28 أكتوبر 2025

تسجيل

لا يردع إسرائيل سوى ثورة جديدة

06 أكتوبر 2015

كيف لا تنفجر الثورة الشعبية الفلسطينية من جديد في وجه الاحتلال الإسرائيلي، بعد كل تلك الجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال ضد الأماكن المقدسة والبلدات الآمنة والمواطنين العزّل في القدس الشرقية وأنحاء الضفة الغربية، حيث ترى المتطرفين من المستوطنين يتحركون متأبطين أسلحتهم الرشاشة، ليتقاطع مسيرهم مع أطفال المدارس والشباب الأعزل عبر المعابر وبوابات الحرم القدسي، ولا تردعهم أي قوة أو قانون عن إطلاق النار على المدنيين الأبرياء والاعتداء عليهم، فالروح الشريرة باتت تسيطر على غالبية اليهود في المستوطنات والجيش، لقد أحرقوا عائلة الدوابشة وقتلوهم بلا ذنب، وكذلك يفعل الجنود الصهاينة في كل فرصة، حيث أطلقوا النار على الشهيدة هديل الهشلمون وكأنها دبابة اقتحمتهم، ومن هناك دقت ساعة الصفر بعد أن طفح الكيل مرة جديدة.الفلسطينيون في الضفة الغربية يعيشون حالا أسوأ من أشقائهم في قطاع غزة، فاليأس والإهمال والفقر وتردي الخدمات والقمع من قبل سلطات السلطة والجيش الإسرائيلي أوصلت الجميع إلى حالة يرثى لها، فلا مستقبل أمامهم، خصوصا الشباب منهم، فهم يعيشون في سجن مفتوح أيضا، فلا منفذ لهم ولا مخرج، وحده جسر الملك حسين هو النافذة الوحيدة للضفة نحو العالم من خلال الأردن، أما من لا يستطيع مغادرة الضفة أو لا حاجة له بالسفر فهو محكوم بتعليمات التنقل وضوابطه بين المناطق، وأصبح المسجد الأقصى أبعد من الصين عنهم بسبب سياسات المنع والتقييد العسكرية والأمنية الإسرائيلية، حتى باتت "لعنة العمر" تطارد الأجيال الفلسطينية، فلا دخول لمن هم دون الخمسين عاما.السلطة الفلسطينية عبرّ عنها الرئيس محمود عباس بوضوح من على منصة الأمم المتحدة، إنها ليست سوى مكتب تنسيق أمني تابع لضابط الارتباط الإسرائيلي، بعد أن رفع عباس قبضته مهددا بحل السلطة وإحراق ملف أوسلو في مسرحية لم تدم أكثر من خمس دقائق، لينزل القبضة التي اعتادت على المصافحة، ولذلك فإن الشعب الفلسطيني لم يعد يثق بشيء مما يقوله عباس ولا السلطة، بل إن ثقته بالحكومة الإسرائيلية باتت أقوى، فأي تهديد يصدر عن الجانب الإسرائيلي يؤخذ على محمل الجد لأنه ينفذ رغم قساوته، إنهم يغلقون المدن والمناطق الفلسطينية ويمنعون الدخول والخروج ويعتقلون الشباب والطلاب، ويقتلون أي حامل لحجر، فيما العالم العربي ينام في مستنقع مشاكله.المحيط العربي لم يعد مهتما فعليا بما يحدث داخل الأراضي الفلسطينية، لا أقصد القدس، أقصد محافظات نابلس ومحيطها وطولكرم والخليل وجنين ورام الله والبلدات والقرى المتناثرة في ذلك "الأخدود الفلسطيني"، يقابله قطاع غزة المكتظ بمئات الآلاف من الضحايا المحكوم عليهم بالموت الطبيعي والميتافيزيقي، فيكفي الغزّي أنه قاتل متهم حتى يثبت موته، ولا أحد ينتصر له، بلا أي ذنب، فقط لأنه تحت حكم حكومة حماس المنتخبة بانتخابات هي الأكثر نزاهة في العالم العربي، حتى الأنفاق التي تقاوم الحصار ملأها الجانب المصري بمياه البحر المالحة، وحدها قوافل المساعدات من الأردن هي التي تدخل، والمساعدات القطرية للشعب المحاصر، والبقية من حكومات العرب مساعداتها قوافل من التصريحات والكلام. الربيع الفلسطيني لم ينفجر في وجه سلطة السلطة بالتزامن مع الربيع العربي الذي سقطت فيه الأنظمة قبل أربع سنوات، فالفلسطينيون يدركون أن أي حديث أو محاولة لتغيير الوضع الحاكم الراهن بقيادة عباس ومجلسه المركزي لن يغير شيئا في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وحماس تدرك تماما أن صراعها مع الاحتلال الإسرائيلي غير متكافئ ولكنها لا تتخلى عن مبدأ المقاومة لأنه السبيل الوحيد الذي يمنع عودة السيطرة العسكرية على القطاع، وهي لا ترى شريكا في الصراع ضد إسرائيل خصوصا أن ظهرها مكشوف من الجنوب، ولهذا فإن الحلقة الأقوى اليوم باتت هي الضفة الغربية في اندلاع ثورة غضب جديدة ضد المحتل الصهيوني.إن الفرصة اليوم لاندلاع الانتفاضة الثالثة، بل والثورة الفلسطينية الشاملة ضد الاحتلال الإسرائيلي باتت قاب قوسين من الاشتعال، وهذا ما سيخدم الفلسطينيين المحاصرين في مدنهم وقراهم منذ وضعوا آخر حجر كان مرفوعا في وجه الاحتلال الغاصب، وإذا كانت القدس مهددة بالفعل والأقصى على وشك السقوط من جديد تحت سلطة اليهود المتطرفين فليس هناك من قوة تمنع ذلك سوى ثورة فلسطينية شاملة تعيد القضية إلى المربع الأول، وتفتح أعين العالم الصامت على جرائم المحتل الإسرائيلي ضد الأقصى والشعب الفلسطيني في الضفة وغزة، وإن بقي الفلسطينيون يراهنون علينا نحن الأشقاء، فليتحالفوا مع إسرائيل ولينسوا عروبتهم.