14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ناقشت لجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية بدول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعها 62 الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة نهاية الأسبوع الماضي، العديد من المواضيع الهامة من بينها ورقة حول معيار بازل المتعلق بالمكافآت. يذكر أنه وابتداء من نهاية العام 2014 بدأت بعض المصاف المركزية الخليجية تطبيق المعايير الجديدة لنظام المكافآت بالنسبة لكبار الموظفين في البنوك الخليجية، وهو الأمر الذي أثار بعض الاستياء وعدم الرضا لدى بعض هذه البنوك، واعتبرت بعض جوانبها قيودا غير مبررة نظرا للفارق الكبير من وضعية البنوك في الخليج والبنوك في الدول المتقدمة. وبالعودة إلى خلفية هذه المعايير الجديدة، يؤكد خبراء مصرفيون أن نظم الأجور والمكافآت التي اتبعت من قبل البنوك الأمريكية والأوروبية كانت بالفعل أحد أسباب تفجر الأزمة العالمية عام 2008. فقد أدت تلك النظم إلى تشجيع الموظفين على الدخول في صفقات عالية المخاطر دون النظر إلى العواقب السلبية التي قد تترتب على المستثمرين وحملة الأسهم. فالموظفون الذين يرتبط منصبهم بتسهيل المتاجرة في المشتقات المالية أو منح الائتمان يتلقون حصة كبيرة من دخلهم على شكل مكافآت متغيرة. ولذلك فإنه كلما زادت تعاملات الموظف نيابة عن المؤسسة المالية (بغض النظر عن حجم منصبه) كلما ازدادت مكافآته، فإذا أديرت الصفقات بنجاح، فإن المكافأة المالية ستكون كبيرة. أما إن لم تُدَر هذه الصفقات بنجاح نتيجة حدوث مشاكل ائتمانية كبيرة أو هبوط غير متوقع في قيم الأصول المتعلقة بها، فإنه سيفقد المكافأة، أو في أسوأ الأحوال، ستتم تنحيته بعد أن يحصل على تعويض، وبذلك ستتعارض مصلحته مع مصلحة المنشأة التي يعمل لحسابها، وسوف يكون ميالاً لتوسيع نطاق العمل على حساب زيادة المخاطر. ولم تكن المشكلة تكمن في المبالغة في تقويم دخل الموظفين في الشركات المالية الأمريكية إذ أنه لا يشكل عبئا كبيراً جداً على أرباحها، وإنما المشكلة في تركيبة هذا الدخل، إذ تشكل الحوافز والمكافآت نسبة كبيرة منه، وتدفع مقابل العمليات التي يحقق فيها الموظفون أرباحاً على المدى القصير دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر المترتبة على الشركات من جراء هذه العمليات على المدى الطويل، وهذا ما يقتل حس المسؤولية عند هؤلاء الموظفين. فقد بلغ الراتب السنوي لأحد كبار موظفي ميري لينش (Merrill Lynch) مبلغ 350 ألف دولار أمريكي بينما بلغت مكافآته عشرة أضعاف هذا الراتب (3.5 مليون دولار أمريكي) وذلك في عام 2006 الذي وصلت فيه الأرباح إلى 7.5 مليار دولار نتيجة تسويقه لأصول مالية عالية المخاطر، إلا أن هذه المكافآت لم تلغ في عام 2008 عندما وصلت الخسائر إلى ضعف حجم الإيرادات. من هنا قام مجلس الاستقرار العالمي بإصدار توجيهات جديدة تتعلق بنظام المكافآت، تبنتها لجنة بازل، وهي على ثلاثة محاور: الأول يتعلق بتأسيس نظام حوكمة فعال للمكافآت، وثانيا وجود علاقة قوية بين المكافآت وحجم المخاطر المرتبطة بالأعمال التي نتجت عنها تلك المكافآت، وثالثا وجود رقابة ومشاركة فعالة من قبل المساهمين هذا النظام. وعلى نفس الوتيرة قام عدد من المصارف المركزية الخليجية بإصدار توجيهاتها بتطبيق نفس التوجيهات بالنسبة للبنوك الخليجية ابتداء من ديسمبر 2014. ومن بين قضايا كثيرة تضمنت تلك التوجيهات هي ربط حجم البونس للموظف بالمخاطر المترتبة على أنشطة هذا الموظف، وتقسيم البونس بين بونس نقدي وتوزيع أسهم من الشركة، وكذلك جعل مدة توزيع البونس المستحق على ثلاث سنوات يكون مبلغ البونس المتبقي خاضعا لمراقبة المخاطر الناجمة وقد يلغى إذا ما تدهور أداء الموظف. إن ما يؤخذ على هذه المعايير هي عدم تمييزها بين وضعية البنوك الخليجية ووضعية البنوك الأمريكية والأوروبية. فأولا، في دول الخليج لم يجر العرف أبدا أن تكون الرواتب أو البونسات الممنوحة لكبار الموظفين بنفس الضخامة والمبالغة التي تشهدها البنوك الأوروبية والأمريكية والتي تقدر بمليارات الدولارات. وثانيا، من الواضح أن المعايير الجديدة التي أصدرتها بعض المصارف المركزية الخليجية جاءت لتعالج بعض الحالات المسيئة المحدودة من قبل بعض البنوك الاستثمارية. لذلك يتوجب التفريق بين هذه البنوك وبين البنوك التي أثبتت دوما التزامها بتعاليم المصارف المركزية ويجب عدم معاملة الجميع في سلة واحدة. وثالثا، أن الغالبية العظمى من البنوك الخليجية هي من بنوك التجزئة التي يكون فيها قرار منح التمويل تتخذه وتوافق عليه لجان ائتمانية في الغالب وتكون صلاحية الموافقة الفردية على التمويل محدودة جدا مما يجعل طبيعة أعمالها تختلف بشكل كبير عن طبيعة أعمال البنوك الاستثمارية الأوروبية والأمريكية والتي يلعب الحافز الفردي دورا كبيرا في الترويج لأعمالها.