14 سبتمبر 2025

تسجيل

ليس انتحاراً جماعياً لأمة كاملة !

06 سبتمبر 2013

نعيش ونرى ونسمع ويطاردنا في الأحلام والكوابيس،ما لم يخطر على بال أحد مهما كان ما بلغ به سوء التوقع والظن وسوداوية الرؤية والفكرة والحلم والمستقبل.وهكذا يشعر الإنسان في عالمنا العربي الإسلامي..وكأنه يعيش أيام آخر الزمان.القاتل السفاح..يعمد بطلا للتحرير أو النهضة أو المقاومة..ويصل الأمر أن يوصف بأنه رمز للإنسانية الحقة..والأدهى والأمر أن يوجد من يتغنى به وصفاته..وأن يكون هناك من يمجد أفعاله وصفاته.والخائن أصبح بطلا وطنيا وقوميا،ويجد من يقف معه ويدعمه من مثقفين وكتاب صاروا كلاب مطاردة للوطنيين يلصقون بهم تهم الخيانة والعمالة.والقاضي أصبح ألعوبة في يد الخائن والقاتل والسفاح،يميل بميزان القضاء كما يشار إليه،ويخرج للأمة مظهرا نفسه حاميا لحمى العدل مروجا للسفاح والقاتل بأنه أعدل من حكم ويحكم.القاضي صارت مهمته إرسال خصوم السفاح إلى السجون والتعذيب والقتل بسيف العدل والقضاء لا بميزان الحق.والضابط الحاصل على رخصة القتل بالحق،وعلى السلاح الذي جرى شراؤه على حساب قوت يوم المواطنين وعلى حساب دوائهم وصحتهم،يستدير ليقتل أبناء شعبه،ويقف مهللا بأنه يؤدي عمله بأعلى درجات المهنية والحرفية.صار منا –منهم-من يقتل شعبه باستخدام الأسلحة المحرمة دوليا من غاز سام يخنق المتظاهرين إلى غاز كيماوي يقتل النائمين في منازلهم أما القتل بالأسلحة النارية فلم يعد يدخل ضمن عمل عدادات الجرائم،إذ صار معتادا.والمجرم المحترف يخرج من السجون على يد من يتولى تأمين وجوده بعيدا عن المجتمع،حاملا ترخيصا رسميا بقتل المتظاهرين والثائرين.صار القاتل صاحب مهمة رسمية في القتل،تحت حماية سلطان رجال الأمن والشرطة،الذين تحولوا من خصومه إلى شركائه في قتل الناس في الشوارع.والسياسي تخلى عن عقله المدقق والناقد وعن المواقف وجعل من نفسه ماسورة تمرر فيها السوائل من كل نوع وكل صنف ورائحة.ما قاله الأمس يقول نقيضه اليوم بشرح وعلو صوت ومنطق يكاد يخرج عقل العاقل من جمجمته.صار السياسي يدين نفس آرائه التي أعلنها هو بالأمس،بلا خجل ولا تردد.الوطنية لديهم صارت حالة بيزنس..والمواقف تطلق لمن يدفع أكثر من مال أو مناصب وأشياء أخرى.والإعلامي الذي كانت عناوينه التي ينطق بها لسانه هي الحرية والحياد وتقاليد وضوابط المهنة والدقة والموضوعية وعرض الرأي والرأي الآخر والقيام بدور تنويري للعقل الإنساني،ودور كاشف للفساد وناقد لتجبر السلطات،غير جلده تماما،وصار يرى الاستخذاء والضعف والصمت فضيلة والانحياز لمن يملك القوة والمال هو أصح المواقف وأعلاها،وأن الدفع والترويج لمهاجمة الضعيف أو المطارد من قبل السلطة الغاشمة هو نوع من حصافة الإعلامي حتى لا يعرض نفسه للتهلكة.وأن المهنية والحرفية وقول الحق هي حالة يجري العمل بها حين يكون مسموحا ومن الضروري التوقف عن ممارستها حين تضيق الأحوال.صار الإعلامي يسعى لتصدر المشهد على طريقة عمل الزمار،الذي يعزف اللحن الذي يطلبه من دفع المال أو رفع الرشاش وهدد بالقتل.وهناك من وجد في المزايدة كسبا أكثر،فأصبح أداة لإشعال الفتن والاقتتال داخل المجتمع،وبوق إبلاغ لمطاردة الناس بالخوف وإجبارهم على الخضوع لنفوذ الديكتاتور أو القاتل أو السفاح،تحت عنوان فليكن الإعلامي في طليعة القادم حتى ولو كان صناعة الخراب.مهمة الإعلامي صارت الترويج لا التنوير. هل نحن أمة تمارس نمطا من الانتحار الجماعي؟لا..إنه المخاض الأليم والأشد قسوة،لتأخر بلادنا عن السير في طريق التطور طويلا،ولأن صناعة رجال وقادة كل مرحلة يجري تحت قصف نيرانها لا خلال أيام المرحلة السابقة،ولأن التطور والتقدم وسيادة قيم الحرية والكرامة والوطنية يجري تحت ضغوط هائلة من الخارج والداخل لمنع مسيرتها من السير.