10 سبتمبر 2025
تسجيلأين الجامعة العربية؟ كان هذا هو السؤال الذي تبادر إلى ذهن ابن أخي البالغ من العمر 13 سنة وهو يشاهد معنا قناة الجزيرة التي لا تزال تتبع أحداث غزة وما توالى عقب اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة «حماس» في العاصمة الإيرانية طهران، لينظر لي بعدها مباشرة وكأنه ينتظر إجابة مني شخصيا لأصمت بعدها كما خيم الصمت على الموجودين معي قبل أن يبادر أخي بإجابة ممتعضة وساخرة من وضع هذه الجامعة التي أعجب من استمرارها رغم كل الخيبات التي تأتينا منها والتخاذل الذي أصابنا من مواقفها السلبية إزاء قضايانا المصيرية، فأين هي الجامعة العربية مما يحدث في غزة منذ أكثر من عشرة شهور قتلت القوات الإسرائيلية ما يزيد عن 40,000 فلسطيني معظمهم من الأطفال والرُضع والنساء؟ أين هي هذه الجامعة من المجازر الإسرائيلية وتدميرها للقطاع وتجويع أهلها ونشر الأوبئة والأمراض فيها؟! أين هي هذه الجامعة من عشرات الآلاف من الجرحى الذين يعانون من شح الرعاية الصحية بسبب تدمير قوات الاحتلال الإسرائيلية لعشرات المستشفيات والمراكز الصحية في القطاع وينتظرون أن يتم ترحيلهم لدول عربية وغربية لمواصلة علاجهم؟! أين الجامعة العربية من الفظائع في غزة والمشاهد الوحشية التي تُنقل من غزة ولا تملك حتى تشغيل أسطوانتها الدائمة والمليئة بالشجب والتنديد؟! لم تتواجد مثل هذه الجامعة الهزيلة في قلب العاصمة المصرية القاهرة بينما دول الجوار للقطاع والتي تشترك معه بحدود ومنافذ تقف هي الأخرى مواقف المتفرج الصامت؟! لم هذه الجامعة التي استنفذت كل وسائلها المستهلكة وما يحدث في عالمنا العربي أكبر بكثير من دورها الضعيف الباهت؟! لذا أعتقد بأن الوقت قد حان لتنسل خيوط هذه الجامعة وتذوب ولا تُرى بسبب مواقفها التي لم نرها والتي قامت لأجلها وليتها لم تقم صراحة!. من المؤسف أنك في الوقت الذي ترى أوروبا تجتمع حول اتحادها والذي يتكلم ويصدر قراراته نيابة عن الدول والحكومات ويحدد مواقفها من خلاله تجد في المقابل الأمة العربية التي تعاني شتاتا وفرقة لا تستطيع أن تتبنى موقفا موحدا يجمع آراء حكومات وقيادات عربية لأننا نعاني من الشتات الداخلي الذي يجعلنا نخلا خاويا لا يطرح رطبا فإن نددت دولة وعارضت أيدت أخرى ووافقت رغم وضوح الأمر كالذي يحدث في غزة على سبيل المثال لا الحصر، والذي كان يجب أن تستدعي موقفا واضحا وواحدا فإذا بالبعض يبدو مترددا أمام الإدانة أو التصريح بها ووقف في خانة من يندد بالعنف دون أن يحدد جهة ما، فهل ما يجري الآن في غزة ومنذ عشرة شهور كاملة أو يزيد عنها عنف أم إرهاب صريح من كيان محتل تجاه شعب أعزل أم أن قتل كل هؤلاء الأطفال والرضع والخدج ونهش الكلاب الضالة لأجسادهم الصغيرة الضعيفة عنف فقط؟! وهل ما يجري لشعب غزة يمكن أن يضاهي ما يجري للإسرائيليين لتتم المساواة بينهما في عبارات التنديد بالعنف؟! ما هذه الجامعة العربية الجبارة التي لم تستطع مشاهد القتل الإسرائيلية الوحشية أن تجعلها تصدر موقفا موحدا ينم عن مواقف أكثر من 22 دولة عربية تشابهت تهجئة العربية في كلماتهم واختلفت مقومات كل دولة ومبادئها؟! فضوها سيرة وخلصونا من عبء هذه الجامعة المرتهنة بالكامل في يد المصالح لكل دولة فيها بما يخدمها وليس ما يخدم شعوب المنطقة. ولنتذكر بأن بعد الدنيا هناك آخرة وحساب إن كان منكم من لا يزال يظن أن الدنيا هي المحطة الأخيرة لهم وإن الخصوم يتزايدون وقوائم الشكاوى تتضاعف ودعوات المظلومين لا تُرد حتى بعد حين وحينها سوف نتمنى جميعا لو نُرد لنفعل شيئا ولن نفعل!.