15 سبتمبر 2025
تسجيلأعجب من الجامعة العربية وبعض المنظمات والدول التي رحبت بقرار تكليف لجنة تحقيق دولية واستقصاء للحقائق بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على مخيم جنين الفلسطيني وكأن الأمر سوف يحدث وسيتم تجريم إسرائيل وفرض عقوبات عليها وإن جد الجد ستُطرح فكرة عزل إسرائيل إقليميا ودوليا وربما معاداتها علنا ! نعم هي مسرحية إن أردتم وصفا أدق مما يقال أو يُشاع لأننا وإن استنكرنا ورفضنا وشجبنا وغضبنا وأصدرنا بيانات منددة فإسرائيل في منأى كامل عن أي محاسبة وإن كانت شفوية أو حتى شكلية وهي أقوى من أن تواجه لجنة تحقيق على أرض الواقع رغم استنكارها لهذا التوجه الذي يسير إليه مجلس الأمن جديا وقامت باستدعاء السفير الفلبيني لديها لتقديم عريضة احتجاج على تصويت الفلبين بالموافقة على تشكيل لجنة تقصي الحقائق للعدوان الآثم الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة وجنين لا سيما وأن هذا العدوان قد أودى بحياة عشرات من الأطفال الأبرياء الذين طالتهم غارات القصف العشوائي على البيوت المحاصرة لكن ورغم هذا الغضب الذي يظهر على حكومة إسرائيل جراء هذا التوجه فإنها تعلم أكثر من غيرها أن كل هذه الضجة الدولية لن تكون سوى فرقعة سياسية يمكن أن تسبب إزعاجا وصخبا مدويا لكنها سرعان ما سيعم بعدها الهدوء الذي سوف يدغدغ العقول ويدعوها للاستكانة والراحة وأهم من هذا وذاك سيركنها إلى النسيان الذي اعتادت إسرائيل على انتهاج سياسته بإتقان كلما قرعت أجراس جرائمها ومجازرها وعدوانها عاليا فأي لجنة تحقيق وتقص عن حقائق واضحة وضوح الشمس تلك التي سوف تضع إسرائيل في الزاوية تصيح وتنوح وتعد بأيمانات مغلظة أنها لن تعيدها مرة أخرى ؟! ولكننا اعتدنا كلما قامت إسرائيل بإجرامها وأفعالها غير الإنسانية أن نلجأ لردهات مجلس الأمن وكأن له سلطة على الكيانات والمنظمات التي تتشكل على هيئة أشباه الدول وليس ملكا لخمس دول كبرى دائمة العضوية ترفع الفيتو كلما استشعرت أن قرارا تعده جائرا على إسرائيل يمكن أن يتسلل إلى تصويت المجلس ويحظى بموافقة جماعية ولا يمكن لنا كمجموعة من الدول العربية أن تصدر موقفا يمكن أن يؤثر على هذا الكيان الذي يجثم على صدر هذه الأمة وإن صدر فيبدو هشا وهزيلا وقد يشوبه بعض التهاون والموافقة المبطنة برفض شديد من تجريم هذا الكيان الذي يحتل دولة عربية لها مكانتها في وسط الوطن العربي والعالم الإسلامي ومع هذا يبدو قطار التطبيع سريعا نحوها ولذا تتخاذل المواقف العربية بين مواقف مصرة على أن إسرائيل يمارس إجرامه باحترافية عالية بينما يميل الطرف الآخر من العرب إلى تمييع مواقفه بحسب مصالحه التي تتوافق بصورة مريبة مع مصالح وأحلام إسرائيل وتطلعاتها في المنطقة ولذا فإن اللجوء لمجلس الأمن لا يبدو أكثر حظا من الجامعة العربية فكلاهما يتوقف عند الدعوة لتشكيل لجنة تحقيق دولية ولا ينتظران حتى على الموافقة عليها والمضي بها. إسرائيل سوف تمضي في غيها وإجرامها كما ستبقى غزة في مقاومتها الباسلة فلا تطالبوا الدفاع بالتوقف عن حماية نفسه من الهجوم وتتناسون قاتلا يشرع في القتل بصورة عمياء وطرق وحشية ودعوا مجلس الأمن يشكل لجانا ومجموعات وفرقا بينما نحن نعجز حتى على تجريم إسرائيل بشكل يتناسب مع جرائمها وبعيدا عن مصالحنا المتوافقة مع التطبيع معها وتذكروا أن الذي يثبت حتى النهاية هو من يمكنه فعلا أن يصل لمرحلة رفض التطبيع قولا وفعلا وإن كان مآل التطبيع محققا عاجلا كان أم آجلا ولكن تبدو تل أبيب قليلة صبر على هذا وفي النهاية سيصبح التجريم أشبه بالتعويم الذي خدع العرب !.