْ" فحرّي بنا أن نِدوِشْ مبدئيا إذا لم نستطع أن نصيب...هذا إن صحت وجهة عيارنا.