12 سبتمبر 2025
تسجيل(1) كلما أردت أن أشيح بوجهي وقلمي عن اليمن والانصراف نحو معالجة هموم عربية غاية في الأهمية تجدُ مصائب وجرائم ترتكب ضد الشعب اليمني ومؤسساته الدستورية، الأمر الذي يجعلني وغيري من المهتمين بالشأن اليمني وأمن الخليج العربي نتوقف عند ما يجري في اليمن اليوم. (2) بالأمس قامت قوات ما يسمى بالنخبة الشبوانية المدعومة من قبل دولة الإمارات؛ كما تؤكد سلطات الحكومة الشرعية بقيادة عبد ربه منصور هادي، بشن هجوم مع أول ضوء اليوم الثاني من شهر سبتمبر الحالي واحتلال مدينة عزّان في شبوة، وسرعان ما تمكنت القوات المسلحة اليمنية ( جيش الدولة الرسمي ) من استعادة المدينة وضواحيها وردع عصابات "النخبة الشبوانية " والمرتزقة المجندين من خارج جغرافية شبوة ونتيجة لذلك الهجوم المسلح على مقار الحكومة الشرعية ومعسكراتها راح ضحية ذلك العدوان الكثير من القتلى والجرحى من الطرفين. لم يجف الدم في جنوب اليمن الشرقي ( شبوة ) إلا وانفجر الموقف في اليمن الشمالي في محافظة ذمار. إذ شن السلاح الجوي الإماراتي السعودي غارات جوية على موقع كانت سلطات الحوثيين المسيطرة على الشمال تحتجز فيه أسرى ومدنيين مناصرين للشرعية ( عبد ربه منصور ) وكان يوجد بذلك المعتقل ما يقدر 170 معتقلاً قضوا جميعا في تلك الغارة إلا عدد قليل جراحهم عميقة، كما أوردت منظمة العفو الدولية في اليمن. وقد وصفت تلك المنظمة على حسابها في موقع " تويتر " الهجوم السعودي الإماراتي الجوي في ذمار بأنه " أكثر الهجمات المسلحة المروعة في العالم " ( القدس العربي في 3 / 9 /2019 ) السعوديون (التحالف) يؤكدون انه لا علم لهم بأن ذلك الموقع هو معتقل للأسرى ومعارضين مدنيين للحوثيين، وتنحي باللائمة على الحوثيين الذين اتخذوا مقراً مدنياً ليجعلوه معتقلاً عسكرياً. في كل الحالات فان ذلك العمل يعد جريمة من جرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون ولا عذر لدول التحالف لأنها في الواقع تملك داخل اليمن طابوراً خامساً يزودها بالمعلومات ويحدد لها الأهداف وهذا ما يجب أن يكون في الحروب والنزاعات المسلحة. (3) دأبت وسائل الإعلام في الإمارات ومواقع التواصل الاجتماعي المجند من قبل الدولة منذ استيلاء قوات المجلس الانتقالي الانفصالي على مدينة عدن في (10/8) على تكرار كلمة " الإرهابيين، حزب الإصلاح الإرهابي الاخونجي، محسن الأحمر ) وهم يعلمون وأبوظبي تعلم علم اليقين أن حزب التجمع اليمني للإصلاح هو حزب سياسي تعترف دولة علي عبد الله صالح بشرعيته القانونية ومن بعده حكومة عبد ربه منصور، وهو جزء من مكونات الحوار الوطني اليمني الذي شاركت فيه كل الأحزاب السياسية اليمنية التي تعترف بها الدولة، ومن قواعد حل الأزمة اليمنية بين الحكومة الشرعية والخارجين عليها " الحوثيين " الشروط الثلاثة قرارات الشرعية الدولية، ومخرجات الحوار الوطني ومبادرة مجلس التعاون الخليجي. والسؤال المطروح كيف يكون الجيش الرسمي؛ الذي يرتدي بزة عسكرية وشعار الدولة على رأسه والذي يتلقى مرتباته ومؤنه من قبل الحكومة الشرعية بحماية من الدولة القائدة للتحالف السعودية، إرهابياً ؟! أليس من تعاريف الإرهابيين المتعددة ما ينطبق على أولئك الذين ليس لهم زي رسمي حكومي وشعار دولة معترف به عالمياً ويتلقون تموينهم ومرتباتهم من غير خزانة الدولة وبعيدا عن إشرافها. ذلك ما ينطبق على قوات المجلس الانتقالي المعروفة " بالنخب المسلحة،وقوات الحزام الأمني، وغيرها من المكونات تحت التأسيس. المعروف أن علي محسن الأحمر هو نائب رئيس الجمهورية ومقره الرياض ورئيس أركان الجيش اليمني في الرياض وأن قيادات حزب الإصلاح اليمني "إخوان مسلمين " حسب تصنيف الأخوة في أبوظبي هم أيضا في الرياض، ولهم إذاعة تذاع من الرياض، فهل يعقل أن تكون الدولة السعودية هي حامية للإرهاب ؟، سؤال نبعث به إلى الأخوة الميامين في أبو ظبي. والحق أن كل مواصفات الإرهابيين تنطبق على قوات الحزام الأمني، والنخب التابعة لدولة خارجية، والذين لا يتلقون توجيهاً أو تمويلاً من القيادة السياسية المعترف بها دولياً. (4) شلال وعيدروس واتباعهما يطالبون ويعملون على فصل الجنوب اليمني عن شماله، وهو في تقدير الكاتب جريمة وطنية وقومية يحاسب عليها قادة وأنصار هذا التوجه. والسؤال من يحكم اليوم اليمن ( رئيس الجمهورية، جنوبي، إلى جانب نائبي رئيس مجلس الوزراء، جنوبيين( سالم الخبشي واحمد الميسري وزير الداخلية )، وكذلك 23 وزيرا من أصل 37 وزيراً كلهم من الجنوب، رئيس الأركان للقوات المسلحة جنوبي ومعظم قادة الألوية والوحدات العسكرية القتالية جنوبية، ولهم في البرلمان اليمني " مجلس النواب " 63 مقعدا من أصل 301 أي أكثر من 25% من المجلس النيابي جنوبيون. فماذا يريد عيدروس وأنصاره؟ أنهم بكل بساطة يريدون الاستبداد بالجنوب اليمني ليدار بالكيفية التي تريدها أطراف أخرى تبحث عن مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية وصولا إلى الهيمنة على جزيرة العرب. والحق، أن الوحدة اليمنية ضرورة يمنية ولا مستقبل لليمن إلا بها عبر نظام فيدرالي كما جاء في مخرجات الحوار الوطني الذي تم في صنعاء قبل التشرذم والحرب المسعورة الجارية هناك وقبل اختطاف الحوثيين السلطة من يد الشرعية عام 2014. أخر القول: إن الوحدة اليمنية ضرورة أمنية وإستراتيجية للدولة السعودية على كل الصعد، فلا يجب التفريط فيها. أو المساومة على بقائها ضعيفة مهلهلة مفككة. إن أي معادلة جديدة في اليمن بعيداً عن الوحدة ستكون وبالاً على أمن وسلامة واستقرار الدولة السعودية، فهل يدرك القادة في الرياض مقاصد قولي، أرجو ذلك. [email protected]