20 سبتمبر 2025

تسجيل

الملحمة البطولية لأسرى الحرية

06 أكتوبر 2011

لا يجوز لفلسطيني وعربي وإنساني عالمي السكوت بعد اليوم عن الملحمة البطولية التي يخوضها أسرى الحرية في سجون ومعتقلات العدو الصهيوني. لقد وضعت حكومة نتنياهو منذ مجيئها إلى السلطة مهمة فحواها:تدمير نفسيات المعتقلين والقضاء عليهم جسدياً. استعمال أساليب تعذيب جديدة يجري تطبيقها على المعتقلين في سجونهم، وخلق ظروف قاسية وصعبة لهم ولا إنسانية. يستحيل معها العيش والاستمرار لمطلق إنسان معتقل. وتشديد العقوبات عليهم وعلى ذويهم في مختلف المناحي. هذا ما أعلنه صراحة بنيامين نتنياهو علناً وعلى رؤوس الأشهاد في أكثر من تصريح، فمن العزل الانفرادي لسنوات طويلة كالقائد في حماس حسن سلامة(10 سنوات عزل انفرادي). والقائد أحمد سعدات أمين عام الجبهة الشعبية(3 سنوات عزل انفرادي) بين أربعة جدران مغلقة بمساحة لا تتجاوز المترين مربعين. لا تفتح فيها إلا كوّة ضيفة يناول السجّان منها المعتقل ما يسمونه أكلاً ترفضه حتى البهائم،وسط ضجيج يومي لساعات طويلة وبخاصة في الليل،على مسجلات موجهة للأسرى. وذلك في محاولة لتدمير الجهاز العصبي للمعتقل.لا عناية طبية موجهة لهم. إضافة إلى الاكتظاظ الكبير في غرف السجون،لا حقوق في قراءة الكتب ولا في الدراسة ولا في الشراء من الكانتين. إضافة إلى المعاملة الفظّة والقاسية من السجّانين ومن إدارات السجون،والاستعانة في أحيان كثيرة بقوات من الجيش لقمع انتفاضات السجون،ومنع زيارة ذوي المعتقلين لأبنائهم مدداً طويلة تمتد في كثيرٍ من الأحيان ليس لأشهر فقط وإنما لسنوات عديدة. جرّبوا ويجرّبون الأدوية الخطيرة والجديدة على أسرانا ولم تقم ضجة لا في فلسطين ولا في الوطن العربي ولا في العالم... لم تقم الدنيا ولا منظمات حقوق الإنسان ولا أولئك المؤمنون بحقوق الإنسان. ولا المنادون بمواثيق جنيف. في الوقت الذي يقوم فيه العالم ولا يقعد مطالباً بإطلاق سراح جندي صهيوني جاء غازياً لقطاع غزة،وتم أسره واسمه جلعاد شاليط. رغم أنه يعيش في ظروف أسر. سوبر 5 نجوم كما تبين التقارير والصور ورسائله لأهله. لم يبق رئيس أو مسؤول في العالم بدءاً بالولايات المتحدة وانتهاء بميكرونيزيا إلا وطالب بإطلاق سراحه! ينسى العالم أن عشرة آلاف معتقل فلسطيني يذوقون الأمرين في كل لحظة في سجون الاحتلال!يتوفى الأسرى الفلسطينيون بالعشرات،المئات منهم مصابون بأمراض خطيرة،تلد الحوامل من المعتقلات في السجن،ويبقى أطفالهن مسجونين،عشرات المعتقلين وبالأسماء فقدوا أبصارهم. وأحدهم طلب من زملائه ألا يخبروا أهله أثناء زيارتهم له من وراء شبك مزدوج عرضه مترين،هو ينظر في عيونهم. ويعتقدون أنه يراهم وهو لايرى. يتصرف أمامهم وكأن له عينين سليمتين. حادثة من هذا النوع تصلح رواية إنسانية يفوز كاتبها بجائزة عالمية،ومع ذلك لم تنتشر هذه الحادثة الإنسانية المؤلمة. التي هي من صميم الواقع.ينسى العالم أن للمعتقلين الفلسطينيين آباء وأمهات. وأنهم لم يولدوا من حجر،ولمعظمهم زوجات وأبناء وأقارب كثيرون. وللآخرين حبيبات وأخوات وعمات وخالات... إلخ.... يتحسرون على قريبهم المعتقل لثلاثين سنة خلت من حُكم بالسجن لخمسة مؤبدات(ما يزيد على 120 سنة).هؤلاء لا يجري تقدير عواطف وأحاسيس أهاليهم فهم(ليسوا بشراً) وفقاً لأمريكا والدول الغربية!فقط يجري التضامن مع شاليط والبكاء من أجل والدته ووالده. في عرف العالم،هو وحده (ابن ناس) أما المعتقلون الفلسطينيون فليسوا ببشر!! ما نكتبه هو غيض من فيض عذابات المعتقلين، وباختصار تفوقت الدولة الصهيونية في أساليبها على المعتقلات النازية،لا نقول ذلك ترديداً لأقوال سمعناها،فكاتب هذه السطور عانى الاعتقال في السجون مثل مئات الآلاف أو ما يزيد على المليون فلسطيني تعاقبوا على السجون منذ عام 1967 وحتى هذه اللحظة. هذا الإضراب الأخير عن الطعام. مميز عن الإضرابات الأخرى. وبخاصة أن أسرى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وهم بضع مئات. ومعهم بعض الأسرى من التنظيمات الأخرى(كحسن سلامة من حماس وغيره) قرروا الإضراب حتى الموت. تضامنا مع باقي المعتقلين بالإضراب فترة يومين في البداية.كل ذلك بهدف تحسين ظروف الاعتقال. وللاحتجاج على العزل الانفرادي وعلى باقي العقوبات الأخرى. سلطات السجون،وإمعاناً في التحدي:قامت بزج المزيد من أسرى الجبهة الشعبية في العزل في الزنازين الانفرادية. وفرضت عليهم غرامات مالية باهظة،وقامت بتفريقهم. من خلال نقلهم إلى المعتقلات والسجون الأخرى،وتقوم بتعذيبهم بوسائل مختلفة أخرى... هذا وفقاً لتقارير المنظمات الفلسطينية المعنية بشؤون الأسرى. ندرك أننا(مهما فعلنا) لن نوفي المعتقلين والأسرى في السجون والمعتقلات الصهيونية حقوقهم علينا،فهم وبملحمتهم يذودون عن فلسطين ويشكلون الخط الدفاعي الأول في حمايتها. وهم يذودون عن الوطن العربي بأسره من المحيط إلى الخليج، وهم يذودون عن الإنسانية كلها على صعيد العالم،فهم مقاتلو حرية. من أجلها ناضلوا. وما زالوا في معتقلاتهم يناضلون. ولو أدّى ذلك لأن يدفع كل منهم حياته في سبيل الحرية والكرامة وفلسطين القضية والشعب والحقوق الوطنية.