19 سبتمبر 2025

تسجيل

النظام المعرفي في المجتمع القطري (8)

06 أغسطس 2019

لم يعد هناك خطاب معرفي قطري واضح، وانفرد الريع مباشرة في تكوين نظام معرفي بعيداً عن الاعتبار لأية مسافة بينه وبين المجتمع، يحده مستوى الطموح المرتفع لدى السلطة نتيجة لهذا الالتزام. وأحدث ذلك خللاً ثقافياً ناهيك عن التغييرات المادية السريعة التي أوجدت فجوة بين التاريخ وذاكرة الجيل في مدة قصيرة جدا ، فيمكن بالتالي ملاحظة أن هناك تنوعاً في جميع المجالات إلى درجة الازدواج، وأن هناك تقسيماً ثقافياً لايقوم على الإثراء بقدر ما يقوم ارتباطه كوسيلة للعيش. فأصبح المواطن يثقف نفسه في المجال الريعي الذي تنتجه السلطة وليس أملاً في الثقافة كقيمة أو زيادة في الإثراء، والشعور بالوجود والتأثير وعلى سبيل المثال أنه من الصعب عليك اليوم أن تحصر كم منشورة أو مجلة أبحاث تصدر من قطر؛ ولكن المجتمع لا يدرك ذلك، لتوجهها لفئات معينة دون غيرها ، وأنا شخصياً ، وجدت جهلاً كبيراً وعزوفاً وعدم اهتمام وعدم دراية لدى قطاع كبير من الشباب عن المجلات البحثية المتخصصة والمكلفة التي يصدرها المركز العربي لأبحاث السياسات في الدوحة ، وعدد الفضائيات كذلك يتزايد وعدد المؤسسات بالإضافة إلى الوزارات والإدارات الحكومية، لايمكن حصره عند المواطن ، كل هذا التنوع جميل لو أن القاعدة السكانية والتطور التاريخي هما اللذان يفرزان ذلك . فإذا كان الريع هو «الابستمي»»الشرط»» الرئيس « الذي يشكل النظام المعرفي في المجتمع فلا يجب تقسيمه بشكل يشكل ، للقطريين نظاماً معرفياً تراثياً بدوياً تقليدياً وإعلامياً خاصاً بهم ولباقي السكان نظاماً معرفياً حداثياً ذا خطاب مدني خاص بهم يخاطب به العالم. أعتقد أن الريع نفسه أصبح ثقافة مباشرة في هذه المرحلة دون أن يحتاج للمرور من خلال المواطن بشكل يحفظ نوعاً من المسافة ، ولو حتى شكلية، وأصبحنا أمام مرحلة يسيل فيها اللعاب أمام سحر الريع بشكل غير مسبوق بحيث يصبح مفهوم المثقف أشبه بمفهوم الطلل الذي يظهر من بعيد فقط متأملاً ما يحدث دون القدرة على الولوج والتأثير نظراً لكونه كان أحد خيارات الريع وليس من صميم كينونته. [email protected]